كعادتها منذ أن وصل الملك سلمان إلى سدة الحكم، خرجت المملكة العربية السعودية قبل يومين في وقت متأخر من الليل، لتعلن وبشكل منفرد، إنشاء تحالف عسكري إسلامي يضم 34 دولة لمحاربة على الإرهاب. وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، أنه "صدر بيان مشترك بعد محادثات جرت خلال الأيام الثلاث الماضية يتضمن تشكيل تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب مقره الرياض. والدول المشاركة بالتحالف هي بالإضافة الى السعودية، كل من الأردن، الإمارات، باكستان، البحرين، بنجلاديش، بنين، تركيا، تشاد، توجو، تونس، جيبوتي، السنغال، السودان، سيراليون، الصومال، الجابون، غينيا، فلسطين، جمهورية القمر الاتحادية الإسلامية، قطر، كوت دي فوار، الكويت، لبنان، ليبيا، المالديف، مالي، ماليزيا، مصر، المغرب، موريتانيا، النيجر، نيجيريا، اليمن"، مضيفة أن "هناك أكثر من عشر دول إسلامية أخرى أبدت تأييدها لهذا التحالف وستتخذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن، ومنها جمهورية اندونيسيا". وقبل أيام وتحديدًا مع نهاية نوفمبر، خرج السناتوران الأمريكيان جون ماكين وليندسي جراهام من بغداد، ويؤكدان ضرورة توفير قوة من 100 ألف جندي معظمهم من "الدول السنية" لقتال تنظيم داعش. ورحبت الولاياتالمتحدة الأمريكية بتشكيل التحالف العسكري الإسلامي، وقال وزير الدفاع الأمريكي، أشتون كارتر، إن التحالف الذي تقوده السعودية يتمشى مع دعوات الولاياتالمتحدة لدور سني أكبر في قتال مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). انتقادات للتحالف وجهت انتقادات إلى التحالف العسكري الإسلامي بعد الإعلان عن تشكيله، وذلك لضمه دولا على خلاف مثل مصر وتركيا وقطر، كما أنه لم يحدد بعد الإرهاب الذي سيحاربه ولا طبيعة المنظمات الإرهابية، كما استبعد التحالف دولا عربية أخرى لكون النظام الحاكم شيعيا مثل العراق وسوريا فضلا عن الدولة الإسلامية الجارة إيران. كما خلت القائمة من دول أعلنت من قبل رفضها التدخل في شؤون الداخلية لدول أخرى، مثل سلطنة عُمان والجزائر. وقالت صحيفة الاندبندنت البريطانية في افتتاحيتها بعنوان "التحالف العسكري السعودي الجديد خطوة "رمزية" وليست "حقيقية" ، مضيفة أن "إعلان السعودية إنشائها تحالفاً عسكرياً سنياً يوحي بالثقة بالاسم فقط". وأضافت الصحيفة أن "الولاياتالمتحدة طالما اشتكت من غياب وجود أي جيش سني على الخطوط الأمامية لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية". القوة العربية المشتركة وسبق أن طلبت المملكة العربية السعودية، تأجيل اجتماعا لوزراء الدفاع والخارجية العرب لإقرار برتوكول القوة العربية المشتركة الذي أعده رؤساء الأركان العرب بعد 3 اجتماعات عقدوها بالقاهرة، وذلك قبل يوم واحد من عقده دون إبداء الأسباب. وكان مشروع برتوكول القوة العربية المشتركة ينص على أن تكون القاهرة مقرًا للقوة المقترح إنشاؤها. مصر رحبت بإعلان السعودية عن التحالف العسكري الإسلامي، وقالت عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية، إنها تدعم كل الجهود الخاصة بمحاربة الإرهاب، لا سيما إذا كان الجهد إسلاميا أو عربيا، مؤكدة عدم وجود تعارض بين تشكيل التحالف الإسلامي العسكري والقوة العربية المشتركة. وأوضح المتحدث باسم الخارجية أن "هناك اختلافا بين الطرحين، فالتحالف الإسلامي يستهدف مكافحة الإرهاب فقط، أما القوة العربية المشتركة فهي تتعامل مع التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي بمختلف أشكالها، وفى النطاق العربي فقط". الرياض مركز القيادة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، يقول في أول مؤتمر صحفي له منذ أن صُعّدَ إلى منصبه، إن الإعلان عن تشكيل تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب يأتي حرصا من العالم الاسلامي لمحاربة هذا الداء، ولكي