أسماء المرشحين على مقاعد الفردي بدوائر محافظة الفيوم لانتخابات مجلس النواب 2025    جامعة قناة السويس تطلق دورة تدريبية لمواجهة الأزمات والكوارث بالتعاون مع "الكشافة الجوية"    أزمة سد النهضة وقرارات جمهورية مهمة تتصدر نشاط السيسي الأسبوعي    ارتفاع عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025 بعد ارتفاع 60 جنيهًا ل عيار 21    ب22% من التمويلات.. «البنك الأوروبي» يتصدر بنوك التنمية الأكثر تمويلًا للقطاع الخاص ب16 مليار دولار    معهد بحوث الإلكترونيات يستقبل وفدًا صينيًّا رفيع المستوى لتعزيز الشراكة    ويتكوف: واثق بإعادة جميع رفات المحتجزين من قطاع غزة    رئيس وزراء المجر: يمكننا فتح مرحلة جديدة من التنمية الاقتصادية بإحلال السلام    السوبر الأفريقي.. موعد مباراة بيراميدز ونهضة بركان المغربي    عماد النحاس يصل العراق لبدء مهمة تدريب الزوراء (صور)    اليوم.. المصري في ضيافة الاتحاد الليبي بذهاب الكونفيدرالية الأفريقية    حالة الطقس اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025.. أجواء خريفية وفرص أمطار بتلك المناطق    المعمل الجنائي: ماس كهربائي وراء حريق شقة سكنية بإمبابة    مصرع 3 أشخاص وإصابة 4 آخرين إثر تصادم «ملاكي» بالرصيف على طريق «شبرا- بنها» الحر    المتحف المصري الكبير يكشف موعد افتتاح قاعة توت عنخ آمون    «الرعاية الصحية»: تشغيل وحدة مناظير الجراحة وقسم الرعايات المركزة بمستشفى كوم إمبو    سلوت: أريد رد فعل من صلاح.. وهذه حقيقة عدم تأديته للأدوار الدفاعية    مواعيد مباريات اليوم 17 أكتوبر.. عودة الدوري والمصري في الكونفدرالية    دوري أبطال إفريقيا| الأهلي يخوض المران الختامي اليوم استعدادًا لمباراة «إيجل نوار»    حقيقة ارتفاع أسعار مواد البناء خلال الفترة المقبلة بسبب إعمار غزة    الطفولة والأمومة ينعى الأطفال ضحايا حادث التروسيكل بأسيوط    انطلاق قافلة دعوية إلى مساجد الشيخ زويد ورفح بشمال سيناء    فتح معبر رفح بين تأجيل إسرائيلى وتحذيرات من المماطلة.. ماذا حدث بالفعل؟    إطلاق قافلة زاد العزة ال52 إلى غزة بحمولة 4 آلاف طن مساعدات غذائية    تأسيس لجنة عمل روسية - مغربية بين وزارتى الشؤون الخارجية بالبلدين    مقررة أممية: إسرائيل تواصل القتل والتدمير وتزرع الكراهية    تجديد حبس قاتل زميله وتقطيعه بمنشار كهرباء على ذمة التحقيقات    مارشال صاحب فيديو كلب الأهرامات يشارك فى مظلات الباراموتور بالأقصر.. فيديو    رفع بقيمة جنيهين لكل لتر من صباح اليوم.. تفاصيل الزيادات ال20 للوقود منذ تطبيق آلية التسعير 2019    مدحت صالح وعمرو سليم نجوم مهرجان الموسيقى العربية الليلة على مسرح النافورة    5 أبراج تحب قضاء الوقت مع الأطفال    أسعار الخضراوات والفاكهة بكفر الشيخ اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025    أسباب الاستيقاظ المتكرر ليلًا.. وكيف تستعيد نومك الهادئ بخطوات بسيطة    ننشر تعريفة الركوب الجديدة لسيارات الأجرة والتاكسي بالخطوط الداخلية والخارجية بالمنوفية    محافظ بورسعيد يعتمد تعريفة الركوب الجديدة بعد زيادة البنزين والسولار الجديدة    الوطنية للانتخابات تعلن أسماء المرشحين لانتخابات النواب بالأقصر    حمزة نمرة: وفاة والدتي في التاسعة من عمري أورثتني القلق.. وقضيت عاما كاملا أنتظر معجزة لشفائها    كارثة ال 20 دقيقة، قصة طالب بالمنوفية يعيش في غيبوبة بسبب مصل الكلب وأسرته تستغيث (فيديو)    موعد عرض مسلسل حلم أشرف الحلقة 19 والقنوات الناقلة    «مش صديقي.. وبقول اللي حسيته».. رد مثير من كريم نيدفيد بشأن هجومه على رمضان صبحي    ترامب يتحدى بوتين: "آلاف توماهوك بانتظار خصومك".. فما سر هذا الصاروخ الأمريكي الفتاك؟    