قال نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون الحد من الفقر والإدارة الاقتصادية، أوتافيانو كانوتو، إن تحويلات المغتربين إلى بلدانهم زادت من 372 مليار دولار عام 2011 إلى 399 مليارا عام 2012. وقال كانوتو، في بيان اليوم الثلاثاء، إن التحويلات المالية ظلت خلال الأزمة المالية تشكل مصدرا ثابتا للعملة الأجنبية في البلدان النامية في وقت بقيت المساعدات الخارجية عند مستوياتها بينما تقلصت الاستثمارات الأجنبية بشدة، مشيرا إلى أن المهاجرين ربما يكونون هم من خففوا من وطأة الألم الذي سببته الأزمة حيث يقبلون في العادة العمل مقابل أجر أقل ويحصلون على مزايا أقل ويعتمدون بدرجة قليلة نسبيا على الدولة. وأضاف كانوتو، تعليقا على إصدارالبنك كتابا بعنوان "الهجرة والتحويلات المالية أثناء الأزمة المالية العالمية وما بعدها"، أنه رغم أن الكثير من المهاجرين على مستوى العالم، والذين يبلغ عددهم 215 مليون شخص، يواجهون ترديا في فرص التوظيف في بعض بلدان المقصد، لا سيما في البلدان الأوروبية المرتفعة الدخل، فإن مساندتهم النقدية لأسرهم في أوطانهم ظلت مرنة إذا لم تسجل تراجعا في تاريخها الحديث إلا في عام 2009. وحتى في ذلك الحين، لم تنخفض التحويلات إلا بنسبة 2ر5 في المائة، وهو ما يتناقض بشدة مع الهبوط الحاد الذي شهدته تدفقات رؤوس الأموال الخاصة عالميا. وقال هانز تيمر، مدير مجموعة آفاق التنمية في البنك الدولي إن مرونة التحويلات المالية تبعث أنباء سعيدة للبلدان النامية إذ تبقى أحد الموارد الأقل تقلبا لعائدات النقد الأجنبي، خاصة في البلدان الأقل نموا. وعلى مستوى الأسرة، فإن هذه التحويلات تشكل في الكثير من الحالات شريان الحياة الوحيد للأسر في أوطانها." وأضاف أن الكتاب يمثل أول دراسة شاملة عن التحويلات النقدية خلال الأزمة المالية العالمية، وهو تجميع لخمس وأربعين دراسة منفصلة تحدد وتناقش ممارسة التحويلات في مختلف أنحاء العالم والاحتمالات المستقبلية. وكل واحدة من هذه الدراسات هي ثمرة عمل مؤلف مختلف يحلل بلدانا معينة وجوانب محددة للتحويلات تتراوح من أنماط التدفقات لهذه التحويلات إلى استخدام التحويلات من قبل المجتمعات والأسر التي تتلقاها. وأشار إلى أن التخلص من تعقيد المعاملات وخفض تكاليفها يمكن أيضا أن يساعد في زيادة حجم التحويلات عبر القنوات الرسمية وأن يعين العديد من البلدان الصغيرة بشكل خاص على أن تحصد الثمار الاقتصادية والاجتماعية لعائدات المغتربين. من جهته، قال إبراهيم شركسي أستاذ التسويق بكلية ريجنت في لندن وأحد المشاركين في تحرير الكتاب إن الهجرة كانت في الواقع ردا استراتيجيا على الأزمة المالية.. فالأزمة المالية، مثل أي كارثة سياسية أو بيئية، تسببت في شعور البشر بعدم الطمأنينة، في حين تمثلت استجابة الناس بالبلدان النامية في عبور الحدود أو النزوح داخليا للنجاة من آثار الأزمة.
وأشار إلى أنه رغم ذلك، لم ينخفض عدد المهاجرين حتى بعد أن قلصت الأزمة المالية من فرص التوظيف في الولاياتالمتحدة وأوروبا. بدوره، أكد ديليب راثا مدير وحدة الهجرة والتحويلات لدى البنك الدولي، استمرار مرونة التحويلات، مشيرا إلى أنه باستثناء هبوطها عام 2009، فقد احتفظت بزخم حيوي في نموها. ولفت إلى استمرار الاقتصاد العالمي فى خوض نوبات من التقلبات الخطيرة التي يمكن أن تؤثر على عائدات المهاجرين، ومن ثم على تحويلاتهم.
وأوضح أنه بالنسبة للبلدان المتلقية، فإن تنوع بلدان المقصد يعد من العوامل الرئيسية وراء هذه المرونة في التحويلات، مشيرا إلى أن بلدان جنوب وشرق آسيا التي يتوجه العديد من مواطنيها للعمل في الولاياتالمتحدة وأوروبا وبلدان مجلس التعاون الخليجي، تسجل تدفقات متزايدة من التحويلات. وأشار إلى معاناة منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي التي يتركز مواطنوها في الولاياتالمتحدة من انخفاض شديد في التحويلات طوال الأزمة المالية. حيث شهدت المكسيك، ثالث أكبر متلق للتحويلات في العالم سنة 2011 (24 مليار دولار) هبوطا كبيرا في تدفق التحويلات من الولاياتالمتحدة خلال الأزمة. ولوحظ نفس الأثر القوي في السلفادور. وتؤكد كلتا الحالتين أن العديد من بلدان أمريكا اللاتينية كانت معرضة لتأثيرات الأزمة، مع تأثيرها بشكل خاص على شباب الحضر في هذه البلدان والذين يواجهون آفاقا أكثر صعوبة في أسواق العمل وتراجعا في فرص الهجرة. وأضاف أن الدراسة تتناول تأثيرات الأزمة في الاتحاد الأوروبي على البلدان المتلقية للتحويلات من المغتربين، مشيرا إلى أن أسبانيا كانت أسرع بلدان المقصد نموا خلال العقد الماضي والآن باتت خامس أكبر البلدان المرسلة للتحويلات بعد الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية وروسيا وسويسرا. وتشكل التحويلات في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ 12 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهو نفس الحال في نيوزيلندا وجزر المحيط الهادئ، في حين ساعدت هذه التحويلات على إنقاذ الاقتصاد الفلبيني على مدى العقود الثلاثة الماضية.