قالت مجلة "تايم" الامرريكية إن الانتخابات العامة التى ستجرى فى الأردن غدا الأربعاء هى الأهم تقريبا فى تاريخ البلاد ، كونها تأتى فى ظروف صعبة تمر بها المنطقة بأثرها وليس الأردن فحسب . وقالت المجلة انه فى الوقت الذى تنظر فيه الحكومة الأردنية التى واجهت موجة من الاحتجاجات الواسعة فى الفترة الماضية ، إلى الانتخابات على أنها بداية تدريجية نحو التحول الديمقراطي ، تنظر إليها المعارضة ، خاصة الإسلامية ، على أنها نفطة فارقة فى تاريخ الأردن. وتدخل البلاد الانتخابات في جو يبدو ساخنا في أوساط النخب السياسية البيروقراطية والعشائرية ورجال الأعمال وقادة الأحزاب الوسطية والمعارضة التي تسعى لتشكيل تحالفات للبرلمان المقبل، وسط تحذيرات من عمليات شراء للأصوات واستخدام واسع للمال السياسي. مقاطعة 5 أحزاب كبرى وتقاطع خمسة أحزاب الانتخابات المقبلة، هي جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وحزبا الوحدة الشعبية والشيوعي المعارضان، إضافة إلى حزبيّ الوطني الدستوري والحياة الوسطييْن. ويشكل الزخم في الدعاية الانتخابية ملمحا بارزا في الانتخابات الأردنية، إلا أن عدم حماس المواطنين لها يبدو جليا وفق رؤية بعض المحللين، ففي الوقت الذي تشهد فيه المواقع الإلكترونية تهافتا على نشر دعايات للمرشحين فإن التفاعل معها كان ضعيفا، على اعتبار أن القانون الذي تجري بموجبه الانتخابات لا يمكن أن يفرز مجلسا قادرا على تحمل مسئوليات المرحلة القادمة. الإخوان والدولة الإسلامية وأشارت المجلة إلى أن الخطاب الذى ألقاه" همام سعيد" زعيم جماعة الإخوان المسلمين فى الأردن فى احد شوارع عمان مؤخرا ، وتعهد فيه بأن الأردن ستصبح دولة فى الخلافة الإسلامية ، وسط هتافات مؤيديه الملتحين " الله اكبر " ، يكشف أبعاد الأزمة التى تمر بها البلاد . وقالت المجلة إن هذا الخطاب المتطرف- على حد وصفها -، يوحي بأن النظام الملكي الذي يعد حليفا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط سوف يختفي ليحل محله دولة إسلامية. تحول فى العلاقة مع الملك وأوضحت المجلة أن جماعة الإخوان المسلمين ، وهى جماعة المعارضة الأقوى في الأردن، غالبا ماكانت تتجنب مثل تلك الصدمات الجريئة وتصر على إظهار ولائها للملك ، لكن خطاب " همام سعيد" الأسبوع الماضي يشير إلى كيفية التحول في المواجهات السياسية في البلاد. وأضاقت المجلة أن العاهل الأردنى الملك "عبد الله" الثاني يحاول السيطرة على وتيرة التغيير، بالتخلي عما يكفي من صلاحياته المطلقة على البرلمان على أمل إحباط أي محأولة تسلل للربيع العربي إلى بلاده على غرار الانتفاضات التي أطاحت بزعماء مستبدين في مصر وليبيا واليمن وتونس وانتقلت إلى حرب أهلية دموية في سوريا ، لكن الإخوان وغيرهم في المعارضة يقولون :" أن تحركات الملك لا تذهب بعيدا وليست سريعة بما يكفي لإنهاء احتكاره للسلطة". الاصلاحات مسرحية كوميدية ونقلت المجلة عن " زكي بني ارشيد" من " جبهة العمل الاسلامى " ( الذراع السياسى لجماعة الإخوان المسلمين) قوله:" الانتخابات هي مسرحية كوميدية، ونحن لن تشارك فيها، وأضاف "إنها جزء من وسيلة للتحايل الملكي لكسب الوقت ومنع أي تحركات نحو إصلاحات حقيقية ونزيهة." تجربة مصر تخيف الأردنيين وأكدت المجلة أنه رغم مقاطعة الإخوان للتصويت، بالإضافة إلى أربعة أحزاب صغيرة، بما في ذلك الشيوعيين والقوميين العرب ، إلا أن إحباط الإسلاميين زاد بسبب عدم قدرتهم على حشد قطاع كبير من الجمهور إلى جانبهم، رغم حالة الغضب العام على الاقتصاد وارتفاع الأسعار والفساد، كما أن الكثير من الأردنيين لا يثقون في الإخوان، خصوصا بعد التجربة فى مصر ، حيث يخشى البعض من أن يؤدى استيلائهم على السلطة في الأردن إلى الانزلاق بها إلى حالة عدم الاستقرار. فقد كانت مظاهرات الجمعة الماضية التى تحدث فيها زعيم الإخوان أقل بكثير مما كان متوقعا، حيث لم يزد العدد عن ألف مشارك فقط .
