دخلت قوات تركية عسكرية لأول إلى داخل الأراضي السورية، أمس الأحد، في عملية نوعية أعلن عنها رئيس وزراء تركيا أحمد داود أوغلو، قال إنها لنقل رفات ضريح سليمان شاه. ضريح سليمان شاه، وهو جد مؤسس الدولة العثمانية لسلطان عثمان الأول بن أرطغرل، يمثل أهمية كبرى لدى تركيا، لدرجة جعلتها ترسل قوات عسكرية لنقل رفاته ومقتنيات القبر من الأراضي السورية إلى تركيا ''خوفا من هدمه على يد تنظيم داعش''. وتعود قصة الضريح إلى سليمان شاه ابن قتلمش عندما كان رئيسا لعشيرة صغيرة عدد أفرادها حوالي خمسة آلاف شخص تسمى (قايا) اتجهت غرباً نحو سوريا هربا من غزوات المغول، قبل أكثر من ثمانمائة عام، وعندما غزى المغول امبراطورية سليمان شاه ، لقى حتفه غرقاً في نهر الفرات أثناء محاولته الفرار سنة 1227 ولم يعثر على جثته. فأقيم قبر له وآخر لأحد وزرائه قرب منحدرات قلعة جعبر الغربية. ومع سيطرة الدولة العثمانية على سوريا ، إثر معركة ''مرج دابق''، بقيادة السلطان سليم الأول، استطاع أن يقيم قبراً لائقاً بجدّ العثمانيين، أطلق عليه فيما بعد ''المزار التركي''، وفي عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، أواخر القرن التاسع عشر، برز الاهتمام الأكبر بالقبر، فتم تجديده وتوسعة المنطقة المحيطة به. وعقدت تركيا مع فرنسا التي كانت تحتل سوريا معاهدة أنقرة سنة 1921، اتُفق فيها على أن ضريح سليمان شاه هو تحت السيادة التركية، وحالياً يعتبر هذا المزار، الأرض الوحيدة ذات السيادة التركية خارج حدود الدولة، ويسهر على حماية المزار جنود أتراك. في سنة 1973، كانت مياه سد الفرات ستغمر الضريح، بعد مفاوضات تركية - سورية تقرر نقل الضريح إلى منطقة أخرى مسيجة على شريط من الأرض ناتئ في ماء نهر الفرات قرب قرية قره قوزاك على بعد 25 كم من تركيا مساحتها 8,797 متر² داخل محافظة حلب. ومؤخرا مع تردي الأوضاع في سوريا، وسيطرة تنظيم داعش على مساحات شاسعة في سوريا، وهدمه للكثير من الأضرحة والمقابر التاريخية الأثرية، أكدت تركيا أنها ستدافع عنه، وباعتبار أن تنظيم داعش وجماعات أخرى دمروا العديد من الأضرحة والمساجد في سوريا، صوّت البرلمان التركي في أكتوبر 2014 لصالح تفويض الجيش بإجراء عمليات عسكرية ضد مسلحي تنظيم الدولة بسوريا والعراق، وهو ما قرر الرئيس التركي أردوغان، على إثره إرسال قوة عسكرية داخل الأراضي السورية لنقل رفات سليمان شاه، في عملية عسكرية قتل فيها جندي تركي. وأكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أن عملية ''ضريح سليمان شاه'' تكللت بالنجاح بعد نقل الرفات والجنود الأتراك الذين يحرسون الضريح إلى داخل الأراضي التركية. وقال إن عملية ضريح شاه سليمان بدأت في تمام الساعة التاسعة من مساء يوم أمس (بتوقيت تركيا) بدخول 39 دبابة و57 عربة مدرعة ومئة آلية و572 جنديا، ووصلت إلى الضريح في حدود الساعة 0030 بعد منتصف الليل، وتزامن ذلك مع توجه قوة عسكرية أخرى إلى قرية ''آشمة'' تمهيدا لنقل الرفاة إليها. ولفت داود أوغلو إلى مقتل جندي تركي في العملية بسبب حادث عرضي، مؤكدا عدم حدوث أي اشتباكات خلال العملية. فيما أدانت الخارجية السورية العملية التي نفذتها تركيا الليلة الماضية داخل الأراضي السورية لنقل رفات ''سليمان شاه'' جد مؤسس الدولة العثمانية من ضريحه في حلب بسوريا إلى تركيا. وقالت الخارجية في بيان نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا) :''عدم تعرض تنظيم داعش الإرهابي لضريح سليمان شاه يؤكد عمق الروابط القائمة بين الحكومة التركية وهذا التنظيم الإرهابي''. وأضافت :''تركيا لم تكتف بتقديم كل أشكال الدعم لأدواتها من عصابات داعش والنصرة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة، بل قامت فجر اليوم بعدوان سافر على الأراضي السورية''.