مشروع قانون تنظيم الفتوى.. نائبة التنسيقية: يساهم في نشر العلم والفتاوى الصحيحة المنضبطة    جدول امتحانات الترم الثاني 2025 الصف الثاني الثانوي بالإسكندرية (للشعبتين)    «بني سويف الأهلية»: إنهاء استعدادات امتحانات الفصل الدراسي الثاني وإعلان الجداول    محافظ الشرقية ل«أطباء الأسنان الجدد»: عليكم مسؤولية أخلاقية ومجتمعية تجاه المريض    مدبولي يتابع أعمال لجنة حوكمة الاستثمارات العامة: الالتزام بسقف تريليون جنيه للعام المالي 2024-2025    "السجيني": لن يخرج قانون الإيجار القديم إلا بشكل يراعي الجميع    بعد كسر مفاجئ.. إصلاح خط مياه الكريمات المغذي لمدينتي الغردقة ورأس غارب    عاجل- إسرائيل تقرّ برنامج مزايا بقيمة 3 مليارات شيكل لجنود الاحتياط    برلماني إيراني يعلق على نية ترامب تغيير اسم "الخليج الفارسي"    صلاح ضمن تشكيل ليفربول الرسمي لمواجهة أرسنال في الدوري الإنجليزي    موقف البنك الأهلي من انتقال أسامة فيصل للأهلي خلال كأس العالم للأندية    جامعة بنها تحصد 5 ميداليات فى بطولة رفع الأثقال بدورة الشهيد الرفاعى للجامعات    تأجيل محاكمة 6 متهمين بقضية خلية المرج    التعليم" تنفي إلغاء الصف السادس الابتدائي وتؤكد: الشائعة لا أساس لها من الصحة    لليوم الثاني.. جهود مكثفة في المنوفية والبحيرة لانتشال شاب غرق في مياه فرع رشيد    تفاصيل الحالة الصحية للروائي صنع الله إبراهيم    "ليسيه الحرية" يشهد حفل افتتاح الدورة الرابعة من مهرجان المسرح العالمي    ما أهمية قانون تنظيم الفتوى بعد إقراره من البرلمان؟..موقف الحكومة    وزير الصحة يؤكد دعم الدولة المصرية لمهنة التمريض: ذراع أساسي للمنظومة الطبية    انطلاق قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر الشريف والأوقاف    "بكور": زيارة وزير الخارجية الألماني الجديد لتل أبيب والضفة تؤكد أولوية الشرق الأوسط    ضبط طالب تعدى على آخر بسلاح أبيض بسبب مشادة كلامية في الزاوية الحمراء    اللواء أ.ح شريف العرايشى قائد قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب ل «الأخبار»    ضمن الموجة 26 بقنا.. إزالة 8 حالات تعدٍ على الأراضي الزراعية بمركز الوقف    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع سير منظومة العمل بملف التصالح بالمركز التكنولوجي في الواسطى    غدًا.. نجوم العالم يفتتحون مهرجان كان السينمائى السابع والثمانين    الخلط والخطأ «2»    «النواب» يوافق على اتفاقية تعاون مع «الأوروبي لإعادة الإعمار» ب10 ملايين يورو    «الأورومتوسطي»: إسرائيل تقتل امرأة فلسطينية كل ساعة في قطاع غزة    محافظ الأقصر يتفقد أعمال فتح أكبر شارع بمنطقة حوض 18 بحى جنوب    عزة كامل: مصر من الدول المصدقة على اتفاقية مكافحة التمييز ضد المرأة    40 درجة مئوية في الظل.. الموجة الحارة تصل ذروتها اليوم الأحد.. وأطباء ينصحون بعدم التعرض للشمس    وفاة سيدة أثناء ولادة قيصرية بعيادة خاصة فى سوهاج    الأحوال المدنية تستخرج 32 ألف بطاقة رقم قومي للمواطنين بمحل إقامتهم    مسؤولون أمريكيون: هناك خلافات بين ترامب ونتنياهو بشأن التعامل مع قطاع غزة وإيران    القنوات الناقلة لمباراة الاتحاد ضد الفيحاء في الدوري السعودي    موقف رونالدو من المشاركة مع النصر أمام الأخدود في الدوري السعودي    كواليس أزمة عواد