كتبت – نانيس البيلي ومها صلاح الدين: في تمام الحادية عشرة و45 دقيقة صباح أمس الأربعاء، تحرك قطار "خط المناشي" من محطة "إيتاى البارود" بمحافظة البحيرة متجهًا إلى محطة مصر، أعطى كمسري القطار "عبد الستار حسين" وزميله "أحمد عويس" التمام للسائق بتواجدهما على متنه، ثم شرعا في قطع التذاكر للركاب، سارت الأمور بشكل طبيعي طوال 45 دقيقة من وقت التحرك، قبل أن يدوي صوت ارتطام عنيف أثناء دخول محطة "أبو الخاوي". "سمعت خبط جامد في قلب القطر زي ما تكون حاجة انفجرت"، يقول "عبد الستار" وهو يستلقي على سرير مضمدا في جراحه داخل مستشفى دمنهور. حوالي دقيقتين غاب خلالهما الكمسري عن الوعي إثر ارتطام رأسه في أحد المقاعد، بعدها بدأ يدرك ما حوله: "شفت الناس مصابه واللي عمال يقع هنا وهناك والكل بيصرخ"، بدأ يتحامل على نفسه للنهوض غير أن إصابة قدمه أعجزته، والتي احتاج "15 غرزة" لعلاجها، ليكتشف أن جرار قطار آخر وهو قطار البضائع اصطدم بثلاث عربات من قطارهم. على سرير مجاور للكمسري، استلقى أحد أفراد أمن القطار بعدما أصيب في الحادث، وهو واحد ضمن 3 أفراد أمن يتواجدون داخل القطار لضبط الأوضاع، يقول "عبد الستار" إن زميلهم الثاني نجا بينما توفي ثالثهم: "شفته اتشق نصين". يلتقط "عبد الستار" أنفاسه، ويقول إن القدر أنقذه هو وزميله من الموت بعدما كانا ابتعدا عن العربة الثالثة التي انفصل عندها القطار، والتي كان ركابها الأكثر تضرراً: "كان زماني اتفرمت". ذهب "عويس" من مقدمة القطار إلى العربة الأخيرة للبحث عن زميله "عبد الستار"، بعدما اطمئن قليلاً على سلامته، هرول صوب شريط السكة الحديدية بدلًا من "عبد الستار"؛ لوضع "كبسولات الوقاية" للتنبيه على القطارات القادمة بوجود حادث بالمكان حتى لا تتكرر كارثة أخرى. تجاه برج محطة "أبو الخاوي"، تحرك "عبد الستار" مستندا على زميله "عويس" الأقل إصابة منه لطلب الإسعاف والإبلاغ بوجود حادثة، كذلك التنبيه على المحطة السابقة "كوم حمادة". "أول سيارة إسعاف وصلت بعد حوالي ساعة"، يقول "عبد الستار" بنبرة غاضبة. تفاصيل سيئة تركها الحادث المروع في نفس الكمسري الذي لم يتعرض لمثله طوال 17 عاما عمل بها في هيئة السكك الحديدية، بينما يقول إن أكثر المواقف الإنسانية التي ربما تبعث الأمل لديه هي دور سكان القرية في نقل المصابين والضحايا، وكذلك استرداد عهدته من دفتر تذاكر الركاب بعدما فقده وقت الحادث.