هل أساءت السينما المصرية لمرضى الإيدز؟

رغم كل السنوات التي مرت منذ اكتشاف أول حالة مُصابة في مصر بمرض الإيدز إلا أن نظرة المجتمع للمصابين بهذا المرض مازالت قاصرة، بسبب غياب الوعي بحقيقة المرض وأعراضه وطرق الإصابة به، كما ساهمت بعض الأعمال الفنية في ترسيخ صورة ذهنية سلبية عن المرض والمصابين به، فبات مريض الإيدز = شخص غير منضبط أخلاقياً، وجاهدت حملات دعائية مستنيرة وأعمال فنية أخرى في تصحيح هذه النظرة.
وبعد تنصيب الفنانة يسرا سفيرة للنوايا الحسنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تم اختيارها من قبل برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالإيدز، "مصراوي" يستعرض كيف تحدثت الأعمال الفنية عن مرض الإيدز؟..
شاويش نص الليل
5 سنوات تقريباً بين اكتشاف أول حالة مُصابة بمرض الإيدز في مصر، وبين أول عمل فني يشير إلى المرض، وهو فيلم "شاويش نص الليل" بطولة فريد شوقي، آثار الحكيم، خالد محمود، عماد رشاد، وتم إنتاجه عام 1991.
لم يكن موضوع الفيلم الأساسي هو مرض الإيدز، لكنه كان خط مهم ظل محفوراً في ذهن المشاهد خاصة وأنه ارتبط بنهاية مأساوية لشاب رياضي متفوق في دراسته كان يحلم والده "الشاويش حسن" بأن يلتحق بكلية الشرطة ويصبح ضابط، لكن تمكنت إمرأة لعوب من إيقاع الشاب وتدمير حياته بع إدخاله عالم الإدمان، الذي حول حياته لجحيم، خاصة وأنه لا يمتلك الإرادة التي تمكنه من التخلص منه، ليُصاب من خلال حقن ملوثة بفيروس Hiv (مرض نقص المناعة المكتسبة الإيدز)، ومع محاولته الأخيرة في الهروب من المستشفى يختار الشاويش حسن أن ينهي حياة ابنه بيده، فيطلق عليه الرصاص، ليسقط الشاب صريعا.
الحب والرعب
لم يحقق الفيلم النجاح الجماهيري الذي اعتادت عليه شريهان في أفلامها، رغم أنه يلقي الضوء على قضية هامة، لكن لم يعتاد الجمهور وقتها على مناقشة مثل هذه القضايا المُصنفة على أنها جريئة بهذا الشكل الصريح.
يرسخ الفيلم فكرة أن الانفلات الأخلاقي هو السبب في انتشار المرض، فتدور قصة الفيلم حول دكتورة هند التي تعود من أمريكا بعد وفاة زوجها، يراها المشاهد تسهر وتشرب الخمر، يختطفها شاب ويغتصبها، فتذهب لحبيبها السابق وبعد إقامتها لعلاقة جنسية معه، تعترف له بأنها مُصابة بمرض الإيدز وأن زوجها هو من نقل لها المرض.
تتوالى الأحداث لتضعها في طريق عصابة تحاول استغلالها لقتل زعيم عصابة أخرى بوضعها في طريقه لتنقل له المرض، وترضخ لهم بعد خطف أسرتها وابنها.
"الحب والرعب" تم إنتاجه عام 1992، قصة وسيناريو وحوار نبيل غلام، إخراج كريم ضياء الدين، بطولة شريهان، محمود الجندي، حسين الشربيني.
الحب في طابا
تم إنتاجه في نفس عام إنتاج فيلم "الحب والرعب"، ويسير الفيلم على نفس خطى الفيلمين السابقين في التأكيد على أن الانفلات الأخلاقي كان سبباً في إنهاء حياة ثلاثة شباب بعد إصابتهم بالمرض، حيث تدور أحداث الفيلم حول ثلاثة لكل منهما حياته المهنية وأحدهم متزوج ولديه طفل، يقرروا السفر لقضاء إجازة في طابا، وهناك يقيموا علاقات جنسية مع فتيات أجانب، ليكتشفوا أنهن مصابات بمرض نقص المناعة المكتسبة (إيدز).
بعد عودتهم للقاهرة يحاول كل منهما الابتعاد عن أسرته، خوفا من انتقال المرض لهم، وعندما يخبر أحدهم صديقهم المشترك بسبب تغيرهم وابتعادهم عنه يذهب للإبلاغ عنهم، ويتم إلقاء القبض عليهم، ووضعهم في إحدى المستشفيات.
"الحب في طابا" من تأليف رفعت فريد، بطولة هشام عبدالحميد، ممدوح عبدالعليم، جالا فهمي، وائل نور، نجاح الموجي، ومن إخراج أحمد فؤاد.
أسماء
"أسماء" كان صوتاً رحيماً بمرضى الإيدز، ركز على معالجة القضية في شكل إنساني، وعكس كيف يمكن أن يتعايش مريض الإيدز مع المرض دون أن تمثل إصابته أي خطر على من حوله، ونجح في نقل الواقع بأمانة شديدة بعيداً عن إقحام المؤلف لأفكار من خيالاته، وساعد في خروج الفكرة بهذا الشكل أنه يحكي قصة حقيقية لسيدة مصرية كانت حاملة للفيروس لكنها كانت تحارب الظروف والمجتمع للحصول على حقوقها.
"أسماء" من تأليف وإخراج عمرو سلامة، بطولة هند صبري، ماجد الكدواني، هاني عادل، وتم إنتاجه في 2011.
أفلام أخرى
من بين الأفلام الأخرى التي تحدثت عن المرض فيلم "ديسكو ديسكو" من إخراج إيناس الدغيدي، فيلم "الأجندة الحمراء".
الدراما التليفزيونية
حاولت الدراما التليفزيونية أن تتبنى وجهة نظر مغايرة عن معظم الأفلام السابقة، وأشارت لوجود أسباب أخرى غير الانفلات الأخلاقي (الجنس والمخدرات) قد تؤدي للإصابة بالمرض من بينها: استخدام أدوات طبية في غرف العمليات دون تعقيمها، أو نقل دم ملوث من شخص مُصاب بالفيروس لشخص أخر سليم.
ومن بين هذه الأعمال مسلسل "خاص جدا"، وجسد دور المُصاب بالإيدز الفنان أحمد فلوكس، وقد كان شاب رياضي مشهود له بالأخلاق الحميدة، لكن أثناء وجوده في إحدى الدول الأفريقية نُقل له دم حاملاً للمرض.
وتتمحور قصة مسلسل "زواج بالإكراه" حول فتاة تعاني من مرض الإيدز، وكيف يحاول والدها أن يهيئ لها كل الفرص التي تجعلها تتعايش مع المرض لإسعادها، خاصة وأن لا ذنب لها في الإصابة بالمرض، وتؤدي دور الفتاة المُصابة الفنانة زينة.