تباينت أراء خبراء الاقتصاد حول مدى جدية الأصوات التي خرجت خلال الأيام الماضية باعلان تنازلها عن نصف ممتلكاتهم ورواتبهم دعماً لمصر، بعد مباردة الرئيس عبد الفتاح السيسي باعلان تنازله عن نصف راتبه وثروته. واعتبر خبراء أن خروج الكثير من السياسيين ورجال الأعمال والإعلان عن تنازلهم عن نصف ممتلكاتهم ورواتبهم ماهي إلا مجرد تصريحات للاستهلاك الاعلامي، مشيريين إلى أن كل مناسبة منذ 25 يناير تخرج مثل تلك التصريحات ولا يعلم عنها شئ، حسبما قالوا. وأكدوا أنه من الصعب وضع آلية تلزم كل من يصرح بتلك الأقاويل بكلامه حتى لا تتحول إلا مجرد استهلاك إعلامي، أو إلزام الحكومة باطلاع الرأي العام عن الحساب وحجم التبرعات التي فيه وكيف يتم صرفها. فيما يرى آخرون أن مبادرة دعم الاقتصاد التي خرجت بعد 30 يونيو والتي تم فتح حساب لها بالبنك المركزي 306306 أثبتت نجاح الفكرة وأنها ليست مجرد تصريحات إعلامية، مؤكدين أن الصندوق استطاع بالفعل جمع أموال وتم الاعلان عنها وإطلاع الرأي العام على ماتم جمعه من أموال وتم تقديم كشف حساب بذلك. وكان البنك المركزي قرر فتح حساب لدى البنك المركزي المصري تحت رقم (37037)، ليشكل الوعاء الذي سيتم من خلاله تلقي تبرعات أبناء الشعب المصري لدعم الاقتصاد الوطني، بعد المبادرة التي أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم خلال حفل بالكلية الحربية. من الصعب إيجاد آلية إلزام قال أحمد آدم، الخبير مصرفي، إنه من الصعب إيجاد آلية تلزم كل من يصرح بالتبرع أو التنازل عن نصف مرتبه لدعم مصر بتنفيذ ما وعد به، وضمان عدم تحولها لمجرد تصريحات للاستهلاك الإعلامي. وأشار الخبير المصرفي في تصريحات هاتفية لمصراوي إلى أنه خرج الكثيريين في كل مناسبة من قبل وبعد 30 يونيو يصرح بأنه سيتبرع لمصر بمبالغ كبيرة ولا نعلم أين هم الآن وهل تبرعوا أم لا؟!، وقال ''بعد 30 يونيو خرج أحد رجال الأعمال وقال أنه سيتبرع ب10 مليار جنيه لمصر وتم التهليل له وبعد ذلك لم نسمع أي شئ''. واعتبر أن ما أعلنه بعض رجال الأعمال بالتبرع عن نصف ما يملك لمصر تظهر دائماً على غير الحقيقة، حيث أن البعض منهم لا يسجل ثروته الحقيقية وأملاكه تهرباً من الضرائب، وقال: ''كما أن رجال الأعمال يتبرعون بالقليل ويحصلون في المقابل على مكاسب كثيرة''. وأكد أنه من الصعب كذلك إلزام الحكومة بالاعلان تفصيلاً عن حجم الحساب وكيف يتم صرف تلك الأموال لكي يكون الرأي العام مطلع. وكان العديد من رجال الأعمال والمحافظين أعلنوا التبرع من حساباتهم الشخصية لصالح مصر، ودعماً للرئيس عبد الفتاح السيسي، وأبرزهم السيد البدوي رجل الأعمال ورئيس حزب الوفد، ورجل الأعمال أحمد أبو هشيمة ومحمد الأمين مالك قنوات cbc، والفنان عمرو مصطفى ورجل الأعمال منصور عامر. كما أعلن المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء ووزير الاستثمار أشرف سالمان والعديد من المحافظين دعمهم لمبادرة دعم مصر وتنازلهم عن نصف راتبهم، ومن المحافظين اللواء العربي السروي محافظ السويس اللواء مصطفى هدهود محافظ البحيرة، اللواء أحمد بهاء الدين القصاص محافظ الاسماعيلية. في مصر ''الكلام حلو'' وقال الدكتور أحمد قورة خبير مصرفي ورئيس البنك الوطني الأسبق: ''إنه على الدولة القيام باصلاح منظومة الدعم وإنشاء مشروعات جديدة لتحسين الوضع الاقتصادي بدلاً من طلب التبرعات''. ويرى ''قورة'' عبر تصريحاته لمحرر مصراوي أنه من الصعب