انطلقت فعاليات دورة الأولمبياد الشتوية الثانية والعشرون وسط احتفال مهيب بمنتجع سوتشي بروسيا. وقام الرياضيون المشاركون في البطولة من 87 دولة حول العالم بعرض رياضي أمام 40000 متفرج والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أعلن افتتاح الأولمبياد بملعب فيشت. وأوقد الشعلة الأولمبية أثناء هذا الحدث العظيم الرياضيان الروسيان بطل هوكي الجليد السابق فيلاديسلاف ترتياك، الحاصل على ثلاث ميداليات ذهبية في بطولات سابقة، وبطلة التزلج الفني السابقة إرينا رودنينا. ووصلت تكلفة دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية بسوتشي إلى 30 مليون جنيه إسترليني، وهي التكلفة الأعلى على الإطلاق في تاريخ الأوليمبياد. وألقت عدة عوامل سلبية بظلالها على فترة الإعداد لهذه الدورة من الألعاب الأوليمبية حيث حاصرتها مخاوف أمنية ومزاعم فساد وشكاوى عمال البناء لم يتقاضوا أجورهم بالإضافة إلى مطالبات بالحقوق الجنسية للمثليين. واستغل توماس باخ، رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية، خطابه الافتتاحي في الترويج للقيم الأوليمبية الخاصة بثقافة التنوع والبعد عن التمييز. قال باخ إن ''الأولمبياد من شأنها أن تبني جسور التواصل بين الناس، لا بناء جدران عازلة تفرقهم عن بعضهم البعض. كما أنها تتبنى التنوع والوحدة بين بني البشر.'' ولم يحضر افتتاح الأولمبياد الشتوية الرئيس الأمريكي باراك أوباما ولا رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون في حين حضر الحفل 44 من رؤساء الدول حول العالم. ومن جانبه، لم يستغل الرئيس بوتين، الذي يمثل دور المحرك الرئيس لإقامة هذه الدورة، الحدث لإطلاق تصريحات سياسية. والتزم بوتين بالبروتوكول ليقتصر حديثه على جملة واحدة أعلن من خلالها افتتاح الدورة. وكان احتفالًا مدهشًا شاهده الحضور في ملعب فيشت ومشاهدي التلفزيون. واستمر الحفل لثلاث ساعات اُستخدمت خلالها 22 طنا من الألعاب النارية التي جعلت سماء سوتشي تبدو أكثر تألقًا. ولم يعكر صفو الاحتفالية سوى واحدة من البلورات الثلجية الخمس التي استخدمت في تشكيل الشعار الأولمبي، حيث لم تنجح عملية تشكيل الشعار لخلل اصابها. نتيجةً لذلك، ظهر شعار الألعاب الأولمبية ناقصًا إحدى دوائره الخمسة. وقلل قنسطنطين إرنست، المسؤول عن تنظيم الحدث، من أهمية ما حدث عندما قال إنه ''لا يمكن لشخص طبيعي أن يهتم بأحدى البلورات الثلجية لم ننجح في فتحه متجاهلًا الخبر الأهم عن الحدث الجلل الذي تدور فاعلياته منذ ساعتين ونصف.'' نجوم روسيا الأولمبيونحملت ماريا شارابوفا، بطلة التنس العالمية التي تربت في سوتشي، الشعلة الأولمبية وطافت بها حول الملعب قبل أن تتناولها أيدي يلينا إزنبيايفا، صاحبة الرقم القياسي العالمي في القفز بالزانة، والمصارع ألكسندر كيرلين وألينا كابايفا. وانتهى المطاف بالشعلة إلى رودنينا وترتياك، نجما الأوليمبياد الروسيين، ليوقدا بها الشعلة الأولمبية الكبرى وسط المجمع الأوليمبي على أنغام سيمفونية فايربايرد سوت لسترافنسكي. وخلافًا لما هو متعارف عليه في افتتاح الأولمبياد، دخلت الفرق الرياضية المتنافسة إلى أرض الملعب وفقًا للترتيب الأبجدي للغة الروسية وكان الفريق الأوليمبي الروسي هو الأخير من حيث الظهور. واستقبله جماهير الحضور في الملعب بتشجيع وهتافات مدوية. ظهر كل فريق من الفرق المشاركة في البطولة وكأنه يخرج من خريطة الدولة التي يمثلها في إطار عرض ضوئي رائع. حضور بريطانيظهر بطل التزلج السريع البريطاني جون إيلي، 29 سنة، وهو يحمل العلم البريطاني في ثالث مشاركة أوليمبية له متقدما الفريق المكون من 56 لاعب. يُذكر أن الفريق البريطاني الأوليمبي مرشح للحصول على ما يتراوح بين ثلاث وسبع ميداليات في سوتشي وفقًا لخبراء رياضيين بريطانيين. وحال نجاح الفريق البريطاني في الحصول على أربع ميداليات، فسوف يتجاوز بذلك أكبر رقم حققته بريطانيا في أول بطولة للأولمبياد الشتوية بشامونيكس في فرنسا عام 1924. وبينما تشارك بعض الدول منها بباكستان ونيبال والمكسيك بلاعب واحد فقط في أولمبياد سوتشي، تشارك الولاياتالمتحدة ب 230 لاعب أوليمبي، وهو أكبر رقم في تاريخ دورات الألعاب الأوليمبية الشتوية. وتحضر الولاياتالمتحدة أول مشاركة لها في أولمبياد تنعقد في روسيا، حيث توقفت المشاركة الأمريكية في دورات الألعاب التي تُقام في روسيا منذ بدء المقاطعة الأمريكية للأولمبياد الصيفية في روسيا عام 1980. وتضمن الحفل الافتتاحي لأولمبياد سوتشي استعراضًا لتاريخ وتراث روسيا في الفن والموسيقى والباليه في إطار أشبه برحلة عبر الماضي. شارك في الاستعراض 3000 من الفنانين الروسيين من بينهم موسيقيين وراقصين ومطربين بالتعاون مع 2000 متطوع. ولأنها المرة الأولى التي تستضيف فيها روسيا دورة الالعاب الأوليمبية منذ نظمت الأوليمبيات الصيفية عام 1980، يقع اللاعبون الروسيون تحت ضغط شديد، حيث تنعقد عليهم الآمال في تجاوز الرقم الذي حققه الفريق الأوليمبي الروسي في أوليمبياد فانكوفر الشتوية، حيث جاء الفريق الأوليمبي الروسي في المركز الحادي عشر. تجدر الإشارة إلى أن روسيا خصصت 600 مليون جنيه إسترليني لصالح تلك البطولة بمجرد اختيارها لتنظيم هذه الدورة منذ سبع سنوات. ومن المقرر أن يتحدد الفائز بالمدالية الأولى بأولمبياد سوتشي الشتوية يوم السبت عندما تُسلم خمس ميداليات ذهبية في الرماية والتزلج عبر الدول والتزلج الحر والتزلج باللوح والتزلج السريع.