وفاة الفنان أشرف بوزيشن بعد مسيرة فنية مع كبار السينما المصرية    أشرف زكي: لا يوجد أي منصب في الدنيا يجعلني أترك النقابة.. والاستقالة لسبب داخلي    «زي النهارده».. وفاة شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود 17 أكتوبر 1978    حيلة لتنظيف الفوط والحفاظ على رائحتها دائمًا منعشة    أسماء المترشحين بنظام الفردي عن دوائر بمحافظة الغربية لانتخابات النواب    الحفني يشهد توقيع بروتوكول تعاون بين سلطة الطيران المدني وإدارة الحوادث    تركي آل الشيخ: «بدأنا الحلم في 2016.. واليوم نحصد ثمار رؤية 2030»    فضل يوم الجمعة وأعماله المستحبة للمسلمين وعظمة هذا اليوم    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ووقتها المستحب    أدعية يوم الجمعة المستحبة للمتوفى والمهموم والأبناء    «أفضل لاعب في مصر بمركزه».. فاروق جعفر يتغزل ب نجم الأهلي    الداخلية تكشف ملابسات واقعة فيديو «التوك توك» بملابس خادشة للحياء    السيطرة على حريق داخل مخزن لقطع غيار السيارات بميت حلفا    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في «قباطية» جنوب جنين    تفاصيل لا يعرفها كثيرون.. علاقة فرشاة الأسنان بنزلات البرد    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوريو أكتوبر في حضرة ذكريات ''رمضان الشام''
نشر في مصراوي يوم 08 - 06 - 2016

على بُعد أمتار قليلة من ميدان الحصري، بمدينة 6 أكتوبر، ثمة مساحة شاسعة، تملؤها محلات مختلفٌ ألوانها، تمرح فيها اللهجة السورية، ويقف البائعون من دمشق، اللاذقية، داريا، وحلب، ينادون على بضاعتهم، يشتري منهم أهل الشام وبعض المصريين. تبدو المنطقة للدالف كسوريا مُصغرة، يتوادّ ساكنوها فيما بينهم، غير أن تلك الحياة لا تُقربهم مثقال ذرة من أرضهم الأصلية. مع بداية شهر رمضان يستعيد سوريو أكتوبر ذكرياتهم المتروكة خلفهم هربًا من الحرب؛ بعضهم يفكر بمأكولات بلده، آخر يبحث عن مسجد يُشبه ذاك الموجود في حارته، ثالث لا يجد رفاهية لترك العمل خلال الشهر كما اعتاد سابقًا، وجميعهم يفتقد لعائلته الكبيرة، التي مازلات بسوريا، أو تبعثرت في الشتات.
كانت عائلة الشاب دمشقي "رشاد"، من بين العائلات المالكة لمطاعم كبرى في مخيم اليرموك، قبل أن ينتقل إلى أكتوبر منذ ثلاث سنوات بمفرده بعد اندلاع الثورة وانهيار ممتلكاتهم، باحثًا عن فرصة جديدة للحياة.
بمحل "بطاطس وسندوتشات" يعمل "رشاد"، قريبًا من الحصري، حيث الشارع المشهور باسم "شارع السوريين"، حين جاء الشاب العشرييني كان بمفرده، ثم لحقت به أسرته.
رمضان هذا العام سيكون الرابع ل"رشاد"، منهم عام مكث فيه بمفرده "كان مالوش طعم، ولا حسيت بمتعة نهائي، كنت بفطر وبتسحر لوحدي"، وعلى الرغم من طول المدة بمصر، هناك أشياء مازال يفتقدها؛ مثل المسحراتي "كنت أنا واخواتي بنقف نستناه على الشباك بيتنا من ونحنا صغار"، و"سوق الجزماتية" في الميدان "كان بيعج بالمواطنين وتسمع صوت ابتهالات رمضان وإنت لسه بعيد عنه".