إيجاد آلية تلزم كل من يصرح بأنه سيتبرع لمصر بتنفيذ وعوده وليس مجرد استهلاك إعلامي. واعتبر أن كل ماخرج عن التبرع لمصر خلال الفترة الماضية ماهو إلا مجرد ''كلام''، قائلاً''ماهو متبع في مصر الكلام حلو في النهاية مفيش''. فكرة ناجحة وحدثت في 30 يونيو ومن جانبه، قال الدكتور مصطفى بدرة خبير اقتصادي واستاذ التمويل والاستثمار: ''إن ما فعله الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتبرع بنصف ثروته بعد توليه ب10 أيام لم يحدث في تاريخ مصر إلا عندما تبرعت الملكة فريدة بأرض جامعة القاهرة''. ويرى الخبير الاقتصادي أن إنشاء صندوق لدعم مصر وجمع التبرعات ''فكرة ناجحة''، مشيراً إلى أنه بالفعل تم جمع تبرعات في حساب 306306 بعد 30 يونيو وتم تشكيل أمانه عامة له واستطاع جمع نحو 900 مليون جنيه ثلثها تبرع بها الجيش، بالاضافة إلى قيام الفنان محمد صبحي بتبني مبادرة تطوير المشروعات واستطاع جمع مليار جنيه تبرعات. وأضاف: ''أنه حدث في عهد الرئيس السابق محمد مرسي محاولة جمع تبرعات ومساعدات وتم إنشاء صندوق له ولم يجمع تبرعات أكثر من 15 مليون جنيه، مما يدل على أنه كان هناك إجماع على عدم دعم الاقتصاد في عهد الاخوان المسلمين'' -بحسب وصفه. وأكد على أنه كانت هناك إطلاع للرأي العام على حساب 306306 حيث كان يتم إعلان إجمالي التبرعات التي كانت تصل للحساب، وتقديم كشوف حساب. ودعا الخبير الاقتصادي من أفراد المجتمع مساعدة مصر قال ''إذا قام فقط مليون شخص في المجتمع من ال90 مليون ودفع 5 آلاف جنيه سيتم تجميع نحو 5 مليارات جنيه، عندها تستطيع الحكومة استخدام هذه الأموال في رفع مخصصات الصحة وتوجه الأموال الحكومية التي يتم تخصيصها في الموازنة لبند الصحة إلى أشياء أخرى من إسكان وتعليم وغيره''. ويرى ''نمرة'' أن من الأخطاء التي وقع بها صندوق حساب 306306 وكان يجب تفاديها حتى يتم تشجيع أفراد المجتمع للتبرع ومساعدة مصر في تلك الظروف الاقتصادية، هو عدم إنشاء موقع إلكتروني يوضح لأفراد المجتمع توصيف الصندوق وكيف سيتم استثمار الأموال والأنشطة التي سيدخل فيها. وقال ''طالبت في ذلك الوقت من الصندوق البداية من القاع والذهاب إلى أفقر 28 قرية في محافظات مصر ويتم توصيل لهم الخدمات ومعالجتهم ودعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر في تلك القرى ويتم بعد ذلك نشر التطوير الذي حصل في تلك القرى من أموال الحساب على الموقع الإلكتروني من أجل تعريف المجتمع لتشجيعهم على التبرع''. وأضاف: ''ويوجد تجربة ناجحة في تلك المجال مستشفى 57375 لسرطان الأطفال حيث استطاعت جمع تبرعات بناء المستشفى والأجهزة بداية من 25 قرش وكانوا دائماً يعلنوا في وسائل الإعلام التطوير الذي لحق بالمستشفي من خلال استخدام أموال التبرعات من أجل تحفيز أراد المجتمع على استمرار التبرع''. وعن ما أثير حول نية صندوق حساب 306306 تقديم ما تم تجميعه من أموال لصندوق دعم مصر، قال ''أناشد اللجنة الفنية للصندوق بعدم فعل ذلك، فليس كل شئ تقوم بيها الحكومة، أدعوهم للعمل والتعاون مع المحافقظات والمستشفيات والصحة بعيد عن الحكومة إيد على إيد تساعد''. وطالب من صندوق حساب 306306 والصندوق الذي تم إنشائه حديثاً تقديم كشف حساب للرأي العام وللحكومة من أجل توضيح القرى والأماكن التي تم فيها استثمار تلك الأموال حتى لاتذهب أموال أخرى إلى نفس المكان مرتين ويتم استخدامها فى أماكن أخرى بحاجة إلى تطوير''.