بني سويف عبير العدوي، و سارة يحيى: تصوير ومونتاج هادي سيد: تفاقمت أزمة الصرف الصحي في المنطقة الغربية من قرية بلفيا التابعة لمركز بني سويف، وذلك بعد أن أغرقت مياه الصرف المنازل، حتى أصبح الأمر اعتياديًا، دون أي حراك من المسؤولين. وكان المشهد جدير بالتوقف منذ أكثر من 3 أشهر، عندما خرج الأهالي من بيوتهم في الشوارع وسط صراخ النساء والأطفال بعد منتصف الليل، عندما فوجئوا بالبيوت وقد تحولت إلى برك وبحيرات من الصرف الصحي، ليتم استدعاء نقطة الشرطة وشركة المياه والوحدة المحلية لمعاينة الوضع، إلا أن الحلول كانت مجرد مسكنات، إذ شفطت المياه دون معرفة السبب. "الكلاب عايشة أحسن مننا"، هكذا عبرت أسماء عويس مصطفى، عن أزمتها مع مشكلة الصرف الصحي الذي يهدد منزلها يومًا بعد آخر، موضحة أن سيارات الكسح لم تعد تجدي نفعًا مع كميات المياه التي تحتاج للكسح كل يومين. وتوضح أنها أرملة، ومعاشها الذي تحصل عليه محدود، متسائلة كيف لها أن تعيش بهذا المرتب البسيط، مع استمرار أزمة الصرف والحاجة إلى إحضار سيارات الكسح التي تبلغ أجرتها 40 جنيها للنقلة الواحدة. وتشير أسماء إلى أنهم لجأوا لجميع المسؤولين سواء في المجلس القروي أو بشركة مياه الشرب والصرف الصحي بالمحافظة، لكن لم يجدوا أي جديد. وتوضح أنهم اقترحوا على الوحدة المحلية بالقرية تجميع مبالغ مالية لاستكمال مشروع الصرف الصحي المتوقف في هذه المنطقة، بحيث تكون مبادرة للمساعدة في حل المشكلة، ولكن لم يجدوا من يقف إلى جانبهم وتضيف أن مهندسًا من شركة المياه حضر إلى المنطقة منذ فترة، وقال للأهالي إن هذه المنطقة أمامها 6 سنوات فقط وبعدها ستغرق المنازل بها نهائيا، متساءلة بخوف: طيب إحنا نروح فين بأطفالنا؟ وأوضحت أسماء أن مشروع الصرف موجود في القرية منذ سنوات، وبدأت أعمال الحفر في المنطقة، ولكن منذ لك الحين غرقت منازلهم، وبسبب الإهمال تكسرت المواسير، وعلى إثر ذلك حضرت نقطة شرطة بلفيا، والمهندس المسؤول عن المشروع، والذي قال إن "هذه المنطقة ستغرق لو حفرنا، ولم يفسر لنا السبب وراء مشكلة المياه التي باتت تهدد بسقوط البيوت "فوق رؤوسنا". وأبدت أسماء دهشتها عندما علمت بأن المحافظ أصدر قرارًا منذ شهور بتحميل الوحدات المحلية نفقات الكسح للمنازل المنكوبة بالصرف في القرى، وأكدت أن القرار لم يصل إلى أرض الواقع في بلفيا، مؤكدة أنها مازالت تدفع لسيارات الوحدة المحلية مبالغ مرتفعة جدًا. فيما تقول هويدا صلاح محمود، إنهم ثلاث أسر يعيشون في المنزل، منهم أسرة غادرت المنزل ولم تحتمل البقاء وسط مستنقعات الصرف "حيث غرق منزلنا في مياه الصرف، ولا نعلم حتى الآن من أين تأتي هذه المياه، لافتة إلى أن أطفالهم أصيبوا بالمرض، وأحد أولادها أصيب بالتهاب رئوي بسبب الميكروبات المنتشرة والناموس بعدما تحولت البيوت إلى ما يشبه البرك والمستنقعات – حد قولها. وأكدت هويدا أنها تدفع 60 جنيها لسيارات الكسح الخاصة بالوحدة المحلية، مضيفة "أحيانًا يرفض العاملون الحضور لإنقاذنا من المياة العفنة، وقرار المحافظ بخصوص الكسح المجاني للبيوت يعتبر حبر على ورق ولم يصل إلى قرية بلفيا حتى اليوم، ولم يتم حتى تخفيض ثمن الكسح، بل رفعت التسعيرة". وتوضح الحاجة سميرة مصطفى، ربة منزل، أنها رجعت من السوق ذات يوم لتجد أن مياه الصرف أغرقت بيتها حتى منتصف الحوائط، فأخذت تبكي بعد يوم من التعب في السوق والمناهدة في بيع بضاعتها المنزلية من الجبن والبيض لتشتري احتياجات البيت. وأضافت سميرة أنهم على هذا الحال منذ أكثر من ثلاث سنوات، حتى أصابتهم الأمراض، لافتة إلى أنها لا تملك القدرة المالية لاستدعاء سيارات الكسح التي ترتفع تكلفتها يومًا بعد يوم. وقالت زينب محمد فرج، إن منزلها هو الوحيد الذي لم تطوله المشكلة لارتفاعه عن بقية المنازل، إلا أنها مستاءة بسبب ما يعانيه جيرانها من الأزمة، كما أن الأمراض المعدية تكون للجميع، لافتة إلى أن الوحدة المحلية لم تتدخل لإنقاذ الأهالي من المشكلة ولا حتى شركة مياه الشرب، والأهالي مضطرين للتعامل مع الأزمة باستخدام سيارات الكسح الخاضعة للوحدة المحلية على نفقتهم الخاصة، وهو ما يحملهم أعباء لا طاقة لأحد بها. ويوضح محمد طه، من أهالي بلفيا، أنهم يعانون من مشكلة الصرف الصحي منذ ثلاث سنوات تقريبا، حيث أغرقت مياه الصرف المنازل، لدرجة أنهم يتناولون الطعام على السرير هربًا من المياه التي غطت الأرض بارتفاعات بيرة، وكذلك أداء الصلاة أصبح مشكلة لهم لأنهم يخشون فساد وضوئهم جراء هذه المياه. وأضاف طه أنهم يجرون عملية الكسح كل أسبوع أو ثلاثة أيام تقريبًا، حيث تحصل سيارات الوحدة المحلية من 30 إلى 60 جنية للنقلة الواحدة، بحسب حجم المياه التي يتم كسحها، لافتًا إلى أن التكلفة الشهرية لهذه السيارات بالنسبه له تكون بمتوسط 350 جنيه شهريًا، ويتساءل: هل هذه أعباء يصح تحميلها لموظف حكومة يعول أسرة بمرتب لا يتجاوز 700 جنيه؟ وأكد طه أن تكلفة النقلة الواحدة للسيارة ترتفع يومًا بعد أخر، وحتى سيارات الوحدة المحلية لا تستجيب لنداءات الأهالي المنكوبين إلا بعد أيام يكون فيها الجميع في "حالة قرف" من مشهد المياه التي تغطي البيوت وتسمم عليهم الطعام والشراب. واختتم طه بأنه قدم العديد من الشكاوى إلى الوحدة المحلية ببلفيا، وكذلك مجلس المدينة ببني سويف وشركة مياه الشرب والمحافظة، وكله بدون جدوى و"كأننا نؤذن في مالطة، مضيفا أن بعض الأشخاص "يستثمرون في مصائب الناس"، ومنهم من اشترى جرارت كسح للعمل بهذه المنطقة و"كله من جيوب الأهالي واللي مش عاجبه يشرب من مية الصرف".