انطلاق الملتقى التوظيفي لزراعة عين شمس، غدا    وفد اليونسكو يزور معهد الموسيقى العربية    رئيس جامعة بني سويف: 6 يوليو بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني بمركز التعلم المدمج    إقالة نائب رئيس مدينة بالشرقية لإهماله وتقصيره في عمله    «التعليم»: 14 ألفًا و600 معلم استلموا عملهم خلال مسابقة ال30 ألف معلم    زراعة المنيا تناقش خطة مكافحة القوارض بعد حصاد القمح    الرئيس السيسي يتوجه إلى البحرين للمشاركة في القمة العربية    شكري: مصر لا تحيد عن مبادئها المتسقة التي تخدم مصلحة الشعب المصري    بلينكن: استعادة القدرة التشغيلية للجانب الفلسطيني من معبر رفح ضرورة ملحة    14 مليار دولار.. رئيس الوزراء: تسلمنا الدفعة الثانية من صفقة تطوير رأس الحكمة    الأمم المتحدة: أكثر من 7 ملايين شخص يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي بجنوب السودان    وسام أبو علي: نهائي إفريقيا ضد الترجي هو أكبر مباراة أخوضها في حياتي    تفاصيل الاجتماع الأمني لمباراة الزمالك ونهضة بركان في نهائي الكونفدرالية    تصفيات كأس العالم - بيرسي تاو على رأس قائمة جنوب إفريقيا لمواجهة نيجيريا وموزمبيق    نائب محافظ البحيرة تتفقد عددًا من المدارس لمتابعة سير امتحانات الشهادة الإعدادية    «التعليم» تحدد أخر موعد لرفع ملف الأنشطة للطلبة المصريين بالخارج    مصرع طفل غرقا خلال لهوه على حافة بحر النزلة بالفيوم    اليوم الأول لمهرجان كان.. لقاء مفتوح مع ميريل ستريب وإعادة فيلم الافتتاح    حظك اليوم وتوقعات الأبراج.. الأربعاء 15 مايو    الصحة: تقديم الخدمات الطبية ل898 ألف مريض بمستشفيات الحميات    قبل بدء موسم الحج 2024.. نصائح وإرشادات هامة لصحة الحجاج (تفاصيل)    تحرير (148) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    «التضامن»: في مقدمة المخاطر والويلات التي تشهدها المنطقة الحرب الإسرائيلية على غزة (تفاصيل)    انطلاق الامتحانات العملية بجامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر.. صور    العمل: إطلاق حملة "معاً نحو بيئة عمل آمنة" بمجمع إعلام بورسعيد    انهيار جزئي بمنزل دون إصابات بسوهاج    محافظ الجيزة يتابع خطة رصف طريق البراجيل أسفل محور 26 يوليو الجديد    شكري: تحركنا نحو محكمة العدل الدولية لمنع الإبادة الجماعية في غزة    أول تعليق من سلمى أبو ضيف بعد إعلان خطبتها    مدبولي: صرف تعويضات لأصحاب المنازل المجاورة لمساجد آل البيت والأضرحة    إنعام محمد علي تكشف مفاجأة حول المرشحة الأولى لبطولة «ضمير أبلة حكمت» قبل فاتن حمامة    نسرين أمين: أحداث فيلم "ولاد رزق 3" مختلفة وأكثر تطورًا    الصورة الأولى لأمير المصري بدور نسيم حميد من فيلم "Giant"    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    جهاز تنمية مدينة الشروق: قرعة علنية للمساحات التي تم توفيق أوضاعها بمنطقة الرابية    وكيل «تعليم مطروح» يشارك تقييم مسابقة إنتاج الوسائل التعليمية المبتكرة بإدارة العلمين    «حياة كريمة» تطلق قافلة تنموية شاملة إلى قرية شماس بمركز أبو النمرس    رئيس استئناف القاهرة يفتتح قسم الترجمة بعد التطوير    الداخلية: ضبط 25 كيلو مخدرات و132 قطعة سلاح بالدقهلية    الصحة تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    كاتب صحفي: مصر تمتلك مميزات كثيرة تجعلها رائدة في سياحة اليخوت    «النقل» تكشف تفاصيل التشغيل التجريبي ل5 محطات مترو وتاكسي العاصمة الكهربائي    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    ضبط 14293 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    97 % معدل إنجاز الري في حل مشكلات المواطنين خلال 3 سنوات    رئيس الوزراء الفلسطيني: شعبنا سيبقى مُتجذرا في أرضه رغم كل محاولات تهجيره    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    ضبط 572 صنف سلع غذائية منتهية الصلاحية في الفيوم    «إكسترا نيوز»: قصف مدفعي إسرائيلي عنيف على عدة مناطق في رفح الفلسطينية    حكم طواف بطفل يرتدي «حفاضة»    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    علي معلول: سنعود بنتيجة إيجابية من تونس ونحقق اللقب في القاهرة    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحافة الورق .. هل بقى شيء غير حنين المحبين ؟
نشر في مصراوي يوم 04 - 08 - 2017

كمعظم المحبين الأصلاء، لن ينصت الصحفي المحتشد بالذكريات وملمس الورق ورائحة الحبر لكثير مما صار يجري فى العالم، سيعرفه وقد يتأمله قليلا ثم يتجاهله، وينصرف الى استدعاء حنين صحيفته الورقية التى عاشت معه "أحلى أيام العمر"، ليتم تدشين حنين جماعى آخر ينمو، ولن يرى هنا تحولات المحبوب وصفاته التى استجدت بفعل الزمن، وياله من صانع للأثر ومغير لتفاصيل مانعرف، سيظل متشبثا بالصور القديمة، حيث الأبيض والأسود ظلالا تترامى على الورق تاركة حنينها.
لن يقف كثيرا عند فكرة بديهية بسيطة تماما، هى أن مهنة الصحافة ليست فى الورق ذاته وليست أيضا فى صناعة الورق وطباعته، وأن الورق كان وسيطا تاريخيا، شاء له الزمان أن يمضى أو كاد، كما مضى الحال مع كل الأشياء الوسيطة بين هدفين، السفر بالجمال مثلا وتخوف الناس الأول والتاريخى من سفائن البحر والطائرات، ثم مضى كل ذلك ليصير الجمل عنصرا كرنفاليا يحضر فى الإحتفالات ويحمل لقبا مزخرفا هو " سفينة الصحراء".
لن تستطيع أن تقول شيئا واضحا وحاسما يقنع الشغوفين بالبحث عن مستقبل جديد لصحافة المطبوع، إذ يقفون عند محطته لايغادرونها، لن يجدى سرد الأرقام من الإحصائيات الدولية والمحلية المتوالية كل عام تعريفا بما سيأتى، ستنتظر حتمية التحولات دون أن تقول أن للحنين مجالا شخصيا لاتتسع له ساحة الصناعة وتحولاتها، وهم سيصفونها بأنها صناعة بلا قلب، وسيمضون يجوبون العالم يستحضرون تجربة من الهند أو أمريكا اللاتينية يعيش فيها المطبوع متوجعا، وفى ظروف ما جد مختلفة، وينسون أنهم باستحضارهم مثلا واحدا فريدا من كل العالم إنما يؤكدون قانون مضى الأشياء.
يحدث الكثير مما لايمكن فهما اقتصاديا أو صناعيا أو إستثماريا أو حتى من قبيل النظر الى حجم القراء فى مجال الصحافة المطبوعة فى مصر، ستفهمه جميعه فى سياق تداعيات الحنين، حيث غياب مفاهيم الصناعة عن الصحافة بشكل موسع، وفى وقت صارت فيه كل الإصدارات الورقية – إلا ماندر ويتقلص عائده مع الوقت تأكيدا- مكلفة تماما بمعيار قدرة المستهلك وتكلفة الإنتاج وحجم الإطلاع وعادات القراءة المتشكلة والنامية، وسيدهشك أن سوق إعلان الصحف يظل أيضا يناجى محبوبته الورقية رغم خفوت توزيعها وتقلص نسب حضورها، سيكون رغبة البعض فى الصفحة المطبوعة والإسم المطبوع جزءا من تاريخه الإنسانى والشخصى وثقافته الذاتية، ثم إنها رائحة الحبر وملمس الورق، لا بأس بهذا الحنين ولكن ماذا عن الصناعة، وماذا يجدر أن يحدث؟، لن تسمع الكثير.
