حذّرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، من خطط إيرانية روسية مع الرئيس بشار الأسد، للسيطرة على كامل سوريا؛ باستغلال اتفاق خفض التصعيد، واعتبرت ذلك بمثابة "غزو إيراني كامل" للأراضي السورية، مُشددة على ضرورة أن تواجه إدارة دونالد ترامب تلك الخطط. واستهلّت الصحيفة تقريرها بالقول "بينما تحتفل إدارة ترامب باتفاق جديد يهدف إلى تجميد ساحة المعركة في جنوبسوريا، يستعد نظام الأسد وإيران للمرحلة التالية من الحرب طويلة الأمد، والتي سيحاولان فيها غزو بقية البلاد. في الوقت الذي يعتمد فيه نجاح إيران -إلى حدّ كبير- على ما إذا كانت الولاياتالمتحدة تعترف بالاستراتيجية التي وقّعتها". وتابعت: "يتدفّق آلاف المقاتلين من طهران إلى الأراضي المُسيطر عليها حديثًا، كما تبني إيران قواعد عسكرية هناك. وعلى الرغم من أن القوات التي تدعمها الولاياتالمتحدة تحتل أراضي شرق نهر الفرات في جنوب شرق سوريا، وكذلك على طول حدود إسرائيل والأردن في الجنوب الغربي، فقد أعربت إيران عن نيّتها مساعدة بشار الأسد على استعادة كل الأراضي السورية". وأشارت الصحيفة إلى رصد قائد فيلق الحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، مؤخرًا في مدينة دير الزور شرق سوريا، ما يعكس الأولوية القُصوى للاراضي الغنيّة بالنفط بالنسبة لإيران، كما تم رصده بالقرب من مدينة البوكمال، الواقعة على الحدود من مدينة "القائم" العراقية، وهي آخر نقطة للجسر البري الذي تسعى إيران إلى إقامته من طهران إلى بيروت. وأضافت أن "اتفاق ترامب مع فلاديمير بوتين في آسيا قوبِل كوسيلة لضمان بقاء المناطق المُحرّرة من سوريا خارج سيطرة الأسد وتوفير خروج للمقاتلين الأجانب. غير أن أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قال إن موسكو لا تعتزم دفع إيران إلى سحب قواتها من سوريا". وتتساءل الصحيفة: فما الذي يمكن عمله؟ وتجيب قائلة إن فرقة عمل لكبار المسؤولين الدبلوماسيين والعسكريين السابقين في الولاياتالمتحدة قدّموا اقتراحات حول كيفية وقوف ترامب أمام إيران لمنعها من الاستيلاء على ما تبقى من سوريا المُحرّرة، والوفاء بوعده باحتواء النفوذ الإيراني في المنطقة. وعلى نحو بالغ السرعة، شدّد تقرير صادر عن المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، على ضرورة فرض الولاياتالمتحدة عقبات حقيقية أمام مساعي طهران لتحقيق نظام الأسد النصر الكامل"، وقال إن "الوقت هو جوهر المسألة". وفي هذا الصدد، استعرضت الصحيفة ثلاث خطوات ينبغي على ترامب اتخاذها لمواجهة المساعي الإيرانية لغزو سوريا. وقالت "أولًا، يجب على الولاياتالمتحدة أن تعلن سياسة واضحة في سوريا تزيل الشكوك بأن الولاياتالمتحدة لن تسحب قواتها الآن بعد سقوط تنظيم داعش. على أن تلتزم تلك السياسة بضمان الوجود العسكري الأمريكي برًا وجوًا؛ لضمان عدم عودة داعش وعدم سيطرة الأسد على البلاد بأسرها". وثانيًا، "ينبغي على إدارة ترامب زيادة مساعدتها للمجتمعات السُنيّة المحلية بالقدر الكافي للعيش خارج حكم الأسد، ومساعدة الجماعات المحلية التي تدعمها الولاياتالمتحدة على إقامة أراضٍ قيّمة في جنوب شرق سوريا، بما يعود بالمنافع الاقتصادية على المجتمعات المحلية، ويُزيد من آلية الضغط السياسي على الأسد". الأمر الثالث، بحسب الصحيفة، "يجب على الولاياتالمتحدة أن تتعاون مع الحلفاء الإقليميين لمنع إيران من نقل الأسلحة والقوات إلى سوريا، بما يستدعي مراقبة الشحنات عن طريق البحر، وضمان مراقبة القوات التي تدعمها الولاياتالمتحدة للبلدات الحدودية الرئيسية في سورياوالعراق". واكّدت الواشنطن بوست أن هذه الخطوات يُمكنها كبح جِماح المساعي الإيرانية دون الدخول في نزاع مُسلّح مع طهران. ونقلت الصحيفة عن الجنرال المتقاعد من القوات الجوية، تشارلز والد، قوله: "إننا بحاجة إلى قطع قدرة إيران على بناء هلالها المؤثر". وقال "إننا بحاجة إلى مواصلة بناء تحالفات مع دول بهذه العقلية". ورأت الصحيفة أن ترامب كان على صواب عندما أشار إلى أنه سيتم التعامل مع اليد الرهيبة في سوريا، في إشارة إلى إيران. ولفتت إلى أن سياسة إدارة أوباما السابقة الداعمة للمتمردين السوريين ولطهران تسببت في ما آل إليه الوضع اليوم، وهو ما يجب ألا يُكرّره ترامب. وأردفت: "ليس هناك شهية في الولاياتالمتحدة لبعثة عسكرية طويلة الأمد في سوريا، ولكن دروس الانسحاب الأمريكي من العراق في عام 2011 ما تزال عالقة في أذهان القادة العسكريين". وأشارت إلى تعهّد وزير الدفاع الأمريكي، جيم ماتيس، الأسبوع الماضي، ببقاء القوات الأمريكية لمنع ظهور ما أطلق عليه "داعش 2"، وحتى تنتهي العملية السياسية من الأرض. ونوّهت إلى أن مصلحة الأمن القومي الأمريكي واضحة، وأن السيطرة الإيرانية طويلة الأمد على المناطق السورية المًحرّرة من النظام وداعش، من شأنها أن تتسبّب في مزيد من عدم الاستقرار، وزيادة مستوى التطرف وإطالة الأزمة على المدى الطويل". ورأى المدير التنفيذي لمهمة الطوارئ السورية، معاذ مصطفى، أن "تحالف الولاياتالمتحدة مع قواتها الشريكة على الأرض كان مفتاح هزيمة داعش، ولكن تحرير السوريين من قبضة داعش وتسليمهم إلى أيدي إيران لن يقود إلا إلى إدامة التطرف في البلاد". واختتمت الصحيفة بالقول: "طالما أُخبِرنا بأنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية، وهو أمر صحيح. ولكن الصحيح أيضًا هو أنه لا يمكن التوصل إلى حل دبلوماسي في الوقت الذي تواصل فيه إيران والأسد تحقيق النصر العسكري وفرضه كأمر واقع".