يكون شريكا للعالم كمجموعة دول في محاربة هذا الداء. وأوضح أنه سيتم إنشاء غرفة عمليات للتحالف في الرياض لتنسيق ودعم الجهود لمحاربة الارهاب في جميع اقطار وأنحاء العالم الاسلامي، مشيرا إلى أن كل دولة ستساهم بحسب قدراتها، مضيفًا "اليوم كل دولة إسلامية تحارب الارهاب بشكل منفرد ، فتنسيق الجهود مهم جدا من خلال هذه الغرفة سوف تتطور الأساليب والجهود التي ممكن نحارب فيها الإرهاب في جميع انحاء العالم الاسلامي. وتابع الأمير السعودي:" لدينا عدد من الدول تعاني من الإرهاب من بينها سوريا والعراق وسيناء واليمن وليبيا ومالي ونيجيريا وباكستان وأفغانستان وهذا يتطلب جهود قوية جداً لمحاربته، بلا شك سيكون من خلال التحالف هناك تنسيق لمحاربته من خلال هذه الجهود"، مردفًا "نحن سوف نحصر المنظمات الإرهابية أي كان تصنيفها .. طبعاً بخصوص العمليات في سوريا والعراق لا نستطيع القيام بهذه العمليات إلا بالتنسيق مع الشرعية في ذاك المكان ومع المجتمع الدولي". "السعودية تقود.. كيف؟!" الكاتب الصحفي عبدالله السناوي، انتقد إعلان المملكة العربية السعودية، تشكيل تحالف إسلامي عسكري، بقيادتها، وقال إن ثلاثة من الجيوش المشاركة في التحالف المعلن، وهي جيوش مصر وباكستان وتركيا، من أكبر 12 جيشًا على مستوى العالم، مستنكرًا تولي الرياض قيادة الجيوش الثلاثة، ضمن التحالف المشار إليه. وأضاف السناوي، في لقاء عبر قناة "روسيا اليوم"، أن تشكيل التحالف يأتي كمحاولة سعودية للقفز على المشكلة اليمنية، التي تشهد مفاوضات يمنية يمنية بغطاء أممي، وتابع: "لا أحد في العالم سيأخذ قيادة السعودية للتحالف الإسلامي العسكري على محمل الجد". وأشار السناوي إلى أن "هناك خلل فادح مكتوم في العلاقات المصرية السعودية، خاصة إزاء الملف السوري، مصر أقرب إلى موسكو، والرياض أقرب إلى أنقرة"، واصفًا التحالف العسكري الإسلامي بأنه "يضم مجموعة دول بينها خلاف استراتيجي إزاء أزمات المنطقة". وقال إن بعض الدول المشاركة في التحالف الإسلامي العسكري لم تُبلغ بقرار إنشائه إلا قبل ساعات من الإعلان عنه رسميا، وإن تشكيل التحالف ينفي فكرة القوة العربية المشتركة التي اقترحتها مصر. في المقابل يقول الإعلامي السعودي، المقرب من دوائر صنع القرار بالمملكة، جمال خاشقجي:"التحالف الإسلامي العسكري المعلن وحسب تفصيل الامير محمد بن سلمان هو غرفة عمليات وتنسيق بين أعضائه ولكن يسمح لمناقشة تدخل مشترك أوسع.. حقيقة: الارهاب لا ينحصر في داعش فقط." وتابع خاشقجي في سلسلة من التغريدات على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، تويتر: "تحالف إسلامي عسكري يضم حتى مصر وتركيا معا و34 دولة اسلامية اخرى، من يستطيع جمع كلمة المسلمين غير السعودية؟ ديننا قوتنا.. طبق خادم الحرمين السياسة النبوية ان استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فخرج علينا بهذا الخبر العظيم تحالف إسلامي عسكري يضم 43 دولة." "التدخل البري وارد" وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، قال إن الدول الأعضاء في التحالف العسكري الإسلامي الجديد لمكافحة الإرهاب، ستتبادل المعلومات وتقدم معدات وتدريبات وستنشر قوات إذا لزم الأمر. وردًا على سؤال عن احتمال أن تتضمن مبادرة التحالف إرسال قوات على الأرض، أجاب الجبير في مؤتمر صحفي بالعاصمة الفرنسية باريس: "لا شيء مستبعد". وقال الوزير السعودي إن هذا التحالف غير مسبوق وتشكيله إشارة واضحة وقوية إلى التزام الدول الإسلامية ضد الإرهاب والتطرف، وأبدى ثقته بأن عدد الدول المعنية والذي يبلغ حاليا 34 سيزيد في الأسابيع المقبلة. وأكد الجبير أن "هذا التحالف تحالف طوعي والدول حرة في المشاركة وبذل الجهود التي تريدها"، رافضا فكرة أن يكون التحالف سنيا، وأوضح أنه سيتم لاحقا دراسة الطلبات واتخاذ القرارات من جانب دول التحالف بشكل فردي لتحديد شكل مساهمتها.