سيحدث التحول الإعلانى البطئ فى السوق الصحفى المصرى أيضا دفعة واحدة كما أتوقع، وحين تمتلك الصحف الإليكترونية إستراتيجيات تسويقية وإعلانية لايؤسس لها ويديرها أصحاب تجارب الصحافة المطبوعة وحدهم، سيأتى كل ذلك قريبا تماما، إنه جزء مما يجرى فى العالم، ثم إنه بعض طباع الحياة وبعض قصص غدرها بالمحبين الذين ينظرون إلى ماكان ويثبتونه حاضرا.
تحدث التحولات ومجالات التطور ليس فقط فى الصحف المطبوعة بل تمتد الى التليفزيون بصيغته وشاشاته القليدية، حيث أن وسائط التواصل الإجتماعى يتسارع حضورها كمنصات بث ونشر للمحتوى التليفزيونى التقليدى، وتكاد تزيح وبقوة دور التليفزيون التاريخى فى علاقته بالمشاهد، وحيث تنمو وتترسخ عادات وثقافات جمهور الشباب والاطفال المتسلحين بأنماط تعامل مع وسائل الإعلام وتستقر مع الوقت كتوجهات وأنماط تفاعل راسخة، لها مردود مالى واستثمارى ضخم، تعمل عليها تطورات صناعة الميديا، وحيث نشهد أيضا إلغاء كل ترددات إذاعات FM فى النرويج، وتليها بريطانيا وغيرها من دول أوروبا تحولا نحو البث على نظام تقنية البث الصوتى الرقمى بما يتيحه من أمكانيات وإتاحات تفاعلية لمنصات رقمية جديدة.
لن يبحث المستمع الجديد عن زر الراديو، ولن يشاهد مؤشره العمودى يتحرك بين الترددات وهو يضبطه على ترددات موجاته الأثيرة، لكن لن يختفى الراديو، فقط ستختفى طقوسه القديمة، ويتيح ذلك ليس فقط استمرار ونمو وظيفته بل أن يدمج من طبيعة الوسائل الإعلامية الاخرى نموذجا متداخلا يتيح لمستمعيه خدمة تتناسب مع الأذواق وتتيح أيضا طرائق ذكية ويسيرة فى اختيار المحتوى الإذاعى.
ليست منصات الإنترنت ومواقعه زائدة صحفية، أو هامش على متن صحيفة ورقية، ولايجدر بها أن تكون، بل أن العمل معها والإشتغال عليها وفق تفكير كهذا يضيق من أى تصور مبدع لتطوير خدماتها، ثم أن الرهان على مستقبل الصحافة لابد وأن يدرك أن المطبوع صار صيغة تضيق وتناسب حالة المجلات أكثر، خاصة تلك التى تعتمد على محتوى موسع من الصور والمضمون الترفيهى، ونمط كتابة له خصوصية، وشرائح قراء أكثر قدرة مالية.
التحول نحو صحافة الأون لاين لايجب أن يكون اضطرارا أو ترشيدا أو استكمالا، بل إستثمارا حقيقيا، يراهن على إبداع جديد وجمهور كبير ينمو، يمتلك طريقة حياة مختلفة ، وهو أمر يقتضى تجاوز حشد المواقع الصحفية بالمحتوى التقليدى، أو كون المواقع والبوابات ظهيرا ثانويا للصحف الورقية أو مجالا خلفيا لما ينشر بها، وحيث يمكن عبر محاولة بسيطة معرفة الفارق المدهش بين قراء صحيفة ورقية وبين متصفحيها ذاتها عبر موقعها الإليكترونى لتعرف بسهولة ما يجرى التغافل عنه.
سيكتب تاريخ الصحافة ذات يوم شيئا عن أن ما حدث لم يكن انتهاء بل فصلا جديدا، وأن عناصره وجوهره لم تكن رغبة نزقة أو طارئة للتخلص من الورق، أو إزالة لمشهد أوراق صحفية مطوية على ساحات البيع، بل إنه منطق الصناعة ومقتضياتها، ثم إنه طبائع تطورات الحياة إذ تصنع الأيام وتغيرات الأجيال تحولاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.