أثارت روايته ''وداعاً أيتها السماء'' ثمّ كتابه ''سقوط العالم الإسلامي'' الكثير من اللغط والاتهامات بالعداء للإسلام والتجرّؤ على القرآن والمقدّسات في صفوف الإسلاميين، إنه الأكاديمي والكاتب الألماني المصري حامد عبد الصمد المقيم في ألمانيا والذي احتفت مجلة دير شبيجل برسالته المفتوحة للرئيس مرسي أثناء زيارته الأخيرة لألمانيا. الرسالة حفلت بالاتهامات والانتقادات للرئيس وللإسلاميين في مصر، ونشرتها مجلة دير شبيجل على موقعها على الانترنت كاملة تحت عنوان: عزيزي السيد مرسي: لن نستقبلك بالورود. وصدّرت دير شبيجل الرسالة بوصف عبد الصمد بأنه ''واحد من ملايين المصريين الذين شعروا بعد تولي مرسي للسلطة بأنهم قد خُدعوا''. باقة أسئلة ويقول عبد الصمد: ''عزيزي السيد مرسي.. كنت أتمنى كمصري يعيش في ألمانيا منذ 17 عاماً أن أستقبل أول رئيس منتخب ديمقراطياً لبلدي الذي ولدت فيه بباقة من الورود مع زيارته لبرلين، إلا أنني بدلاً من ذلك أرى أنّه من واجبي أن أواجهك بباقة من الأسئلة''. ويصف عبد الصمد تلك الأسئلة بأنّها أسئلة ملايين الشباب الذين يشعرون بالإحباط من الرئيس وأن ثورتهم سرقت، ويقول أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل يجب أن تطرح تلك الأسئلة على مرسي قبل أن تصفه بالشريك الموثوق فيه لألمانيا والضامن للسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. ويوجّه عبد الصمد حديثه لمرسي قائلاً: ''رغم انتخابك ديمقراطياً وحصولك على السلطة بشكل قانوني إلا أنك لم تحصل بعد على الشرعية لأن من انتخبك 52% من الشعب فعل ذلك لأنك كنت قد وعدت بأن تكون رئيساً لكل المصريين وبأنك ستعمل على تمرير دستور يحصل فيه كل المصريين على تمثيل لهم وأنك ستتبنى مطالب الثورة''. وتابع ''إلا أنه بعد انتخابك بفترة قصيرة تبيين للكثيرين أنك تنتحل شخصية مبارك''. واتهم عبد الصمد الإخوان بخطف الدستور الذي يهمّش الليبراليين والمرأة والأقباط والرئيس بتعجّل عملية الاستفتاء، على حد قوله. ويقول عبد الصمد في رسالته أنّ الذي وضع خطط الإسلاميين موضع التساؤل كان بالنسبة لهم خائن كافر، متهما الرئيس بتجاهل الاحتجاجات لهذا السبب بالذات وأنّه سمح لأنصاره بحصار المحكمة الدستورية ليمنعوها من إصدار حكم ضد الدستور الجديد. وأضاف أن ''مرسي وقف يشاهد ميليشيات الإسلاميين المسلّحة تهاجم المتظاهرين السلميين أمام قصره''، واتهمه بتقسيم مصر إلى مسلمين يناصرونه وكفار خونة يعترضون عليه. ويرى عبد الصمد أن مرسي ينتهج نهج سلفه مبارك في كل شيء من تعيين أهل الثقة وليس الكفاءة واعتبار خصومه خونة وحتى خطاباته المليئة بألفاظ – وصفها بالفارغة - كالأمن القومي والتنمية والمؤامرات الخارجية التي تهدف لتقويض استقرار مصر. ''إهانة الرئيس'' يتهم عبد الصمد الرئيس مرسي بالتفوق على مبارك في عدد الصحفيين الملاحقين قضائيا والذين فاقوا، حسب قوله، ما لا حقه مبارك طيلة 30 سنة مدة حكمه، مشيرا إلى أن 24 صحافيا خضع للتحقيق