حالة من الاختلاف الشديد تشهدها أروقة الاقتصاديين في مصر حالياً، حول قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، ومدي توافق هذه القيمة مع الواقع على الأرض. فقد طالب عدد من المصدرين بتخفيض قيمة الجنيه مقابل الدولار الأمريكي، أو ترك الجنيه لعومال العرض والطلب، للاستفادة بذلك في رفع حجم الصادرات إلى الخارج، بينما يدفع المستوردين بضرورة دعم الجنيه بشكل أكبر خلال الفترة القادمة، خاصة لكون واردات مصر أكبر من صادرتها.
وكان الجنيه قد ارتفع لمستويات قياسية خلال الأيام الماضية، ليصل لأعلي مستوي منذ عام 2004، متجاوزًا حاجز ال 6.17 جنيه، مع توقعات بوصوله ل 6.25 جنيه ببداية العام القادم.
تراجع الجنيه "كارثة" اعتبر وائل مبشر، عضو مجلس إدارة عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للمستوردين باتحاد الغرف التجارية، أنه إذا استمر تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار سيؤدي إلى مشاكل كارثية على الاقتصاد المصري قد تؤدي إلى غلاء أسعار السلع.
وأضاف "مبشر" في اتصال هاتفي مع مصراوي، أن استمرار الوضع السياسي الحالي سوف يعمل على تراجع الجنيه أمام الدولار بشكل كبير قد يعجز أمامه البنك المركزي في التدخل لمنع ارتفاع سعر الدولار، مؤكداً على أن انخفاض سعر صرف الجنيه سوف يؤدي إلى ارتفاع سعر السلعة المستوردة من الخارج وفي نهاية الأمر المستهلك هو الضحية وليس المستورد، على حد تعبيره.
وعن تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار خلال الفترة الماضية وأثر ذلك على الأسعار، أكد "مبشر" على أن مستوى سعر صرف الجنيه لم يتفاقم بالشكل الذي قد يكون له تأثير ملحوظ على السوق.
اتركوا الجنيه للعرض والطلب
ومن جانبه، طالب محمد قاسم، رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة، أن تتحدد قيمة الجنيه أمام الدولار على حسب قوى العرض والطلب، لأن ذلك سيعطي سعراً عادلاً للجنيه وهو ما يعود على التصدير المصري الذي يتضرر من الوضع الحالي.
وأضاف فى تصريحات ل "مصراوي"، أن الاحتفاظ بقيمة للجنيه أعلى من قيمته الحقيقية يدعم المصدر الأجنبي لمصر ويضر بالمصدر المحلي والتصدير، معتقداً أن الكلام عن عدم تدخل البنك المركزي فى سعر الصرف غير صحيح، خاصة فى ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية الحالية وتقلص حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي في فترة ما بعد الثورة.
وكان مسئولون بالبنك المركزي قد أشاروا في وقت سابق إلى أن البنك لن يتدخل فى سعر الصرف إلا في حالة وجود مضاربات، وأنه راضٍ على السعر الحالي للعملة.
وأشار قاسم في حديثه لمصراوي، إلى أنه على الرغم من أن مصر دولة مستوردة أكثر منها مصدرة إلا أن دعم العملة أمام الدولار ودعم بعض السلع المستوردة يؤدي إلى سوء الاستخدام مثلما يحدث في القمح حيث يعتبر المواطن المصري من أكثر المواطنين فى العالم استهلاكاً فى العالم نتيجة الاستخدام السئ.
ولفت إلى أن المصدرين طالبوا الحكومة بأن يتم مراعاة السعر العادل للجنيه وليس تخفيض متعمد لسعر العملة، ولكن الحكومة لم تستجب لهذا المطلب حتى الآن. خطورة تعويم الجنيه
ومن جانبه، حذر الدكتور صفوت حميدة، أستاذ التأمين المساعد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، من خطورة تعويم سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية فى الوقت الحالي في ظل الحالة السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وأشار فى اتصال مع "مصراوي" إلى أن حدوث التعويم من شأنه حدوث انهيار شديد في سعر الجنيه أمام الدولار، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار لأن مصر تعتمد على الاستيراد بشكل كبير وخصوصاً في بعض السلع الهامة.
وأضاف أنه لا يشجع على ترك سعر الجنيه للعرض والطلب قبل أن تستقر الأحوال السياسية والاقتصادية ويزيد الانتاج المصري والتصدير، وحدوث تنمية اقتصادية تجعل للجنيه المصري قيمة حقيقية وكبيرة أمام العملات الأجنبية.