اصلاحات الملك وتقول الحكومة إن وتيرة الاصلاح يجب أن تتم بالتدريج من أجل تأقلم الأردن على الديمقراطية، وتشير إلى أن الإصلاحات الدستوريةالتى أقرها الملك العام الماضي تخرج الحكومة من تحت سيطرته الكلية، وتسليم المزيد من السلطة للبرلمان المنتخب حديثا . ووفقا لهذه الاصلاحات ، سيكون لمجلس النواب حرية أكبر فى وضع التشريعات ودورا أقوى في متابعة مجلس الوزراء ، ولأول مرة، سوف يختار مجلس النواب رئيس الوزراء ، وليس الملك. وتم إنشاء لجنة انتخابية مستقلة مهمتها الإشراف على التصويت يوم الاربعاء وتولى المسؤولية لأول مرة من وزارة الداخلية، المسؤولة عن قوات الأمن. وفي الأسبوع الماضي، أشار الملك "عبدالله" إلى انه مستعد للتخلي عن المزيد من الصلاحيات في المستقبل. واضاف فى تصريحات لمجلة فرنسية :"إن النظام الحاكم في الأردن يتطور ... والنظام الملكي الذي سيرثه ابني لن يكون هو نفسه الذى ورثته أنا " ، وأثارت تلك التصريحات تكهنات بأن الأردن يمكن أن يتحرك في نهاية المطاف نحو نظام ملكي دستوري، وان يظل دور الملك رمزيا". وقال مسؤولون حكوميون ان الملك "عبد الله" يريد أن يضمن نظام حكم فعال ، تكون فيه الأحزاب السياسية الناضجة قادرة على أن تملأ الفراغ الذى يتركه النظام الملكي . وحذر رئيس الوزراء "عبد الله النسور" أن "التغيير لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها، والأمر سوف يستغرق قليلا من الوقت، لكنه قال ان عملية التحول الديمقراطي محسوبة بدقة، وخطوة بخطوة، وحقيقية لا رجعة فيها. " واضاف "النسور": "العمل الشاق سيبدأ في اليوم التالي للانتخابات، عندما يتم انتخاب البرلمان الجديد ، سيتم انتخاب رئيس للوزراء لأول مرة في تاريخ الأردن من قبل البرلمان "، وأشار إلى انه سيتم تعديل المزيد من القوانين ونحن نمضي من خلال المسار الذي اخترناه".
