مع حلول الذكرى الخامسة لثورة يناير عادت للأذهان مشاهد ميادين الثورة التي كانت بمثابة كلمة السر لتجمع الملايين من أبناء الشعب المصري والتي تحولت في العام 2011 من مجرد ميادين تم تخطيطها هندسيًا للمظهر الحضاري، إلى رمز لصمود الشباب أمام نظام الحكم الذي خرج عليه الشعب. وفي الإسكندرية حظت 4 ميادين بمكانة خاصة لدى المتظاهرين، كانت بمثابة محطات الانطلاق والتقاء المسيرات والتظاهرات الحاشدة، شاهدة على أحداث العنف تجاه المتظاهرين بداية من جمعة الغضب 28 يناير مرورًا بفترة حكم المجلس العسكري وحكم جماعة الإخوان ووصولاً لمشهد طرد الإخوان من الميادين في 30 يونيو، إلى أن تحولت مع مرور الوقت لميادين مهملة رغم خضوع بعضها للتجديد. القائد إبراهيم.. من ميدان "تحرير" الإسكندرية إلى ملتقى الباعة الجائلين نالت ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية النصيب الأكبر من الاهتمام لدى المتظاهرين ووسائل الإعلام حيث كانت الموقع الأبرز خلال أحداث ثورة 25 يناير، وأطلق عليها أبناء بالثغر "ميدان تحرير الإسكندرية"، وهي الساحة التي شهدت فعاليات التظاهر والتعبير عن مختلف توجهات التيارات والأطياف السياسية قبل وبعد ثورة يناير من أجل التوصل إلى رؤى مشتركة حول بعض القضايا ومحاولات استمالة الشارع لكسب المزيد من المؤيدين. وشهد ميدان القائد إبراهيم تواجد كافة التيارات السياسية منذ اللحظات الأولى لثورة 25 يناير حتى فترة حكم جماعة الإخوان لتستحوذ عليه الجماعة ومؤيديها عقب تولي الرئيس الأسبق محمد مرسي الحكم، ليتحول الميدان إلى ساحة معارك بين مؤيدي ومعارضي الإخوان أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات، إلى أن عاد الهدوء مرة أخرى لساحة المسجد الشهير بعد انتهاء حكم مرسي. ومع مرور الوقت تحول الموقع إلى ملتقى للباعة الجائلين في ظهر كل يوم جمعة لعرض منتجاتهم التي اعتادوا بيعها منذ فترة تنظيم التظاهرات. ميدان سيدي جابر.. من ملتقى الفرقاء إلى ساحة انتظار السيارات وعلى الجانب الآخر، لم يقل ميدان سيدي جابر شأنًا عن نظيره، حيث كان دائمًا نقطة التقاء المسيرات المنطلقة من كافة أنحاء الإسكندرية إلي ساحة الميدان، خلال أحداث ثورة 25 يناير، والتي شارك بها أطياف وتيارات سياسية مختلفة بما يشمل شباب جماعة الإخوان المسلمين. وبدأت أولى نقاط التغيير في ميدان سيدي جابر بنهاية عام 2011، ليتحول من ميدان جمع فرقاء السياسة والأطياف الشعبية المختلفة إلى تظاهرات ومناوشات بين جماعة الإخوان ومعارضيهم خاصة بعد انتشار الفيديو الشهير لسحل جنود لفتاة بميدان التحرير فيما عرف إعلاميًا ب "فتاة العباءة"، خلال أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء. واستمرت التظاهرات من قبل الجانبين طيلة فترة حكم المجلس العسكري، خاصة بعد تأييد جماعة الإخوان لما كان يحدث تجاه بقية المتظاهرين في تلك الفترة، مرورًا بتصاعد الاحتجاجات مع إعلان الجماعة وذراعها السياسي الحرية والعدالة لترشح الدكتور محمد مرسي لانتخابات الرئاسة، ليمتد غضب معارضي الإخوان حتى وصول مرسي لسدة الحكم، والتي أعقبها تظاهرات متعاقبة حتى أحداث ثورة 30 يونيو والتي أسفرت عن رحيل الجماعة، ليعود الميدان بعدها إلى ساحة انتظار للسيارات كنقطة وصول لزائري الإسكندرية نظرا لموقعه المواجه لمحطة القطارات الرئيسية بالمحافظة. ميدان سعد زغلول.. أول مقر اعتصام ناجح يتحول لحديقة مغلقة ومع بداية شهر يوليو لعام 2011 تحول ميدان سعد زغلول من نقطة انطلاق لعدد من التظاهرات التي تزامنت مع أحداث ثورة 25 يناير، إلى اعتصام مفتوح ضم مختلف الأطياف السياسية والائتلافات الوليدة للثورة ليتفوق على ميدان التحرير في مدة بقائه التي امتدت لنحو شهرين، احتجاجا على أحداث العنف التي تلت تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك، وتزامنت مع فترة الحكم الانتقالية. وحظى الميدان في تلك الفترة بشهرة واسعة حيث كان ملتقى لعددا من الشخصيات العامة الشهيرة التي حرصت على زيارة المعتصمين، منهم الممثل عمرو واكد، والناشطة السياسية نوارة نجم، والإعلامية بثينة رشوان، ومؤسس حركة كفاية جورج إسحاق وعدد من الرموز السياسية المعروفة. وتم إنهاء الاعتصام بميدان سعد زغلول بالتزامن مع إعلان انتخابات مجلس الشعب التي استحوذت التيارات الإسلامية على أغلب المقاعد به، ليتحول بعدها الميدان إلى حديقة مهملة حتى قامت الأجهزة التنفيذية بالمحافظة بإعادة تطويره ليصبح حديقة مغلقة. فيكتور عمانويل.. من ثالث ميادين العنف إلى "قاعة أفراح مفتوحة" ميدان فيكتور عما نويل هو ثالث الميادين التي شهدت أحداث عنف بعد القائد إبراهيم و سيدي جابر، وكان نقطة تجمع مئات المتظاهرين المعارضين للداخلية خلال أحداث ثورة 25 يناير، وحتى فترة حكم جماعة الإخوان نظرا لقربه من محيط مديرية أمن الإسكندرية. وكما كان الميدان ملتقى لمعارضي الشرطة عقب تنحي الرئيس الأسبق مبارك، كان أيضا نقطة خروج تظاهرات ضد جماعة الإخوان، حيث يقع على مسافة قريبة من ميدان سيدي جابر نقطة تجمع التظاهرات الاحتجاجية، ليكون شاهدا أيضا على اشتباكات ضارية بين مؤيدي ومعارضي حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي حتى إعلان رحيله عن الحكم في 3 يوليو 2013. وفقد ميدان فيكتور عما نويل مظهره الجمالي، نتيجة أحداث العنف إضافة إلى إهماله من قبل أجهزة المحافظة، رغم وجوده في نطاق منطقة سموحة التي تعد أحد أرقى الأحياء الشهيرة بالإسكندرية، التي تضم عددا من المنشآت الهامة، حتى قامت أجهزة المحافظة بعملية تطوير للميدان لم تنل إعجاب المواطنين حيث تم تزيين أعمال التشجير داخله بعدد من وصلات الإضاءة بشكل مبالغ فيه ، ليصفه أبناء المدينة بأنه تحول لقاعة أفراح مفتوحة لا تليق بقيمته التاريخية.