على الرغم من عدم وجود اختلاف ملحوظ في رمضان سوريا ومصر، ولكن ما يؤثر فيه وأهله وغيرهم من السوريين الموجودين هو شعورهم بالاغتراب "في هيك شيء مش قادرين ننساه، شعورنا بأننا مش في بلدنا شي كتير صعب".
بالنسبة لهبة عبد الصمد فرمضان سوريا يمكن اختصاره في "لمة القرايبين وقت الفطار وفي العيد". لكن ثمة طقوس أخرى تفتقدها ابنة حمص؛ فلم يكن يمر يوم على "هبة" حتى تقابل صديقاتها ليذهبن سويًا إلى مسجد قريب لأجل صلاة التراويح، والتي تكون مجرد بداية لأنشطة تستمر "بعدها نروح ناكل أيس كريم أو نتفسح"، ثم يفترقن لساعات قليلة، ليجتمعن مرة أخرى في صلاة التهجد بالمسجد "كنا ما بنخاف لأنه الحي آمن"، تذكر الشابة تلك المشاهد بحسرة، فيما تقبع حاليًا بمنزلها بمدينة أكتوبر، دون قدرة على ملاحقة الصلاة يوميًا "المسجد بعيد ومبقاش في أصحاب أروح معاهم".
جاءت "هبة" برفقة والدتها وأختها، ثم لحق بهما الوالد. مازالت الفتاة السورية تحاول التعايش مع اختلاف عادات البلدين حال رمضان، رأت أشياء لم تكن موجودة بسوريا "زي الفوانيس.. كتير اتبسطت فيها"، وكذلك الأغاني الرمضانية "عندنا تواشيح وأدعية بسوريا"، وإذا كانت ثمة أشياء جيدة في رمضان المصري، غير أن هبة تفتقد السوري بكل ما يحوي، بداية بشكل حارتها وحتى الطعام.
قبل الإفطار بسويعات كان حي "هبة" يصدح بعربات صغيرة، ينادي أصحابها على المشروبات التي يبيعونها "عرقسوس.. تمر.. وجلاب". حين أتت لمصر، وجدت معظم تلك المشروبات عدا الأخير "وهو عبارة عن شرب مصنوع من دبس التمر أو دبس الزبيب ويُضاف له الليمون والسكر وماء الورد"، أما مُقبلات الإفطار فكانت ثاني أكثر شيء افتقدته الشابة العاملة بالتسويق "نحنا لازم على السفرة تبولة أو فتوش ولازم شوربة عدس.. هون في مصر الوضع مختلف"، ومن الحلوى لازال طعم "المعروك" في فم "هبة"، وهو أشبه بفطائر محشوّة بالبلح.
مع حلول رمضان على دمشق، اعتادت ميساء الشماع على طبق الشوربة خلال ال30 يومًا كضيف أساسي، وكذلك "الفتة بالحمص والصنوبر" بجانب ثلاث أطباق رئيسية.
لمست "ميساء"-المقيمة بأكتوبر- أشياء إيجابية في رمضان مصر "لما ارجع على بلدي هانفذها فورا"، مثل وقوف أشخاص في الشوارع لمنح المارة مياه وتمر في إشارات المرور، وإطعام الصائمين بموائد الرحمن "بغض النظر عن الطعام اللي بيتقدم بس هالأفكار روعة وماكناش نعرفها". تشتاق "ميساء" للعزائم المتكررة خلال الشهر "مفيش عيلة يعدي عليها رمضان من غير ما تروح تفطر عند عيلة تانية تلات أو أربع مرات"، وحاليًا أصبح هذا الطقس هو الأصعب في التنفيذ عليها ، فعلى حد قولها "ما عندي اقرباء هنا، كلهم في بلاد الشتات".
ما يزال يفتقد "أبو لجين" كل طقوس وشعائر رمضان السوري بكل ما تحمله الكلمة من معني "ضرب المدفع 21 مرة بعد اذان المغرب"، وتكبيرة رمضان، فعقب رؤية الهلال يصعد المؤذن على المنبر ويؤذن من بعد صلاة المغرب إلى صلاة العشاء.
