بأمر الحي.. عبد الكريم يعيش وحيدا بين الركام والقمامة والثعابين

استبشر "محمد عبد الكريم" الأربعيني الأعزب، خيرا عندما بدأ حي دار السلام هدم منازل منطقته في عزبة خير الله، ونقل الأهالي لمدينة جديدة ضمن خطة الدولة لتفريغ المناطق الأكثر خطورة، وصلت أعمال الهدم للمنزل الذي يعيش فيه، لكن ولسبب غير معروف أبقى المسئولون على غرفتين فقط إحداها غرفته مبررين ذلك بعدم أحقية من يعيش بهما في الحصول على وحدات سكنية.
انتهت عملية الإخلاء والهدم والنقل، وترك الحي "عبد الكريم" مع جارة مسنة وسط الأطلال والركام، قبل أن تهرب الجارة بحياتها بعدما رأت عقربا في غرفتها.
"دلوقتي أنا قاعد في خرابة، عايش في وسط زبالة".. جملة غاضبة أطلقها "عبد الكريم" كالقذيفة، قبل أن يسرد معاناته المستمرة منذ إخلاء غرف المنزل المتواضع قبل أكثر من عام، باتت العقارب والثعابين زائرا مقيما بين أكوام الطوب، وكثيراً ما تتسلل لغرفتي.
بات البقاء في الغرفة خطرا على حياة الموظف الحكومي لكن في نفس الوقت تمنعه قلة الحيلة من مغادرة الغرفة "مفيش حتة تانية أروح فيها، أروح فين؟".
قبل شهرين، كانت عجوز ستينية تقطن بالغرفة الثانية التي لم تخل بالطابق الثاني بالعقار، لكنها أصيبت بحالة من الهلع بعد مشاهدتها "عقرب" داخل غرفتها لتغادر إلى شقة نجلتها بمنطقة قريبة "خدت بعضها وراحت تبات عند بنتها، لكن أنا قاعد راضي بنصيبي"، يقول "عبد الكريم" بأسى.
استمرار أعمال الإخلاء وهدم عدد كبير من منازل العزبة، زاد أوضاع "عبد الكريم" مأساوية، يقول "عبد الكريم" إنه أصبح يعيش وسط خرابات "الوساخة حوالينا في كل مكان، وراء مني بيوت مهدودة، وفي البيت اللي عايش فيه نفسه حاجات مهدودة".
ويشير إلى ارتكاب أعمال خارجة عن القانون داخل تلك المنازل المتهدمة، "بنلاقي حد بيضرب إبر في الخرابات".
"كعب داير" يذهب "عبد الكريم" كل يومين إلى الحي للمطالبة بحقه في الحصول على شقة مثل باقي جيرانه "عمال أتمطوح كل شوية في الحي"، غير أن أفراد الحي يردون بإجابات مقتضبة لا يفهم منها سبب التأجيل "رغم إن رئيس الحي قالي إنت تستحق".
مسكن آدمي هو كل ما يطمح إليه "عبد الكريم"، فيقول إنه ضاق ذرعًا من تهديد العقارب والثعابين التي تشاركه غرفته، وبات لا يحتمل الروائح الكريهة التي تنبعث من القمامة المنتشرة بالمنازل التي أخليت من سكانها "نفسي أعيش عيشة نضيفة، عايز حقي.. أكتر من كده مش عايز".