بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في السادس من ديسمبر الجاري، اعتراف بلاده بالقدس عاصمة لإسرائيل، وطالب وزارة الخارجية الأمريكية ببدء الاستعدادات لنقل السفارة من تل أبيب إلى المدينةالمحتلة، اشتعل الغضب والجدل في الشارع الفلسطيني. وقادت حركتا فتح وحماس مظاهرات حاشدة في المدن الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة، ضد قرار ترامب بشأن المدينة المقدسة، واجهتها قوات الاحتلال بالعنف ما أدى إلى وفاة ستة فلسطينيين على مدار الأيام الماضية، وإصابة المئات من المواطنين. لكن في الشارع السياسي العربي والدولي دار النقاش، حول إمكانية اتخاذ القيادة الفلسطينية قراراً بحل السلطة الوطنية، كخطوة ترد بها السلطة في رام الله على قرار ترامب، الذي تفاخر باتخاذ ما نأى أسلافه من الرؤساء الأمريكيين عنه، منذ منتصف خمسينات القرن الماضي. ويعني حل السلطة الفلسطينية انسحابها من اتفاقية أوسلو، والاتفاقيات التي وُقّعت بين الفلسطينيين والإسرائيليين قبل 25 عاماً. تقول سلوى هديب، عضو المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، إنه ليس من الوارد حتى اللحظة حلّ السلطة الفلسطينية. وتضيف هديب في تصريح لمصراوي، أن الوارد في خُلد القيادة الفلسطينية هو إعلان أنها في حِل من اتفاقية أوسلو. وتعتبر اتفاقية أوسلو التي وقعت في 13 سبتمبر 1993، أول اتفاقية رسمية مباشرة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. وبمقتضى اتفاقية أوسلو 1993؛ التزمت منظمة التحرير الفلسطينية على لسان رئيسها ياسر عرفات، "بحق دولة إسرائيل في العيش في سلام وأمن والوصول إلى حل لكل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع الدائمة من خلال المفاوضات". وبالتوقيع عليها، أقرت حكومة إسرائيل على لسان رئيس وزرائها اسحق رابين، الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً عن الشعب الفلسطيني وبدء المفاوضات معها. لكن هديب تؤكد أن إسرائيل تخلت عن أوسلو منذ عام 1997 وما بعدها، بعدم تطبيق بنود الاتفاقية، موضحة أن اتفاقية فيينا لعام 1969 بشأن قانون المعاهدات، تنص على "إذا تخلى أحد الأطراف عن تطبيق بنود الاتفاقيات الثنائية أو المتعددة ولم ينفذ شروطها كما تم التوقيع عليها يعتبر الطرف الآخر في حِل من هذه الاتفاقية". نفس الأمر عبر عنه عبد الإله الاتيرة، عضو حركة فتح، إذ يقول إن اتفاقية أوسلو قتلها الاحتلال منذ بعيد. ويضيف الاتيرة، في تصريح لمصراوي بقوله "نحن ذاهبون إلى خطوات أبعد، لن يكون فيها تنسيقاً مع الاحتلال، حتى يتسنى لنا القيام بمقاومة شعبية شاملة ومقاطعة كل ما هو إسرائيلي". وقال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أول أمس الأربعاء، خلال القمة الطارئة لمنظمة التعاون الإسلامي لبحث قرار ترامب بشأن القدس في إسطنبول، إن "السلطة الفلسطينية باتت بحِل من كل التزاماتها بعدم الانضمام إلى بعض المنظمات الدولية". وتقول هديب إن "خطوة السلطة الفلسطينية القادمة هي استمرار العمل الدبلوماسي على المستوى الإقليمي والدولي لعزل أمريكا وإسرائيل دوليًا، ومقاطعة منتجاتهم الاقتصادية، واستدعاء ممثل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية من واشنطن، إلى جانب طلب السلطة الفلسطينية من الدول الشقيقة والصديقة في العالم إغلاق سفارات أمريكا وإسرائيل في دولهم، والتواصل مع كل الأحزاب السياسية في كل العالم للضغط على أمريكا وإسرائيل للتراجع عن القرار". "أما على المستوى الشعبي والجماهيري، ستستمر المظاهرات الشعبية ومسيرات الفصائل والنقابات والاتحادات في فلسطين، وسيتم وضع برنامج يومي للاشتباك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في نقاط التماس، وإرباك المؤسسات الصهيونية بالبرنامج الوطني الفلسطيني بدءً من المدارس والجامعات"، تضيف هديب. ويردف الاتيرة أن "المرحلة القادمة ستكون قاسية، وستكون كل الاحتمالات مقترحة، ومن بينها خيار تسليم مفتاح السلطة إلى الأممالمتحدة". تقول هديب إن "السلطة الفلسطينية ستتوجه إلى الرباعية- الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي وأمريكا وروسيا- باستثناء أمريكا بالطبع، لرفض قرار ترامب، وهناك تضامن كبير وملحوظ من فرنسا". وينهي الاتيرة حديثه بأن "صراعنا مع المحتل مفتوح، لكن لن نحرق كل الأوراق دفعة واحدة".