كتبت- مريم الرميحي: "أفراح الجمعية" هكذا يحب أن يطلق عليها أهالي نجع حمادي وقراها على الأعراس التي يستعين الأهالي ب"جمعية" ليتم عرسهم. فكرة "افراح الجمعية" ليست حديثة العهد في الصعيد، بل هي تقليد قديم للمصريين عمومًا وفى الصعيد بوجه خاص، إذ يأتي المهنئون ل"مجاملة" العروسين -هكذا يطلقون عليها "مجاملة"- ودفع مبلغ مالي يسمونه "نقوط"، ومع تطور الزمن وتغير ظروف الحياة، أجبر الناس إلى بعث تلك العادة، تحايلًا على ضيق المعيشة، وسدًا لباب العوز والحاجة الذي تفتحه تكاليف الزواج القاسية. النقوط والجمعية وبوجه عام فإن فكرة "أفراح الجمعية" التي تعتمد على "النقوط" بشكل أقرب إلى الأساسي، يعد أحد مظاهر التكاتف والتعاون بين أبناء القرية الواحدة، وتتشابه بفكرة أن يدفع أحدهم مبلغًا من المال "النقوط" مجاملة لصاحب العرس أو المناسبة، بينما على من يدفع "النقوط" في مناسبة ما عليه أن ينتظر رد مبلغه من ذات الشخص في أقرب مناسبة سعيدة: طهور أو سبوع أو نجاح أو غير ذلك، فالأمر يتعلق بمفهوم "فك زنقه" على أن يرد لك في "المسرَّات" بحد وصفهم. فرح الجمعية يختلف تمامًا عن الفرح التقليدي، إذ له قواعده وطقوسه الخاصة، بل له في بعض القرى "شِلل" ومجموعات متخصصة. أبطال الفرح انتقلت فكرة فرح الجمعية إلى نجع حمادي وأبوتشت وبعض قراهما قادمة من الوجه بحري والعاصمة، فالفرح التقليدي أبطاله العروسين اما فرح الجمعية فأبطاله هم الفرقة أو "النمرة" كما يطلقون عليها، أما مصور الفيديو والإدارة و"النبطشي" تتدرج أهميتهم بحسب أدوارهم، فالنبطشى هو من يعرف من حضر ومن لم يحضر للم الجمعية "النقطة"، فينادي باسم وبلد كل من يحض، والفيديو هو التوثيق من دفع ومن لم يفعل ولكل قرية أو منطقة النبطشي الخاص بها، وعن القواعد فهي الالتزام بدفع النقطة فى كل فرح بالمبلغ المتفق عليه ويتفاوت من شخص لآخر. طقوس خاصة أما عن طقوس الفرح فهي مهمة الإدارة وهم أصحاب صاحب الفرح عادة، والذين يبتكرون طرق التواصل طوال الفرح فيستخدمون الليزر للتواصل مع بعضهم لخدمة المعازيم وتنظيم طرابيزات وجلسة كل ضيف. يستمر العرس نحو 8 ساعات، أما عن طقوسه فتوفر المخدرات بأنواعها والبيرة والخمور ونمرة جيدة وأشهرها: وسط البلد وأولاد البلد وصبري المصري وأمجد نعيم، وفى الاغلب تلازمها راقصة، وكلما توفرت الطقوس بشكل جيد كلما زادة الجمعية. ويبلغ عدد طرابيزات الفرح من 27 إلى30، تسع أقلهم 4 أشخاص وأقل نقطة تصل 500 جنيه وأكثرها 6 آلاف جنية، وقد يصل مجمل النقطة إلى30 األف جنية فأكثر. الهروب من أعباء المصاريف يرى"الغلابة" أفراح الجمعية طريقة جيدة للتخفيف من أعباء ومصاريف الأعراس، بسبب ظروف المعيشة الصعبة لأكثرهم، فضلًا عن أنها توفر فرص عمل لعدد كبير من الشباب طوال العام فأعضاء الفرقة يصل عددهم إلى 16 عضوًا، بجانب الفراشة والبوفية والمصورين ومحلات البيرة، كما أنها انقذت أيضًا الفرق من الاندثار، إذ إن انتشار ال"دي جى" في الأفراح أصبح مصدر دخل لأكثر من45 شابًا بشكل يومي، ومع هذا لا يحبذه آخرون واصفين إياه بأنه أشبه بالتجارة وبلا كرامة.