يُعد المجتمع البدوي من المجتمعات الشائع فيها تعدد الزوجات، لأسباب عدة من أهمها أن التعدد مباح في الإسلام، وكذلك العرف البدوي يؤيده، وإن كانت الأسباب متعددة والدافع الرئيسي هو المال، كما أن المجتمع البدوي لا يواجه صعوبات في الزواج، لذا نجد ارتفاع نسبة الزواج من الثانية، وأيضًا ما ينتج عنه من ارتفاع نسبة الطلاق، لكن تبقى نسبة العنوسة منخفضة بعكس المجتمعات الأخرى. إشباع رغبة يقول نور عبدالغفار الصنقري، من أهل تعد الزوجات: يختلف الرجال من رجل إلى آخر في الهدف من الزواج أو التعدد، فهناك من يُعدد في الزوجات بهدف إشباع شغفه من النساء وهو صغير لكي لا يتمنى الزواج وهو كبير ولا يقدر عليه، وهذه تُعد رغبة إشباع حاجة، كما أن هناك هدف يكاد يكون منعدمًا وهو التعدد بهدف القضاء على العنوسة، وهذه مسئوولية كل رجل قادر ومستطيع. بو وحده عازب ويضيف الصنقري أن هناك من يُعدد في الزوجات لهدف تلبية احتياجاته، ووجود زوجة في المنزل بصفة مستمرة حال ذهاب الأولى، مشيرًا إلى أن هناك بعض المقولات في المجتمع البدوي الأولى "بو وحده عازب" أي أن من يتزوج من واحدة فقط فهو لا يزال في عِداد العزاب ولم يتزوج بعد لأنها حال زيارة أهلها يكون عازب، وفي حالات المرض والولادة والمناسبات. أما المقوله الثانية وهي "بو2 متزوج" بمعنى أن من يتزوج من اثنتان فهناك من تعوض غياب الأخرى، والمقولة الثالثة هي "بو 3 كل يوم في بلد" هنا يشبه زيارته لكل زوجه بأنه يزور كل يوم بلد مختلف وزوجة مختلفة، أما المقولة الرابعة هي "بو 4 كل يوم عريس" أي أن الرجل الذي يتزوج من 4 يكون حاله كحال العريس، لأن الاهتمام من الزوجات يزيد وكل يوم معاملة مختلفة، واهتمام أكبر فمثلوها بحياة العريس. ويتابع الصنقري: كما أن هناك مقولات أخرى منها ما هي تمثيلًا ومنها بمثابة إقناع، فهناك مقولة "ذكر الحمام مش كيف ذكر الإبل" أي أن ذكر الحمام مثل الذي يتزوج واحده فهو يمتلك أنثى أو زوجه واحدة، أما ذكر الإبل وهو الجمل فيمتلك أكبر عددا من الإناث، والمقولة الثانية هي "جرار المحراث مش كيف جرار القطر" وهذا يدل على القوة، فالمتزوج من أكثر من زوجه فهو يشبه قوة القطار الذي يجر عدد أكبر من العربات، أما جرار المحراث فهو يجر مقطورة أو عربة واحدة وهذا دليل على ضعف قوته. كثرة الذكور في القبيلة ويكمل الصنقري حديثه، قائلًا: في البادية قديمًا كانت القبيلة هي مصدر القوة والهيبة وتعتمد في ذلك على كثرة الرجال لحماية الممتلكات ووضع اليد على الأراضي لحيازة أكبر مساحة ممكنة، كما أن أهل البادية من طبعهم التفاخر بالأولاد الذكور وبكثرة عدد أفراد القبيلة للحفاظ على مكانتهم بين القبائل. ويذكرأنه كلما زاد عدد أفراد القبيلة زادت الهيبة، وأحيانًا تبادر الزوجة وتطلب من زوجها أن يتزوج من ثانية وثالثة ورابعة، حتى يتمكن من إنجاب عدد أكبر من الذكور خاصة في الباديه قديمًا، وكان الرجل في البادية لا يتمكن من الحفاظ ووضع اليد على الأرض إلا بهيبته، والهيبة تأتي من كثرة الأولاد الذكور. خطبة الزوجة لزوجها ويمضي الصنقري قائلًا: أما عن الزوجة التي تخطب لزوجها وهي من تختار العروسة، فهذا له عدة أسباب أولها عندما تكون الزوجة متأكدة من أن زوجها مصمم على الزواج من ثانية، فلا تترك البيت وتذهب لأهلها؛ بل تبادر وتخطب لزوجها على أن تأتي بزوجة تكون من اختيارها وتضع لها الشروط وتكون هي المتمكنة من إدارة المنزل، ولكي تكسب طاعتها لها. ويشير إلى أن هناك بعض الزوجات يقمن باختيار العروسة لزوجها لكي تساعدها على أمور المنزل، وهناك من تسيء الاختيار لزوجها وتأتي بزوجة أقل منها