تشهد الأردن منذ أسابيع مظاهرات تنديدًا بالفساد، ورغم حديث الملك عن إصلاحات، يبدو أن وعوده بهذا الشأن لا تجد المصداقية الكاملة، وسط دعوات أحزاب المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية التي وصفتها ب''مناورة مكشوفة من الملك''. ازدحمت شوارع العاصمة الأردنية عمان بالملصقات واللافتات الانتخابية مع بدء إجراء الانتخابات البرلمانية اليوم الأربعاء، 23 يناير، غير أن الكثير من المواطنين الأردنيين مثل ''أمل خلايجي'' لا يصدقون وعود الساسة كما يبدو، حيث قالت: ''إنها نفس الأسماء والوجوه القديمة''. وتقول السيدة أمل في انتقاداتها: ''طالما بقوا في المشهد السياسي الأردني، فلا شيء سيتغير الشعارات هي نفسها وسيتم انتخابهم من جديد وحين يتم ذلك فلن يحركون ساكناً'' ولهذا السبب قررت أمل ألا تشترك في الانتخابات. أما المهندس ''توفيق أبو عشير'' الذي أنهى دراسته في ألمانيا لا يعلق هو الآخر آمالاً كبير على هذه الانتخابات، قائلا: ''الناشطون الذين تظاهروا من أجل الإصلاحات يقاطعون هذه الانتخابات، ومن المفترض أن يحصل أعضاء البرلمان الجديد على صلاحيات أكبر للحد بذلك من بعض صلاحيات الملك، لكن الوضع سيعود إلى ما كان عليه من قبل''. ممثلو الشعب والصلاحيات المحدودة كان الملك الأردني عبد الله قد وعد مؤخرًا بالتنازل عن بعض صلاحياته ومنح البرلمان مزيدا من الحقوق. ولم يعد سرًا أن عددا كبيرا من المرشحين لهم وضع مقرب من الملك، وحتى مطالب المعارضة بضرورة انتخاب رئيس الوزراء من طرف الشعب، يواجهها الملك بالرفض، و بالمقابل منح البرلمان حق تحديد رئيس الحكومة ووزرائها، بعدما كان شأناً ملكياً. من جانبها دعت ''جبهة العمل الإسلامي'' وهي كتلة المعارضة الرئيسية في البلاد والذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية، ولا يقف الإسلاميون وحدهم في موقف انتقاد هذه الانتخابات، فحركة القوميين العرب من أصول فلسطينية وبعض العشائر الأردنية الموالية للعائلة المالكة عادة، وصفت قانون الانتخابات ب''غير العادل''. وتعتبر جبهة العمل الإسلامي أن القانون في صيغته المعدلة يتجاهل بعض الأحزاب وفئات من المجتمع الأردني، ويحابي أتباع الملك ''الأغنياء ورجال الأعمال المقربون من الملك اشتروا مكانهم في القوائم الانتخابية بالكثير من الأموال'' رغم أنه بإمكان الجبهة في حال مشاركتها في الانتخابات الحصول على قرابة 30% من الأصوات، وفق بعض استطلاعات الرأي، حسب رأي جبهة العمل الإسلامي وبالتالي تؤكد أن الوضع سيبقى كما هو دون تغيير. مناورة انتخابية مكشوفة في كل جمعة يتجمع الكثير من الأردنيين بعد صلاة الجمعة في مظاهرات بشوارع عمان.. إنهم المواطنون البسطاء الذين يتظاهرون ضد ارتفاع أسعار المحروقات مثلا حيث تضاعفت أسعار النفط والغاز خلال الأشهر الماضية، وسيتم قريباً رفع الدعم الحكومي عن أسعار الماء والكهرباء، كما يلاحظ وجود موجة غلاء فاحش في كل المجالات، في حين يبلغ متوسط دخل المواطن حوالي 400 يورو شهرياً. وفي الوقت الذي شهدت فيه أسعار البنزين ارتفاعاً كبيراً قبل الانتخابات، لوحظ انخفاض مستوياتها خلال الحملة الانتخابية، غير أن الجميع يعلم أن هذه الأسعار سترتفع مرة أخرى بعد الانتخابات، حيث يعتبر البعض أن هذه المناورة الملكية في الانتخابات سوف تؤدي بالضرورة إلى التراجع في نسبة المشاركة الانتخابية التي لن تتجاوز مستوى 30 إلى 40% في أحسن الأحوال. بالنسبة للمهندس طارق أبو عشير الذي يرفض أيضا الإدلاء بصوته، فإنه يؤكد أنه سيواصل نضاله السياسي من أجل مجتمع أفضل، خصوصا بالنظر إلى أطفاله الأربعة وآماله في مستقبل أفضل لهم، قائلاً: ''آمل في نظام ليس فيه فساد، وتسوده حرية الرأي والصحافة، وتتوفر فيه فرص العمل والدراسة للجميع. إن ذلك ما نفتقر إليه الآن جميعاً''.