شهد مولد العارف بالله الشيخ عامر، بنجع أبو الحمد بصعايدة دشنا، عودة لعبة التحطيب، هذا العام، على هامش الاحتفالات بمولده، التي تقام في شهر جمادي الآخر من كل عام، أمام ضريحه. يقول شاذلي قاسم، موظف، إن تواجد لعبة التحطيب هذا العام بمولد الشيخ عامر أكسب الاحتفال مذاقا خاصا، وساهم في زيادة أعداد رواد المولد، لافتا إلى قدوم العشرات من هواة لعبة التحطيب من جميع محافظات الصعيد للمشاركة في الاحتفالات وممارسة هوايتهم. ويشير أنور محمد، مزارع، إلى أن لعبة التحطيب من أهم مظاهر الاحتفال بالموالد في صعيد مصر، لأنها موروث شعبي من الأجداد، لافتا أنها لعبة مرتبطة بالتراث العربي، وتعتبر شبيهة للمبارزة بالسيف، موضحا أنها تعلم الأخلاق والرجولة. ويلمح أنصاري أبو العلا، لاعب تحطيب من إدفو، إلى أن التحطيب هواية اعتاد الأهالي ممارستها للتسلية في ليالي الصيف، وتتميز بشعبيتها لدى جميع الأعمار، ملمحا أن لعبة التحطيب لا تتقيد بسن، ويمكن لأي شخص أن يتعلمها بشرط أن يكون لديه الاستعداد للتعلم. تاريخ ويؤكد عبد الغني عبيد، لاعب تحطيب من الأقصر، أن لعبة التحطيب عرفت منذ أيام الفراعنة في الأسرة العشرين، حيث توجد بعض المناظر في المعبد الجنائزي للملك رمسيس الثالث المشهور باسم معبد مدينة هابو؛ تصور بعض الجنود وهم يتبارزون بالعصي، لافتا إلى انتشار لعبة التحطيب عن ذي سابق بفضل التطور في وسائل الإعلام، وخصوصا الإعلام الإلكتروني، الذي أسهم في نشر التراث القديم. ويلتقط محمد أنور، طالب، طرف الحديث بقوله "تعلمت التحطيب وأنا في سن الخامسة عشر لحبي الشديد لها ولأنها لعبة الرجال" ملمحا إلى أن لعبة التحطيب مثلها مثل أي رياضة، تعلم الأخلاق والروح الرياضية. تعدد الخدمات ويلفت جمال محمد، مزارع، إلى أن تعدد الخدمات هذا العام ساعد على زيادة الإقبال من قبل الأهالي والضيوف، للمشاركة والحضور للاستمتاع بحفلات الإنشاد الديني، التي يشارك فيها نخبة من المداحين من دشنا وخارجها، مثل أحمد الرفاعي من أسيوط، وعلاء الفر شوطي من فرشوط، ومنتصر الدشناوي من دشنا. نبذة عن الشيخ يذكر أن العارف بالله الشيخ عامر عبد المنعم عمر ولد، بحسب روايات الأهالي، في بدايات القرن الماضي، وتوفى في الستينات، وكان من أهل الجذب، قليل الكلام والحركة، وينتمي لعائلة الشخ عمر بنجع أبو الحمد. يحكي محمد عبدالله، من أحفاد الشيخ، أن جده روى له أن الشيخ عامر كان من أصحاب الولاية المخفية، وكان يتستر وراء "ادعاء البله" مشيرا إلى أنه دفن في المكان الذي كان يعتاد الجلوس فيه في حياته، حيث لاحظ مشيعو جنازته توقف النعش عند ذلك المكان لأكثر من مرة، وبعدها وجدوا علامات رسمت على الأرض تشبه الآيات القرآنية، فتم دفنه في ضريحه الحالي بالناحية البحرية من نجع أبو الحمد في مقابلة طريق الجحاريد. ويتابع شعبان حسين من أقارب الشيخ أن الشيخ ولد تقريبا في عام 1906 وتوفى وهو في سن الخمسين، ومن كراماته يروي حسين أنه كان إذا قابل شخصا خائفا من شيء ما يداعبه بلغة مفهومة قائلا "ما تخافش يا واد" فلا يلبث إلا يأمن من خوفه ويزول همه.