القدس (رويترز) - تأسست اسرائيل لتكون وطنا لليهود بعد محارق النازي وتشكلت في حروب حول الحدود مع قوات عربية وهي تواجه الآن إعادة تعريف للصراع بعد أن احتشد لاجئون فلسطينيون بلا خوف على حدودها. وتدفق الاف المحتجين من سوريا ولبنان وغزة يوم الاحد وسووا بالارض بعض أسوار المناطق العازلة مما دفع اسرائيل الى اطلاق النيران عليهم وهو ما جعل كثيرين في البلاد يفكرون في عواقب وضع أقوى جيش بالمنطقة في مواجهة متظاهرين لا يحملون سوى الحجارة. جاءت التجمعات الحاشدة التي لم يسبق لها مثيل لتزيد احياء ذكرى يوم قيام اسرائيل الذي يطلق عليه الفلسطينيون اسم النكبة سخونة وتم الحشد لها على غرار انتفاضات "الربيع العربي" الذي رحب به الغرب لتعمق الشكوك الاسرائيلية في التوصل الى اجراءات مضادة مقبولة. ومن المرجح أن تتكرر مسيرات يوم النكبة قريبا بالنظر الى حملة الفلسطينيين لتحدي اسرائيل امام الجمعية العامة للامم المتحدة في سبتمبر ايلول باعلانهم الاستقلال اذا ظلت محادثات السلام متعثرة. وقال وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك في مقابلة تلفزيونية "يكمن الخطر في أنه سيظهر المزيد من المواكب الحاشدة كهذه ليس بالضرورة قرب الحدود ولكن في أماكن أخرى ايضا" في اشارة فيما يبدو الى المستوطنات اليهودية بالضفة الغربيةالمحتلة او حتى دخل اسرائيل نفسها. ويريد الفلسطينيون اقامة دولتهم في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأضاف باراك "هذه مجرد البداية. قد نشهد أشياء اكثر تعقيدا وتحديات معقدة بهذه المنطقة. أوصي بالا ننتظر اعداد خطط ممنهجة وأن نكون مستعدين في الوقت المناسب." واستبعد معظم المحللين الاسرائيليين خيار اعتماد أساليب شرطة مكافحة الشغب في مواجهة اشتباكات على هذا النطاق الكبير على امتداد خطوط هدنة متوترة. ونصح البعض بزرع حقول ألغام جديدة. ولمح عاموس جلعاد وهو أحد كبار مساعدي باراك الى أن اسرائيل ستزداد حدة وربما تشدد من رد فعلها. وشبه التجمعات الحاشدة بالهجمات الفتاكة التي كان ينفذها مسلحون فيما مضى ضد اسرائيليين. وقال لراديو الجيش الاسرائيلي "واجهنا بالفعل تحديات قاسية للغاية بدت مستحيلة... وقعت هجمات ارهابية من البحر من نوعية لم نسمع بها منذ عقود بسبب نجاحاتنا (في العمليات). ولسنوات طويلة تعرضنا لهجمات انتحارية. الان الدولة هادئة ومستقرة." وفي ظل التساؤلات التي تحيط بدرجة استعداده وهيبته وصف الجيش الاسرائيلي الذي قتل 13 محتجا على الاقل قبل أن يصد الباقين سلوكه بأنه يتسم بضبط النفس. وقال المتحدث باسم الجيش البريجادير جنرال يواف مردخاي "لو كنا فتحنا النار وحدث حمام دم من عشرات القتلى لوجدنا أنفسنا في واقع مختلف تماما." وكانت احتجاجات يوم النكبة هادئة نسبيا في الضفة الغربية. وعزا الاسرائيليون الفضل الى تنسيقهم المستمر مع قوات الامن التابعة للرئيس الفلسطيني محمود عباس. وكانت الاحتجاجات هادئة في الاردن ومصر ايضا وهما الدولتان الوحيدتان الموقعتان على اتفاقيتين للسلام مع اسرائيل. واتهم موشي يعلون نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حكومتي لبنان وسوريا بتشجيع المحتجين على الوصول الى الحدود في محاولة لزعزعة استقرار اسرائيل. وقال مسؤولون اسرائيليون ان الرئيس السوري بشار الاسد ربما يحاول أن يوفر لنفسه استراحة بتحويل أعمال العنف الى مرتفعات الجولان المحتلة بعد أن شن حملة طوال أسابيع على الاحتجاجات المناهضة لحكمه في الداخل. لكن قضية اللاجئين الفلسطينيين الشائكة ستظل قائمة بغض النظر عن كل شيء. وطرد مئات الالاف من الفلسطينيين من جراء حرب عام 1948 وهم يطالبون الى جانب ملايين من نسلهم بحق العودة الى الاراضي التي أخذتها اسرائيل. وتستبعد اسرائيل هذا بوصفه انتحارا سكانيا وتداعت جهود السلام التي ترعاها الولاياتالمتحدة منذ عقدين مرارا وتكرارا بسبب اقتراحات غير واضحة لم يسبق أن قبلتها القيادة الفلسطينية رسميا وتنطوي على أن يستوطن اللاجئون في أماكن أخرى. لهذا فانه حتى اذا عثر الرئيس الامريكي باراك أوباما الذي يستقبل نتنياهو في واشنطن يوم الجمعة على معادلة لاعادة احياء المفاوضات فان من غير المرجح أن يهديء هذا المحتجين من نوعية المشاركين في احتجاجات يوم النكبة. وكتب الكس فيشمان المحلل الدفاعي بصحيفة يديعوت احرونوت يقول "اسرائيل تفتقر الى سبل منع اختراق عشرات ومئات الالاف من الفلسطينيين لحدودها والذين سينجحون في التنظيم وتحقيق حلم العودة على أقدامهم." وأضاف "كلما تحدث الناس عن احتمال الترتيبات الدبلوماسية او اقامة دولة فلسطينية كلما سيصبح حق العودة راية الكفاح الفلسطيني."