أكدت منظمة اليونسكو أن العجز السنوي في التمويل اللازم لتوفير التعليم الأساسي في البلدان المنخفضة الدخل اتسع في السنوات الثلاث الأخيرة من 16 مليار دولار إلى 26 مليارا، وأن هذا العجز يؤثر بصورة رئيسية على الجهود الرامية إلى تحقيق الهدف الإنمائي الثاني للألفية المتمثل في تعميم التعليم الابتدائي بحلول عام 2015. جاء ذلك ضمن تقرير اليونسكو العالمي لرصد التعليم للجميع، حيث نتج عن هذه النتائج إصدار اليونسكو لوثيقة توجيهية تمهيداً لمشاورة عالمية بالغة الأهمية ستُجرى في داكار، بالسنغال، بشأن مسألة التعليم في جدول أعمال التنمية لمرحلة ما بعد عام 2015وفق ما جاء بالوثيقة . وتفيد هذه الوثيقة المعنونة ب ''جعل التعليم للجميع أقل تكلفةً حتى عام 2015 وما بعده'' بأن حالة الركود التي تشهدها المعونة المخصصة للتعليم الأساسي في البلدان المنخفضة الدخل - وهي معونة تصل قيمتها إلى ثلاثة مليارات دولار في المتوسط كل سنة - هي السبب الرئيسي لازدياد العجز في تمويل التعليم بمقدار 10 مليارات دولار. ومع أن الإنفاق المحلي على التعليم في البلدان المنخفضة الدخل قد ارتفع بثلاثة مليارات دولار سنوياً خلال الأعوام الماضية، فإن هذا الإنفاق ما زال يساوي نصف المبلغ اللازم لتوفير التعليم الأساسي للجميع، وتظهر الدراسة أنه يمكن سد العجز في تمويل التعليم إذا ما عمدت الحكومات والجهات المانحة إلى إعطاء الأولوية للتعليم وإلى التركيز على الفئات التي هي بأمس الحاجة إلى الدعم. وفي هذا الصدد، صرحت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا قائلة : ''في حين يبدو العجز البالغ 26 مليار دولار عجزاً كبيراً يصعب تغطيته، تبيّن التحليلات أنه يمكن تعبئة الموارد اللازمة لضمان التحاق جميع الأطفال بالمدارس بحلول عام 2015''. وتابعت بالقول: ''أكدت الحكومات المانحة في عام 2000 أن نقص الموارد لن يثني أياً من البلدان عن تحقيق الهدف المتمثل في توفير التعليم للجميع، ويتعين على الحكومات الوطنية والجهات المانحة أن تكثف جهودها كي لا يكون التمويل عقبة تحول دون مساعدة جميع الأطفال على الالتحاق بالمدرسة''. وتقترح الوثيقة التوجيهية مجموعة من الحلول التي من شأنها أن تساعد على توفير التعليم الأساسي للجميع بحلول عام 2015 منها قيام الحكومات والجهات المانحة بتخصيص 20 %من ميزانياتها لأغراض التعليم وعلى إعطاء الأولوية للتعليم الأساسي، فسيكون بالإمكان جمع مبلغ يساوي 12 مليار دولار تقريباً. إضافة إلى ضرورة قيام تلك الدول بتحديد وسائل جديدة لحشد موارد إضافية لتمويل التعليم الأساسي، ومن شأن تحسين نظم الضرائب أن يساعد على تخفيض العجز المالي بمبلغ إضافي قدره 7,3 مليار دولار، وتوصي الدراسة كذلك بإدارة الموارد الطبيعية على نحو أكثر فعاليةً وتخصيص جزء من هذه الثروات لقطاع التعليم. وإلى جانب ذلك، فإن الوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها البلدان يمكن أن يكون له تأثير كبير، فإذا أقدمت الجهات المانحة الأوروبية التي وافقت على تخصيص 7, 0 % من دخلها القومي الإجمالي للمعونة، فسيكون بالإمكان جمع مبلغ إضافي قدره 1.3 مليار دولار سنوياً لتمويل التعليم. ومن شأن هذه التغييرات مجتمعةً أن تساعد على تقليص العجز السنوي في تمويل التعليم الأساسي من 26 مليار دولار إلى 3.4 مليار فقط. وإذا قررت المؤسسات الخيرية أن تخصص للتعليم الأساسي المبلغ عينه الذي توفره اليوم لقطاع الصحة، فسيكون بالإمكان سد العجز بالكامل، وفقاً لما جاء في الدراسة. وتحظى فكرة توسيع نطاق الهدف التعليمي ليشمل المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي بدعم كبير في المجتمع الدولي، وقد يؤدي اعتماد هذا الهدف الأكثر طموحاً إلى ارتفاع العجز التمويلي السنوي من 26 مليار دولار إلى 38 مليار، وتشير الدراسة إلى أنه يمكن تخفيض هذا العجز من 38 مليار دولار إلى 7,6 مليار إذا قامت الحكومات والجهات المانحة بإعطاء الأولوية للتعليم الأساسي وللمرحلة الدنيا من التعليم الثانوي في إطار ميزانياتها. وتقدّم الدراسة عدداً من الخيارات لسد العجز المتبقي، منها أنه يمكن تعبئة 2,4 مليار دولار عن طريق تخصيص 5% من إيرادات الرسوم المقترح فرضها على المعاملات في الأسواق المالية الدولية لقطاع التعليم، ويمكن أيضاً توسيع نطاق المساعدات المتاحة عن طريق زيادة المعونة الصادرة عن البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا التي توفر حالياً 163 مليون دولار للتعليم الأساسي في البلدان المنخفضة الدخل، حسب التقديرات، فالازدهار الذي تشهده هذه الاقتصادات في الوقت الراهن سيؤهلها لتمويل أهداف أكثر طموحاً بعد عام 2015، ويمثل القطاع الخاص مصدراً آخر يمكن اللجوء إليه لتأمين تمويل إضافي للتعليم، فمساهمة هذا القطاع في تمويل التعليم الأساسي في البلدان النامية لا يزال محدوداً. فيما قالت مديرة الفريق المعني بالتقرير العالمي لرصد التعليم للجميع، بولين روز، إن العبرة المستخلصة من الفترة الماضية واضحة ولا لبس فيها: ''لن يسعنا بعد عام 2015 اعتبار الموارد اللازمة للوفاء بالالتزامات الدولية على أنها موارد مضمونة لذا فإن التوصية الرئيسية التي نوجهها إلى الجهات المعنية بتحديد الأهداف للفترة المقبلة هي أنه يتعين عليها أن تعتمد هدفاً مالياً جديداً محدداً زمنياً وقابلاً للقياس بغية مساءلة الجهات المانحة والحكومات المستفيدة للتأكد من أن كل البلدان توفر التعليم الجيد للجميع''. وترمي الوثيقة التوجيهية التي أعدتها اليونسكو إلى الإسهام في النقاش العالمي المتعلق بالتعليم في الفترة الممتدة من الآن حتى عام 2015، وهو الموعد المحدد لتحقيق أهداف التعليم للجميع، حيث يشمل التعليم الأساسي التعليم الإبتدائي وما قبله، ومهارات الحياة الأساسية للشباب والكبار، وفقاً للتعريف الذي اعتمدته لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي لغرض جمع البيانات بشأن تدفقات المعونة .