يدور حول نفسه بلا توقف، كالشمس التي تدور حول الأرض أو الأرض التي انجذب إليها القمر فلم يبرح مقام الدوران في حلقات محسوبة، وكل في فلك يسبحون، وعلى أنغام الموسيقى تنبسط التنورة الواسعة حينًا وتنقبض مرة أخرى، والألوان الزاهية تخطف الأعين، والدوران لا يكاد ينقطع. إسلام العشري، مقيم بشارع الشاملة ببني سويف، انجذب للرقصة منذ صغره، ليبدأ قبل 10 سنوات من الآن في تعلمها وتعلم الحركات التي يمارسها راقصو التنورة. والتنورة رقصة مصرية ذات أصول صوفية، ظهرت للمرة الأولى في تركيا "قونية"، وبدأت قصتها من تكايا الدراويش، وهو مكان يعد مضيفة لأبناء السبيل والفقراء والدراويش، وفيه كانت تقام حلقات الذكر أيضًا، وكانت حلقة الذكر الواحدة لا تقل عن أربعين درويشًا بملابس مختلفة الألوان. يقول العشري عندما قررت تعلم رقصه التنورة بدأت التعرف على كثيرين من الممارسين للعبة، حتى منحني أحدهم تنورة، لأبدأ في تعلم الرقصة، ولم يمر أسبوع حتى بدأت أتعلم الرقصة من فرط شغفي وحبي لها. وفي بداية الأمر يلف الراقص لمدة 10 دقائق، ثم يبدأ في لف ربع ساعة في اليوم الثاني، وهكذا إلى أن يتقن الرقصة، كما أن الناس متفاوتون في سرعة التعلم منهم من يتقنها في أسبوع ومنهم من يتقنها في شهر ومنهم في أكثر. يتذكر العشري أول رقصة أديتها أمام الجمهور كنت مرتبكًا فالتدريب شيء والرقص أمام الناس على مسرح شيء آخر، ومع أول حركاتي تجاوت خوفي وبدأت أذوب في حركاتي، أخذتني دوامة التنورة، هنالك نسيت الناس والجمهور والمسرح وغبت وحدي مع الرقصة. ويتراوح وزن التنورة ما بين 40 إلى 50 كيلو جرامًا ولها عدة طبقات، يبدأ الشعور بثقل التنورة يخف مع الدوران. تجلب التنورة من حلوان وكل تنورة لها مقاس وثقل غير الأخرى، وأسعار مختلفة، تبدأ من ألفين حتى خمسة آلاف، بخلاف الإكسسوار الخاص بها، فالجلباب مثلا يبلغ 300 والدفوف 300 جنيه. يحكي العشري أكثر المواقف التي أتذكرها فترة عملي، كنت في عرس، وأثناء رقصي بالتنورة فوجئت بسيدة كبيرة في السن، فكت طرحتها ووقفت في منتصف القاعة وبدأت تؤدي حركات صوفية، على موسيقى المدح، وحاول الناس أن يمنعوها إلا أنها اندمجت مع الموسيقى ولم ترضخ لهم، فكأنها ذابت فيما ذبت أنا فيه. العشري ينتقد ظهور راقصي التنورة في الكليبات، قائلًا أكثر من مطرب تواصل معي لأداء رقصات داخل كليب، إلا أني رفضت "هم حاجة واحنا حاجة، ميحدش هيفهم حركاتنا غير اللي هيحس بالرقصة".