شهمٌ يعشق الغوض.. يحب بدو سيناء ويحبونه.. اعتبر نفسه منتميًا لقبيلة "المزينة".. ضحى بحياته من أجل زميلته بالعمل.. إنه "ستيفن كينان"، 39 عامًا، أيرلندي الجنسية، الذي توفي خلال محاولة إنقاذ مدربة الغوص العالمية "إلسا" في منطقة "البلوهول" بمدينة دهب. ففي مياه "البلوهول"، التي تغطي سقف مياهها الصخور، اللهم إلا حفرة صغيرة تسمح بالنزول فيها ولا يجرؤ على الاقتراب منها سوى الغطاس المحترف، غاصت إليسا على عمق 130 مترًا ولكنها لم تتمكن مرة أخرى من الصعود إلى المياه المفتوحة. ستيفن وإليسا "ستيفن" كان يؤمن الغوص لصديقته، وينتظرها عند عمق 30 مترًا، ولكنها فشلت في الاستدلال على الحبل المؤمن لخروجها من المياه، فغاص ستيفن نحوها ومكنها من الوصول للحبل والصعود إلى السطح، ولكنه اختفى لساعات. أخذ أصدقاء "ستيفن" في البحث عنه، ليظهر طافيًا على المياه في تمام الساعة الثالثة عصرًا، ولعدم وجود "نقطة إسعاف سريعة" في المنطقة، توجه به أصدقاؤه إلى مستشفى دهب العام ولكنه فارق الحياه. أهالي دهب يرون ستيفن على أنه "شهيد الواجب"، ضحي بنفسه من أجل سلامة إنسان آخر، ونطم أصدقاؤه في اليوم التالي لمماته وقفة بالشموع في منطقة "البلوهول"، التي لقي مصرعه فيها، والقوا الزهور في البحر، عرفانًا لتضحيته. درس ستيفن علم الأحياء بكلية "ترينتي" الأيرلندية، وكان يهوي المغامرة، وتعلم الغوص وعمل مدربًا للغطس بمدينة دهب وتدرج في المناصب حتى وصل إلى "منقذ للغطاسين"، وهو صاحب عدد من الأرقام القياسية في الغوص الحر، ودرّب الكثير من الغطاسين العالميين. استقر ستيفن بمدينه دهب وعمل بها منذ عام 2009 حتى وفاته، حظى خلالها بحب أصدقائه والعاملين بمدينه دهب لتمتعه بروح طيبة واحترامه لكل الناس دون تفرقة في المعاملات الإنسانية على أساس ديني، إذ اتخذ من "الإنسانية" شعارًا له. "البلوهول" ولمن لا يعرف منطقة "البلوهول" أو "الثقب الأزرق"، فهي عبارة عن بئر عميق داخل البحر الأحمر، يأتي إليها السائحون من هواة المغامرة ومحترفي الغوص، لمحاوله تحطيم الأرقام القياسية في تلك الرياضة، إلا أنها تشهد العديد من حالات الغرق بسبب نفاذ الأكسجين من الغطاسين خلال محاولة البحث عن مخرج من الكهف. وتأبينًا لضحايا المغامرة يسجل اسم المغامر واسم بلده وتاريخ الوفاة على لوحة من الرخام معلقة على الجبل المواجه لمنطقة البلوهول، لزيارتهم من قبل ذويهم وإحياءً لذكراهم. أصدقاء ستيفن يقول تامر حسين، مدرب للغطس بمدينة دهب، في تصريح ل"مصراوي": "كنت صديقًا لستيفن.. أعرفه منذ سنتين ولكنه موجود بمدينة دهب منذ 9 سنوات.. إنه يستحق المدح فهو لم يُسيء يومًا لأحد وكان يساعد أهالي دهب ويحاول جاهدًا وبحب أن يجلب السائحين للمدينة". ويضيف: "كان ستيفن يشارك كثيرًا في مسابقات (free dive) في دهب، ولدى وصوله المدينة عمل بمركز للغطس حتى أقام مركزًا خاصًا به بفضل اجتهاده وحب الناس له". ويؤكد محمود باراكودا، زميل ستيفن: "كان إنسانًا تتفق عليه جميع الديانات والجميع يحترمونه وأطلق عليه بعد وفاته (البطل الشجاع)، ومن حبه لدهب كان لا يذهب لمحل إقامته في ولندا غير مرة واحده في العام، وكان يطلب مني استشارات كثيره في إداره الأعمال"، مضيفًا: "من شده حبي لستيفن طلبت من والده ترك القطة التي كان يعتني بها لأقوم بالاعتناء بها من بعده".