يدخل أحد الشوارع الجانبية والعرق يتصبب من جبينه.. يجلس على أحد مقاعد القهوة القريبة من ميدان الجيزة وسط عدد من زملاءه المؤيدين لقرارات الرئيس، ينادي على صبي القهوة '' شيشة قص يا ريس والنبي'' ثم يبدأ في الحديث عن هؤلاء المعارضين المنحلين في التحرير وهو يدخن نرجليته في ثبات. لم يكن وحيدًا على ذلك المقهي.. كان العشرات يشاركونه نفس المكان والزمان والحديث.. دخان الشيشة يملأ الصدور والأفواه والهواء.. وعبارات مثل:'' أنت فاكر أن القانون والقضاء هيجب حق حد؟'' و'' أنا كنت في التحرير امبارح وأقسملك أني مشوفتش واحدة محجبة هناك'' و'' طول ما الريس بيصلي وبيعرف ربنا أنا مش خايف'' تسيطر على الأجواء.
بعيدًا عن هؤلاء.. وفي قلب التظاهرات المؤيدة لقرارات الرئيس، كانت أعلام السعودية الخضراء بعبارة ''لا إله الا الله محمدًا رسول الله'' ترفرف جنبًا إلى جنب مع علم القاعدة الأسود، دون أن ننسي علم مصر الذي لم يختف من التظاهرة الكبيرة.
نبتعد عن القلب قليلًا.. ندخل وسط هؤلاء المتعبين الراغبين في لحظات راحة بعد ساعات طويلة من الصراخ والهتاف للرئيس وشرع الله.. بعضهم نائم على الأرض أو فوق ''الحصير''.. أخرون يأكلون ''الكشري'' الوجبة الرسمية في هذا الحشد.. بينما يكتفي عدد آخر بالسخرية من أعداد المتظاهرين المعارضين وواصفًا ما وجده في التحرير ب '' عشرات الخيم والهاموش''.
يختلفون عن عدد المتواجدين الآن.. بعضهم يقول مليون.. آخرون يؤكدون أنهم تعدوا ال 6 مليون.. بينما يقسم أحدهما أن العدد الموجود في التظاهرة تعدي المليار !. تلمس عدم الثقة في الآخرين في معظم احاديثهم.. النخبة والاعلام والقضاة والحكومة.. البرادعي وصباحي وبتوع التحرير.. جميعهم لا يريدون تطبيق شرع الله.. يتأمرون ويكيدون ضدنا ولكننا سننتصر في النهاية.. ألسنا على حق وهم على باطل؟.
تلاحظ في وجوههم المغادرة للميدان في أخر اليوم، الارهاق الشديد، والاقتناع بالقضية التي جاءوا ليدافعوا عنها – ومن لا يحب أن يناصر الشريعة -، والفخر بما أنجزوه خلال ساعات ''نصرة شرع الله''.