جمالًا حتى لا تستمر مع زوجها ويطلقها ويخسر الرجل ماله، ولا يستطيع الزواج من ثانية بسبب قلة المال، كما أن نساء البادية قديمًا تعودت على تعدد الزوجات فأصبح من الطبيعي أن تقوم الزوجة الأولى بالخطبة لزوجها. الزواج المبكر أهم الأسباب ويقول صابر حفيظ أبوالصحفاق، يبدأ زواج الشاب البدوي في سن 16 عامًا، إذ تختار الأم أو الأخت الزوجة لابنها أو لأخيها دون سابق معرفة من الشاب للفتاة أو حتى أن يراها، مما ينتج عنه في بعض الأحيان حالة من الصدمة، وانعدام التفاهم بين الزوجين، فيلجأ الزوج إلى الطلاق وكذلك الزوجة، مما يجعل الشاب في حالة اجتماعية غير مستقره وحيرة بين مجتمع يُعيب مشاهدة الشاب للفتاة قبل الزواج، وبين انعدام استقرار الحياة الزوجية، وهذا يعد سببًا في ارتفاع نسبة الزواج من زوجة ثانية والطلاق في أحيانٍ كثيرة. النصفة ويضيف الصحفاق أن من أسباب تعدد الزوجات في مجتمعنا المال، وإنجاب الأولاد الذكور، وسوء الاختيار، والمتعة، مشيرًا إلى أن هذه الأسباب تأتي بعد إباحة الشريعة الاسلامية بتعدد الزوجات وكذلك العرف البدوي، فالبعض عندما يتحصل على المال أول قرار يتخذه بناء منزل وشراء سيارة ومن ثم الزواج بثانية وثالثة ورابعة. ويذكر أنه عند كل زواج يقوم الزوج بدفع "النصفة" وهو مبلغ يبدأ من 3 آلاف إلى 10 آلاف للزوجة الأولى نظير عودتها من منزل والدها إلى بيت زوجها، كما يتم اشتراط السكن في منزل خاص بها أحيانًا. إنجاب الأطفال أما صالح جمعة القريضي، فيقول إن السبب الثاني لتعدد الزوجات هو إنجاب الأطفال أو الأولاد الذكور، فعندما تكون الزوجة عاقر أو أنجبت إناثًا فقط يقوم الزوج بالزواج من أخرى، مع الحفاظ على حق الأولى، وغالبًا ما يكون هناك اتفاق بين الزوجين، بل وتقوم الزوجه الأولى باختيار الثانية. منع مشاهدة الفتاة قبل الزواج ويضيف القريضي أن السبب الثالث لتعدد الزوجات هو سوء الاختيار، لأن المجتمع البدوي يحظر على الشاب مشاهدة الفتاة قبل الزواج، وهنا يكون حصد النتائج إما الطلاق أو الزواج من أخرى عندما يشاهد الزوج زوجته ليلة الدخلة. ويكمل أن هناك البعض يجيز النظرة الشرعية بين الشاب والفتاة والكثيرين يحظرون ذلك، رغم أن الإسلام أباحها، ولكن العرف حظرها وجعلها من الأعمال الشنيعة، وذلك لأسباب من أهمها الكلام على الفتاة بعد مشاهدته لها، كما يمتنع الكثير عن خطبة هذه الفتاة بسبب أن فلان شاهدها ولم يتزوجها. المال والمتعة ويتابع القريضي: أما السبب الرابع فيعد أقرب للسبب الأول وفيه يكون الزواج من ثانية أو ثالثة أو رابعة للمتعة حال وجود المال والثراء الذي يمكن الرجل من الزواج، وفي هذه الحال ربما يتعدى فيها الزوج الحدود التي سمح بها الإسلام، لأن البعض يكون لديه 4 زوجات، وواحد في طلاق دائم بمعنى أن ثلاثة من الزوجات مستقرين بشكل دائم وواحدة تطلق وتأتي مكانها الأخرى، وهذا يكون الظلم لمجرد إشباع غريزة أو الحصول على المتعة مما ينتج عنه تشرد للأطفال وارتفاع نسبة الطلاق. ويردف القريضي "للأسف الناس تعرف سبب زواج الرجل بل ومعرفه عدم استمرار ابنتهم في الزواج منه، ومع ذلك يقومون برميها". التربية الخاطئة وتقول تهاني الجميعي، ماجستير في علم الاجتماع إن تعدد الزوجات في البادية له عدة أسباب ومنها طريقة التربية، إذ تعودنا أن كل شيء يقوم به الرجل مباح ومحلل ومن العيب النقاش فيه. وتضيف أنه في الغالب عندما يفكر في الزواج الثاني يلقى التشجيع من قِبل الأهل، وكذلك حب الذكور والتباهي بكثرتهم، وكذلك الحشمة التي تربت عليها المرأة تمنعها بعد فترة الزواج من إظهار زينتها، خصوصًا مع وجود الأولاد.