''مصراوي'' بجوار ''عفونة'' الغارقة.. الكارثة مرت من هنا

على بُعد بضعة كيلو مترات من قرية عفونة" المنكوبة بوادي النطرون التابعة لمحافظة البحيرة، كانت منطقة الملاحات بقرية الجعار حبيسة مياة الأمطار، الأهالي يتابعون بحسرة ما جرى للمزارع الخاصة بهم، والطريق الأسفلتي الواصل إلى جبل الحديد الذي غرق في مياه الأمطار، الدهشة تسبق التفكير، والعجز يسد نفوسهم من التحرك لمحاولة إيجاد أية حلول "احنا على الحال دا بقالنا يومين.. الحكومة قالت هتجبلنا ماكينات لسحب الميه وأدينا مستنين" يقولها عبدالرحيم محمد، أحد أهالي القرية بغضب.
كانت الأمطار تنهمر على القرية الصغيرة- في نوفمبر من الشهر الجاري- غير أنها لم تتأثر كثيرا بالأمر، مضت عدة ساعات دون أن يدق الخطر أبوابهم، في الصباح علموا أن السيول غمرت قرية عفونة المجاورة، وضعوا خطط بحسب مقدرتهم لذهاب إليهم ومساعدتهم لكن آثار الكارثة جاءت إليهم "عفونة كلها جات علينا بالسيول والبيوت والجثث"، اندفعت المياه في الأراضي، أغرقت الأخضر واليابس، قضت على الماشية "مسبتش حاجة.. بقر ومعيز حتى الجمال سحبها التيار الشديد".
لساعات طويلة ظل أهالي القرية عاجزون عن إنقاذ ممتلكاتهم من الضياع، السيول تتدفق بشدة نحوهم حتى أنها أغرقت 3 عربات -جرار- فضلا عن حفار مِلك لشركة الملاحات، ودفنت جزء كبير من طريق الوطنية المتجه إلى جبل الحديد "الطريق واقف، مفيش عربيات قادرة تدخل جوه.. ومستنين الحكومة تنقذنا من الوضع دا" حضرت إليهم قوات تابعة للجيش وجدوا صعوبة في إعادة المكان إلى حالته الأولى فغادروا على وعد بالعودة بمعدات أكبر.
عبدالمنعم الشيخ، أحد أصحاب المزارع بالقرية، يجلس بالقرب من قطعة الأرض التي يمتلكها بعد أن جردتها السيول من خيرها "حوالي 10 فدانين كنا بنزرع فيهم الزيتون راحوا في ساعة زمن"، يسرد الرجل الأربعيني مأساته، كيف استيقظ مفزوعا على خبر غرق المزرعة "جيت ملقتش لا غنم ولا مراعي وشجر".
عشرات من السيارات متوقفة أمام الطريق المغمور بالمياه، الوصول إلى جبل الحديد صار دربا من المستحيل، لا يمكن المرور من المكان، مما دفع بعضهم إلى الرجوع من حيث أتوا، "محمد جندية" سائق سيارة نقل رفض أن يقترب إلى إحدى الشركات الواقعة على الطريق "لو دخلت مش هعرف أطلع"، فيما يقف أهالي القرية بجوار الطريق في انتظار أن يأتيهم الفَرج.