وصبحي في لقاء الزمالك وسيراميكا    هل شريكك برج الثور؟.. إليك أكثر ما يخيفه    المطربة نعوم تستعد لطرح أغنية جديدة «خانو العشرة»    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. عروض مسرحية مجانية وتكريم رموز القرى    الزمالك يتحرك للتعاقد مع حارس الأهلي    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    نجم نيوكاسل ينافس محمد صلاح بقائمة "ملوك الأسيست" في الدوري الإنجليزي    القاهرة الإخبارية: الاحتلال الإسرائيلى يواصل قصف الأحياء السكنية فى غزة    ارتفاع كميات القمح المحلي الموردة للشون والصوامع بأسيوط إلى 89 ألف طن    الخارجية الهندية: معاهدة تقاسم مياه نهر السند لا تزال معلقة    مرشح حزب سلطة الشعب بكوريا الجنوبية يسجل ترشحه للانتخابات الرئاسية    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    مدير تأمين صحى الفيوم يتفقد العيادات الخارجية ويوصى بتسهيل إجراءات المرضى    عاجل- البترول تعلن نتائج تحليل شكاوى البنزين: 5 عينات غير مطابقة وصرف تعويضات للمتضررين    ضبط 575 سلعة منتهية الصلاحية خلال حملة تموينية ببورسعيد -صور    1500 فلسطيني فقدوا البصر و4000 مهددون بفقدانه جراء حرب غزة    أمين الفتوى يحذر من الحلف بالطلاق: اتقوا الله في النساء    ما حكم من نسي الفاتحة أثناء الصلاة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل للعصر سنة؟.. داعية يفاجئ الجميع    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



''روايات من قلب الموت''.. مصراوي مع أسر مسيحية فرت من جحيم العريش
نشر في مصراوي يوم 25 - 02 - 2017

يذكر أسامة الخميس قبل الماضي جيدا. كان في منزله بحي الصفا بالعريش، حين جائه اتصال من والده يقول: "قتلوا عمك جمال في السوق". 3 رصاصات في الرأس أنهت حياة البائع القبطي على يد أحد المسلحين، قبل أن يسود الهرج المكان، ويتقهقر البائعون الآخرون، خوفا من مصير مشابه.
أكثر من 40 أسرة مسيحية نزحت خلال الساعات الماضية من شمال سيناء، بعد مقتل 9 أقباط في الأسابيع الماضية على يد أعضاء في فرع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، واستقرت بعض العائلات بشكل مؤقت داخل بيوت الشباب في محافظة الإسماعيلية.
فوق مقاعد تطل على قناة السويس، جلس أسامة بصحبة ماهر وابنه مينا ووالدته. علامات الارتياح يشوبها الحزن تبدو على الوجوه. يتنهد أسامة ثم يقول لمصراوي "أسبوع مشفناش النوم.
بعد ازدياد حوادث القتل، اتفق أهالي حي الصفا على حراسة البيوت من العصر وحتى فجر اليوم التالي "كانت عينينا متعلقة على أول الشارع، كل ثانية كنا بنقول هيدخلوا علينا يدبحونا"، يقول أسامة.
فيما يحرس ماهر المنزل، كانت أم مينا، زوجته، تعيش لدى جيرانها المسلمين "بيوتهم أمان.. أديناهم مفتاح بيتنا عشان لو عوزنا حاجة يروحوا يجيبوها عشان رجالتنا مكنتش بتخش البيوت".
مع كل حالة قتل كان الفزع يدب في قلب الأم "عيالي السبعة مشافوش الشارع.. كنت بخاف يطخونا جوة البيت،" تقولها بلسان يقطر ألمًا.
"أكل العيش" كان الدافع وراء سفر ماهر من بلدته بسوهاج إلى العريش. استقر عشرين عامْا بالمدينة، عمل بائع خضروات "العيشة كانت حلوة"، لكن الاستهداف الإرهابي للمسيحيين أجبر الرجل وأبنائه السبع وزوجته على الرحيل. وصل أول أمس إلى الإسماعيلية "الموت اللي جابني هنا".