البرلمان القادم وقالت المجلة إنه فى ظل احجام المعارضة الرئيسية عن المشاركة فى الانتخابات ، فأن البرلمان القادم من المرجح أن يكون مزيج من المستقلين من ذوي الخبرة السياسية وقليل من المحافظين الموالين للملك . وتقول جماعة الإخوان المسلمين انها ستقاطع الانتخابات احتجاجا على قانون الانتخابات باعتباره منحاز لصالح الموالين للملك ، بينما تصر الحكومة على أنها اعتمدت نظام الانتخابات المعترف بها عالميا . استفتاء على الاصلاح ورأت المجلة أن الإقبال غدا الاربعاء بين الناخبين المسجلين البالغ عددهم 2,3 ملايين ناخب سيكون مقياسا رئيسيا لمدى الثقة أو الحماس لدى الجمهور تجاه برنامج الإصلاح . وقالت المفوضية المسئولة عن الانتخابات أن 1425 مرشحا بينهم 191 امرأة وحوالي 139 من الاعضاء السابقين، يتنافسون على 150 مقعدا هى مقاعد مجلس النواب. وقال الملك إن الخطوات المقبلة ستكون لبناء الأحزاب السياسية الحقيقية، حيث يريد أن تتحالف الأحزاب الأردنية الحالية الصغيرة وعددها 23 حزبا سياسيا وتندمج فى ثلاثة أو خمسة ائتلافات على أساس الأيديولوجية - يمين، يسار ووسط - للانتخابات البرلمانية المقبلة . ويتم التصويت عادة فى الأردن على أساس الانتماء القبلي والصلات العائلية، وهو ما ادى إلى إنتاج البرلمانات المتعاقبة التي يهيمن عليها الساسة الموالين للحكومة والقبلية المحافظة . وعلى الرغم من إحياء نظام التعددية الحزبية في الأردن في عام 1991، في أعقاب فرض حظر استمر 35 عاما بعد محأولة انقلاب عام 1956 إلا أن اليسار وأحزاب المعارضة لا تزال غير قادرة على رسم برامج واضحة، ويدعون دائما أنهم يتعرضون للترهيب من قبل التدقيق والحملات الأمنية المشددة.
مواجهة الفساد وشملت قوانين الإصلاح التي أدخلت في العامين الماضيين القيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير والتجمع، ولكن ما يزال المسؤولون يرأوغون فى التفسير أو التنفيذ, ولا تزال الشفافية مفقودة وهناك مطالبة بإعادة تأهيل قطاع عام شابته المحسوبية والبيروقراطية والفساد وإعادة بناء ثقة الجمهور في مؤسسات الدولة. وحتى الآن، تم الحكم على رجل أعمال ثري ، ورئيسا سابقا لجهاز المخابرات بالسجن في قضايا فساد منفصلة، وتحقق النيابة العامة أيضا فى قضايا فساد مع 100 من الموظفين الحاليين والسابقين . ويتعهد الإخوان بمواصلة معارضة سياسات الملك "عبدالله" من خلال "سلمية" الاحتجاجات في الشوارع وسيحأولون حشد البرلمان المقبل لمعارضة برنامج الاصلاح، ويؤكد الإخوان انهم لن يلجأوا إلى العنف لانتزاع السلطة. وقال الأمين العام لجبهة العمل الإسلامى " حمزة منصور " :" إننا لن نتوانى حتى تحقيق مطالبنا، وأضاف:" أنه ومن بين المطالب إعادة كتابة الدستور لإعطاء البرلمان صلاحيات مسأوية للفرعين الآخرين للسلطة، وهما السلطة التنفيذية والسلطة القضائية. وقال منصور:" بالرغم من أن مجموعته لا تدعو لإسقاط النظام الملكي، إلا أنها نريد أن ترى الملك يتخذ خطوة إلى الأمام للسماح البرلمان بالمشاركة فعليا في عملية صنع القرار". وواجه الملك والحكومةالأردنية انتقادات علنية لأول مرة منذ اعتلائه العرش في 1999 ، بعد اندلاع الربيع العربي في أواخر عام 2010، حيث شهد الأردن احتجاجات متكررة ولكنها كانت أصغر من أي مكان آخر في الشرق الأوسط ، ومع ذلك، في نوفمبر الماضي، اتهمت مجموعة صغيرة من الناشطين العاهل الأردني بسوء الإدارة ، بعد قفزة مفاجئة في أسعار الغاز والوقود، ودعت إلى الإطاحة به في احتجاجات عنيفة في الشوارع على نحو غير عادي والتي قتل فيها ثلاثة أشخاص وأصيب العشرات.