"نور الله".. حكاية 3 أشقاء مكفوفين أضاء "القرآن" حياتهم (صور)

أن تكون أبًا لطفل مكفوف، أو أمًا لطفلة حرمت من نعمة الإبصار، مشكلة كبيرة في بلد لا يلقى فيها ذوي الإعاقة، أيا كان نوعها، الرعاية الكافية، فما بالك بأن يرزقك الله 4 أبناء، منهم ثلاثة مكفوفين.
في مساكن الحرمين، بمنطقة المندرة شرقي الإسكندرية، كان لأسرة "أحمد حسن عبدالحليم" رأيًا آخر بعدما تحول العائق إلى دافع، عندما تسلل نور القرآن الكريم لينير قلوب وحياة "محمد وفارس وملك" ويعوض فقدانهم نور البصر منذ ولادتهم.
رحلة قاسية يقطعها "محمد" و"فارس" يوميًا وصولًا إلى مدرسة النور للمكفوفين بمنطقة زيزينيا، لا تنتهي المعاناة إلا بمزيد من المثابرة على التعلم عند العودة إلى المنزل، وعناق أم جلست تنتظرهما بعد أن أحضرت الصغيرة "ملك" من الحضانة.
ولكونه النور الذي يضيىء الحياة والبصيرة بالنسبة لهما، سرعان ما يبدل "محمد" الطالب بالصف السادس الابتدائي، و"فارس" الطالب بالصف الرابع الابتدائي، ملابسهما استعدادا للذهاب إلى دار "الصباح" لتحفيظ القرآن.
وعلى أريكة بصالة منزلهما الذي تشعر بين أركانه بسكينة واطمئنان يصعب وصفها، جلس "محمد" يصدح بصوته العذب، ويرتل ما تيسر من آيات كتاب الله، وبجواره جلس والده "أحمد حسن عبدالحليم" منصتًا تعلو وجهه ابتسامة رضا وفخر بنجله الأكبر.
"الله يفتح عليك.. ما شاء الله".. كلمات قالها الأب بعد أن انتهى نجله من قراءة آيات من سورة "الفرقان"، مشيرًا إلى أن محمد يمتلك موهبة أخرى في إلقاء الأغاني والأناشيد الوطنية بصوت عذب.
براوية "حفص عن عاصم " حفظ الابن الأكبر "محمد" القرآن الكريم كاملًا وعمره 8 سنوات، واضعًا أمامه الشيخين محمد صديق المنشاوي، ومصطفى إسماعيل قدوة ومثل أعلى.
وأضاف الأب: "أنا على باب الله أعمل باليومية رزق يوم بيوم.. لكن ربنا يقدرني وأعلم ولادي وأشوفهم من أفضل المقرئين القرآن في مصر"، مشيرًا إلى أن "فارس" يحفظ 7 أجزاء من القرآن الكريم حتى الآن، وفاز مؤخرًا بالمركز الأول بمسابقة منطقة الإسكندرية الأزهرية.
شهادات تقدير وجوائز عديدة حصل عليها "محمد" الفائز بالمركز الأول في حفظ القرآن الكريم، من وزارة التربية والتعليم والمنطقة الشمالية العسكرية والأزهر الشريف.. يقول عنها الأب: "محمد وفارس وملك.. عطية ربنا وربنا بإذن الله هيكرمني بيهم".
26 سبتمبر 2016 تاريخ تحفظه عائلة "أحمد حسن" جيدًا، فهو اليوم الذي أشاد فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، ب"محمد" عندما قرأ بعض آيات القرآن الكريم أثناء افتتاح مشروع "بشائر الخير1" في الإسكندرية.
ويتذكر "محمد" ما دار من حوار بينه وبين الرئيس، قائلًا: "سألني الرئيس ما إذا كنت احتاج شيء.. فطلبت منه الحصول على ماكينة تتبع لتساعدني على القراءة والكتابة".
"مش مكنة واحدة هنجبلك 100 مكنة".. هكذا رد الرئيس على طلب "محمد"، ليكلف بعدها الرئيس اللواء محمد الزملوط، قائد المنطقة الشمالية العسكرية – وقتها – بتوفير الماكينات لمدرسة النور بزيزينيا.