يعتبر الإمام مسلم من أشهر مصنفي كتب الحديث الشريف بعد الإمام البخاري، وقد ارتبط اسمه بثاني أصح كتاب للحديث، ألا وهو صحيح مسلم. ولد الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم في مدينة نيسابور التي كانت تعد من أكبر المدن الإسلامية في حينها وتضم عدد كبير من العلماء مما جعله يشب منذ نعومة أظافره وسط جو علمي إسلامي سليم. بدأ الإمام مسلم رحلاته في طلب العلم في سن 14 عامًا، وبدأها بالحجاز كما كان متبعًا في ذلك الوقت بين طلبة العلم حيث بدأ بأداء فريضة الحج ثم التزود من العلم على أيدي أئمة الحديث والشيوخ الكبار، فسمع في الحجاز من إسماعيل بن أويس، وسعيد بن منصور، ثم تعددت رحلاته إلى البصرة والكوفة وبغداد والري، ومصر، والشام وغيرها ولقي خلال هذه الرحلات عددًا كبيرًا من كبار الحفاظ والمحدثين، تجاوز المائة. وقد بدأ الإمام مسلم في تأليف صحيح مسلم في سن باكرة في بلده نيسابور بعد أن طاف بالبلاد وقابل العلماء وأخذ عنهم، وكان عمره حين بدأ عمله المبارك في هذا الكتاب تسعًا وعشرين سنة، واستغرق منه خمس عشرة سنة حتى أتمه سنة (250 ه = 864م) على الصورة التي بين أيدينا اليوم. وقد جمع الإمام مسلم أحاديث كتابه وانتقاها من ثلاث مائة ألف حديث سمعها من شيوخه في خلال رحلاته الطويلة، وهذا العدد الضخم خلص منه إلى 3033 حديثًا من غير تكرار، في حين يصل أحاديث الكتاب بالمكرر ومع الشواهد والمتابعات إلى 7395 بالإضافة إلى عشرة أحاديث ذكرها في مقدمة الكتاب. وخلال رحتله في طلب العلم التقي الإمام مسلم بالإمام البخاري، وقد لازمه واتصل به وبلغ من حبه له وإجلاله لمنزلته أن قال له: "دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله". وقد يتسائل البعض لماذا لم يرو الإمام مسلم عن شيخة الإمام البخاري؟! ما دام كان يوقره ويجله، ولعل ذلك يرجع إلى أن الإمام مسلماً لم يلق شيخه البخاري إلا في أواخر حياته بعد أن صنف الصحيح، فقد دخل البخاري نيسابور سنة 250ه كما أشار الحاكم في تاريخه، وكان مسلم قد استغرق في جمع صحيحه خمس عشرة سنة، فكان مسلم قد أنهى جمع صحيحه من أصوله التي جمعها في رحلة الطلب. موضوعات متعلقة: قبل أكثر من مائة عام.. قصة أزهري كاد أن يسلم على يديه إمبراطور اليابان كيف مات نبي الله سليمان.. وماذا أصاب الجن عندما علموا بوفاته؟!