بتهمة إهانة الرئيس. وسأل عبد الصمد الرئيس مرسي ''كيف يكون في عهده عقب تلك الثورة العظيمة ما يسمّى بتهمة إهانة الرئيس رغم أنه لولا إهانات شباب الثورة لسابقه لما وصل إلى الرئاسة؟'' ولفت عبد الصمد إلى مقتل الصحفي الحسيني أبو ضيف أثناء أحداث الاتحادية، وتساءل ''لماذا لا سنشغل الرئيس بملاحقة من قتل الحسيني بدلا من ملاحقة الصحفيين؟'' وانتقل حامد عبد الصمد إلى الأوضاع الاقتصادية والسياحة والاستثمار، متوقعا هبوط تصنيف مصر الائتماني لدرجة اليونان لغياب الرؤية السياسية، على حد قوله. السعودية وإيران ويرى عبد الصمد أن مصر لا يمكن ان تكون كالسعودية أو إيران، مؤكدا أن الشباب الذي كسر حاجز الخوف لن يقبل بديكتاتور آخر، حسب قوله. وحذر حامد الرئيس من انقلاب السلفيين والجهاديين عليه، ملفتا إلى أنهم سيستخدمون ما أسماه ''سلاح التكفير'' لإعلان الجهاد عليه، كما يفعل هو مع الليبراليين. وأكد عبد الصمد أنه لا يرغب في فشل مرسي رغم اختلافه معه، مبررا ذلك بأنه سيكون فشل لمصر. وطالب عبد الصمد الرئيس بالتخلي عن مصالح الجماعة والنظر لمصالح مصر. ميراث مبارك ويقول عبد الصمد أن ميراث مبارك ثقيل إلا أن هذا لن يصلح إلى الأبد كمبرر لفشل الحكومة، ملفتا إلى أن مرسي لا يمكن أن يحل مشاكل النظام السابق برجال مبارك. ويؤكد عبد الصمد أن مصر بحاجة لنسائها واقباطها كما تحتاج إلى مسلميها، وتحتاج إلى خبراء في الاقتصاد والسياسة الداخلية والخارجية، لا فقهاء في الدين، كما تحتاج لمؤسسات قوية وشفافية أكثر وانفتاح حقيقي. وتطرق عبد الصمد لتصريحات الرئيس مرسي قبل سنوات وتحدث فيها عن اليهود ووصفهم ب''القردة والخنازير''، وقال موجها كلامه لمرسي ''كيف ستقف أمام اليهود والألمان بعد تصريحاتك المسيئة لليهود ومطالبة المصريين بتعليم أولادهم عبر الأجيال كراهية اليهود وداعميهم أيضاً من الأمريكان والأوروبيين جميعا. وسأل عبد الصمد ''هل تملك اللياقة لتعتذر عن تلك التصريحات قبل أن تطلب إعفاءات من الديون ومساعدات تنموية؟'' ميركل وانتقل عبد الصمد في الجزء الأخير من رسالته إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وقال لها ''مرسي لن يحتضنك كما كان يفعل مبارك ويقول لها لابد أن مستشاريك قد أخبروك أن الإخوان المسلمين لا يحتضنون النساء علنا''. وتابع ''ستمدين يدك إليه بالتأكيد للمصافحة ولن يردّها لأنه يحتاجك.. سيتحدث معك عن إسقاط الديون والمساعدات الاقتصادية والاستثمارات وهو ماتحتاجه مصر بشدة فعليا ولكن لا تتعجلي سيدتي واربطي تلك المساعدات بالتقدم الديمقراطي في مصر''. ويحدد عبد الصمد هذا التقدم باحترام حقوق الإنسان وحماية الأقليات والشفافية في الانتخابات، مطالبا ميركل أن تأخذ ضمانات من مرسي لأنه سيقدم فقط وعوداً فارغة، على حد قوله. واختتم حامد عبد الصمد خطابه بالقول إن مصر تحتاج وتستحق المساعدة ولكنها تحتاج وتستحق أيضا قيادة سياسية ذات رؤية واضحة تعمل لأجل كل المصريين ولا تتجاهل مطالب الثورة.