مع مرور نحو 6 سنوات على الحرب السورية، لازالت القوى الفاعلة في المشهد هناك، والدول الغربية الكبرى، في مؤتمرات واجتماعات ومحادثات لوضع رؤية سياسية تُنهي الأزمة التي خَلفت وراءها ملايين الضحايا والمُصابين والمُشردين في عَراء العالم. بعد جولة "أستانة السابعة" ومؤتمر "الرياض"2، تُعقد الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف الأسبوع الجاري، بعدها بأيام مقرر أن يبدأ مؤتمر "سوتشي" في روسيا. وكان أحد المقترحات أن تُستأنف مفاوضات جنيف الثلاثاء المقبل، ثم تعلَّق لحين مشاركة الأطراف السورية في مؤتمر الحوار السوري بسوتشي في 2 ديسمبر المقبل، على أن تُستأنف الجولة الثامنة من جنيف في 9 من الشهر ذاته، لكن الأمور تغيّرت لتصبح الأولوية لمفاوضات جنيف، الأمر الذي بدا وكأنه سباقًا بين المحادثات التابعة للأمم المتحدة، التي تدعمها واشنطن، وسوتشي التي تدعمها موسكو، وتحشد لها في أنقرة وطهران لجهة إطلاق مسار الإصلاح الدستوري. ويرى عادل الحلواني، مدير مكتب الائتلاف السوري المعارض – الذي أعلن عدم مشاركته في مؤتمر سوتشي- أن مؤتمرات سوتشي والرياض أو حتى أستانة، ما هي إلا خطوات تمهيدية لمحادثات جنيف، وهم ليسوا بعيدين عن المؤتمر التابع للأمم المتحدة، الذي يُعتبر الركيزة بين المعارضة السورية والنظام. وقال الحلواني، لمصراوي، إن مؤتمري أستانة وسوتشي رغم انعقادهما برعاية أطراف فاعلة ومؤثرة داخل الأزمة السورية (روسيا وتركيا وإيران)، إلا أنهما لم يسحبا البساط من محادثات جنيف. وعن إعلان الائتلاف عن عدم مشاركته في المؤتمر، قال المعارض السوري، إن القرار جاء قبل مؤتمر "الرياض 2" الذي عُقد في الفترة من 22 إلى 24 نوفمبر، مشيرًا إلى أنه غير واثق من ثبات الائتلاف على موقفه من "سوتشي". ولم تُنهِ محادثات جنيف الأزمة التي تسببت في مقتل نحو نصف مليون شخص، الكثير خلال 7 جولات سابقة، لكن الجولة المقبلة تتميز عن سابقيها، بوجود وفد موّحد للمعارضة السورية للمرة الأولى، والذي تم الاتفاق عليه في خضم مؤتمر "الرياض 2"، حيث من المقرر أن تناقش تلك الجولة مصير الرئيس السوري بشار الأسد، الذي اتفق وفد المعارضة في الرياض على وجوب رحيله ونظامه عن السلطة. محادثات "سوتشي" لن تختلف عن مؤتمر جنيف، وفق وكالة الأنباء السورية "سانا"، إذ أنه من المقرر أن ينبثق عن المؤتمر لجنة لمناقشة مواد الدستور الحالي، وإجراء الانتخابات التشريعية بعدها، الأمر الذي وافقت عليه الحكومة السورية بعد ضغوط من روسيا. وتتوقع بهية مارديني، عضوة الأمانة العامة في تيار الغد السوري، أن يكون المحور الأساسي للقاء الذي سيتم في سوتشي استكمال مسار أستانة، مؤكدة أن المؤتمر لا يلغي جنيف بالمطلق بل يدعمها. وقالت عضو تيار الغد، لمصراوي، أنه في محادثات جنيف سيجرى مناقشة "الحكم، الدستور، الانتخابات، ومكافحة الإرهاب"، للوصول إلى نتائج لحل الأزمة. وشددت "مارديني"، على أنه يجب على السوريين الاتفاق حول صيغة لإعادة توحيد البلاد من خلالها، موضحة أن مؤتمر سوتشي "مسار أتمنى أن يؤدي إلى إحداث تقدم في مفاوضات جنيف التي لم تسفر عن أي تقدم منذ سنوات". وأشارت إلى أهمية محادثات أستانة وسوتشي: "مسار أستانة يتعلق بوقف إطلاق النار والملف العسكري تحديدًا، أما سوتشي فهو مشروع يرمي للوصول إلى محددات دستورية وعقد اجتماعي جديد وإيجاد صيغة تمكن السوريين من وقف الحرب، والبدء ببناء وطن موحد وذلك بناء على صيغ تتفق عليها الأطراف المشاركة". كان تيار الغد السوري أعلن تفاؤله بمؤتمر سوتشي الذي دعت إليه روسيا، وأوضحت "مارديني"، أن التيار اقتنع بفكرة المؤتمر وقبل المشاركة فيه لأنه مسار من أجل وقف الحرب وإرساء دعائم تمكن السوريين من وقف الحرب والاتفاق على عقد اجتماعي ودستور جديدين، مشيرة إلى أن التيار من خلال مشاركته في المؤتمر سيعمل جاهدًا أن تكون هناك لجان تتعامل مع الحالات الإنسانية وملف المعتقلين والمناطق المحاصرة. أما عن أهمية وجود روسيا في المحادثات السورية، ترى، أن موسكو تملك أغلب أوراق الحل وهي تعمل ضمن تفاهمات بينها وبين الولاياتالمتحدة ومنها مرجعية القرار 2254. كانت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية نشرت الوثيقة التي أعدتها موسكو من أجل مؤتمر سوتشي، والتي نصت على أن المؤتمر، يهدف إلى "تسهيل إطلاق العملية السياسية بقيادة سوريا، بصورة تتفق مع الطموحات المشروعة للشعب السوري، وتأكيد الشروع في صياغة الدستور لإجراء انتخابات ديمقراطية بمشاركة جميع السوريين، وفق الدستور الجديد وتحت إشراف الأممالمتحدة، وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254".