منذ 4 سنوات جاء الرجل الثلاثيني مع ابنتيه من دمشق بعد انهيار محلاته الأربعة إثر قصف جوي "فقدت هناك زوجتي وما بدي افقد عيالي كمان".
مع بدء شهر رمضان كان "أبو لجين" وغيره من رجال سوريا يحلقون لحاهم ويضعوا العطور "كنا بنقفل المحلات وبنقعد بالبيت وكأنه يوم العيد"، وكان من بين 90 % من الرجال الذين يساعدوا زوجاتهم وأمهاتهم في أعمال البيت "بنحاول نشغل نفسنا عن تعب الصيام بهيك إيشيا".
بهجة الشهر الكريم ظاهرة في سوريا أكثر منها في مصر "بتلاقي الاسواق مليانة كل حاجة، والناس فرحانة"، حسبما يذكر الأب الدمشقي، وحتى الآن لم تتغير الأجواء الرمضانية في الشوارع السورية، فأصحاب المحلات في منطقة "داريا" المحاصرة يضعون موائد الرحمن بطول الشوارع للفقراء والمحتاجين "لكن حاجة على قد الحال، يعني دلوقتي لو لقوا رغيف عيش ناشف هياكلوه مع بعض"، رغم معيشته بأكتوبر فلا يشعر "أبو لجين" بروح سوريا خلال الشهر، فالتواصل بين الجيران قليل.
على العكس يشعر سامح السعيد بالألفة في أكتوبر، فبينما يسير هناك، تطرق أذنيه اللهجة السورية معظم الوقت، ذلك ما يخفف عنه ولو قليلًا. عانت زوجته في بدايات إقامتهم مع أصناف الطعام التي يحبونها خلال رمضان "المواد الخام كنا مش عارفين نجيبها"، لكن مع اتساع أنشطة الشوام "بقينا نلاقي كل شيء"، رغم ذلك فثمة مأكولات لم يتذوقها الشاب منذ تركه دمشق "زي المغشوشة وهي كنافة ناعمة محشية فستق وإشطة"، وكذلك حلوى "المدلوقة" وهي تُشبه الأولى كثيرًا.
في السنة الأولى من مكوث ابن دمشق بمصر، بدأ يلاحظ عادات الأكل لدى المصريين في رمضان "مثلًا المصريين لازم فول على السحور.. احنا منقدرش عليه فبناكله في الفطار ساعات"، في المقابل يصنع الأب الدمشقي "اللبنة" بنفسه في المنزل، رغم وجودها في مصر "لأن احنا بنعملها احلى بالبيت".
في إحدى السنوات، وقبل رمضان بيوم واحد، كان سامح السعيد يعمل برفقة أخيه داخل الورشة الخاصة بهما، حين جاءهم زبون يطلب إنجاز عمل يستغرق في الأيام العادية شهر لتسليمه، لكنهما اتفقا معه على شهر ونصف على الأقل قبل الانتهاء، إذ كان قانونهم برمضان "اننا بننزل الورشة ولما بنتعب بنروّح". تبدو تلك الأحداث الآن من الأيام الخوالي، حيث كان الشهر المُعظم يعني الراحة واجتماع أفراد البيت صباحًا وعشية، والعمل يمكن تقليله دون قلق من انهيار ميزانية الأسرة.
أكثر من عشر ساعات يعمل خلالهم "السعيد" منذ قدومه لمصر في 2012، لا فرق بين الأيام العادية ورمضان سوى ساعة أقل "ومنقدرش نتكلم مع صحاب الشغل رغم إن الجو هنا حر جدًا الصبح". سبعة إخوة بينهم فتاة واحدة، وأب وأم، اعتادوا العيش سويًا في بيت كبير . تركهم الشاب الثلاثيني خلفه وقت مجيئه مع زوجته وولديه، تغيرت أحوال العائلة رغم بقاءهم جميعًا بدمشق. فعقب استشهاد أحد أبناء العائلة، ما عاد لرمضان طعم في سوريا، وفي المقابل يجبر السعيد نفسه على التأقلم، مُتمنيًا قضاء رمضان قريبًا مع الأهل، رغم الحرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.