كان الأهالي إذ يسمعون حكايات القتل، يكبتون خوفهم بالتبريرات "دي حالات فردية واحنا غلابة محدش مستفيد بحاجة من قتلنا".. يتذكر أسامة تلك الجملة المتداولة بينهم، لكن مقتل أحد القساوسة كان مثارا للقلق، فيما يضيف مينا أن التسعة المقتولين جيرانه "محدش فيهم كان ليه في حاجة.. اللي على باب الله واللي دكتور وغيرهم".
داخل مبنى بيوت الشباب بالإسماعيلية كانت أعداد الأسر تتزايد. حضر بعض نواب مجلس النواب لتقديم الدعم. وسائل إعلام في كل مكان، فيما كانت الدموع في أعين السيدات القادمات لتوهن "مش مصدقة إننا نجينا" تقول زوجة ماهر متذكرة بحسرة ابنتها التي ستلد في القاهرة عقب يومين ولا تستطيع الذهاب لها بسبب الوضع الحالي.
قبل أن تسوء الأوضاع بالعريش كان مينا ذو الأربعة وعشرين عاما قرر الرحيل خارج مصر للعمل بعد تأدية التجنيد الإجباري، اختار ليبيا لأنها الأرخص "بس افتكرت إن فيه 21 مسيحي اتدبحوا هناك"، ومع ارتفاع أسعار تأشيرات الدول الأخرى ماتت الفكرة في عقله "واديني اهو لا عارف اشتغل ولا قادر اقعد في العريش".
- وجدت بعض الأسر مأوى لها في كنسية ودار لرعاية الشباب في الإسماعيلية – تصوير روجيه أنيس
قرار الرحيل عن العريش اتخذه أهالي الحي بشق الأنفس، خاصة بعد عدم الانتباه لشكواهم المستمرة من سوء الأوضاع. "كام مرة نتصل بالمديرية يقولوا هنبعتلك حد ومفيش حاجة بتحصل" حسبما يقول رفعت شكري، الذي نزح إلى القاهرة مع زوجته وأربعة أبناء.
يروي شكري أنه اتصل بأفراد شرطة عديدين داخل مديرية الأمن في العريش في الليالي الأخيرة دون نتيجة، وفِي المقابل لم تساعده كنيسة "مار جرجس" الموجودة في العريشً "مفروض احنا رعاياها.. كل ما بنطلب مساعدات يقولوا الكنيسة فقيرة"، فيما يضيف أسامة أن رجال الحي لا يعملون منذ أكثر من أسبوعين "مبنخرجش من شوارعنا أساسا".
ظل الشاب الثلاثيني يعتمد على أصدقائه المسلمين لإحضار بعض حاجيات المنزل من طعام أو دواء.
في بداية الأحداث تردد ماهر في اتخاذ قرار الرحيل "عشان مدارس العيال، إحنا كل دنيتنا هناك"، لكن خشيته على أبنائه حسمت الأمر "أنا مش عاوز حاجة من الدنيا، لكن عيالي هيروحوا فين".
- أكثر من 40 أسرة مسيحية جمعت أغراضها ورحلت من العريش مع تصاعد العنف ضد المسحيين – تصوير روجيه أنيس
أول أمس لملم عم ماهر أغراضه هو وأسرته "شوية هدوم في شوال، وخوفنا حتى إحنا اللي ندخل نلمها." واستقلوا رفقة 3 أسر أخرى داخل عربة للسفر متجهين صوب الإسماعيلية، كان ذلك في تمام الخامسة فجرا "لآخر لحظة كنا حاسين إننا هنموت"، وبعد 4 ساعات خرجوا من المدينة "مكنتش مصدق"، وصلوا إلى الكنيسة الإنجيلية في الإسماعيلية، لم تذق الأسر النوم طيلة ذاك اليوم، حتى جاءوا أمس إلى بيت الشباب.
طوال 20 عامًا لم يتوقع ماهر أن تؤول أموره وأسرته إلى هذا الحد، المستقبل غامض بالنسبة له، لا يعلم ماذا سيفعل في الأيام المُقبلة، كل ما يتمناه "بيت آمن حتى لو في تراب، وحاجة أكل منها لقمة عيش".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.