''قررت أفضل قاعدة في البيت طول العيد.. أنا خايفة أنزل الشارع في الوقت ده''.. بهذه الكلمات استهلت ''إيمي'' حوراها معنا، لتنقل وجهة نظر وإحساس شريحة كبيرة من البنات ''بخروجات العيد''، واستكملت ''أنا مش هفضل طول عمري أقضي العيد في البيت من الخوف..طيب اعمل ايه؟!''.. ''الخوف'' هو العامل المشترك لإحساس البنات بالعيد.. بعد ان تحول ''العيد'' من عيد فطر وأضحي لعيد ''التحرش''.. وبمناسبة ''موسم التحرش'' قرر ''مصراوي'' أن يفتح مجال للفتيات في دردشة صريحة للحديث حول تجاربهن المسكوت عنها... البداية.. من زمان أوي ''تحرشات العيد'' لم تكن بداية انتشار الظاهرة.. هذا ما اكتشفناه من خلال ''دردشتنا'' مع البنات فالتحرش موجود منذ سنوات عديدة.. وتجارب البنات مع ''التحرش'' تعود لأيام الطفولة، وهنا تتذكر ''ريم'' الموقف كأنه حدث بالأمس وتقول ''كنت طفلة في ابتدائي، في السوق مع أمي، وقتها قرب مني رجل عجوز ولمسني، يمكن وقتها مفهمتش غير حاجة واحدة، إني بكره نفسي.. وقتها كان نفسي أصرخ في وشه.. ولسه بتمني يعود بيا الزمن عشان أصرخ فيه.. لا..وأضربه كمان.. لا هخنقه''. وهو نفس إحساس رضا ''أول مرة اتعرضت للتحرش كنت في إعدادي وراجعة من المدرسة، لما حصلي كده مكنتش فاهمة ايه اللي بيحصل ده ولا مترجماه لحد ما كبرت حبة وفهمت ان اللي حصل ده اسمه تحرش''. ساعات الكلام بيوجع أكتر هناك من يعتقد أن التحرش مقتصر عن لمس جسد الفتاة فقط، لكن في دردشتنا مع ''البنات'' حكوا لنا عن نوع أخر يتعرضون له من التحرش وهو التحرش من خلال أسماع الفتاة ألفاظ جارحة جنسية أو تصف جسدها، وهو تحرش ''أصعب مليون مره'' هكذا تصفه إيمي. وهو منتشر بكثرة فتقول ''عامل زي عوادم السيارات في الشارع.. ينفع تمشي من غير ما تشمي عادم سيارة''، وهو ما تؤكد عليه رضا ''اليوم اللي متسمعيش فيه أقل من 10 ألفاظ قذرة يبقى في حاجة غلط''. الانهيار ''خلاص حاسة إني مريضة نفسياً، بعد كل المواقف اللي حصلتلي بقيت طول الوقت بمشي في الشارع مركزة وخايفة أن حد يقرب لي''.. هذه إجابة هالة بعد سؤالها عن إحساسها بعد تجارب التي حدثت لها من قبل والتي من الممكن أن تتعرض لها فيما بعد أيضا . أما رضا فقالت عن إحساسها فى هذا الأمر ''بحس لما حد بيعمل كده معايا بإنه انتهك عرضي .. شال حجابي من على شعري بالقوة.. إحساس صعب يتوصف من جوايا بحس بالغليان''، أما ندا فتقول ''وقتها بحس بالانهيار من جوايه.. وبقعد أعيط''، بينما تشعر فاطمة ''بالخوف فقط''. هتخدي حقك هنا كان من الضرورى ان نسألهم عن ردود أفعالهم، لقينا أن الخوف كان رد فاطمة ''مرة من كتر خوفي وقعت على الأرض..ببقي مرعوبة''، وهالة قالت ''أيوه بخاف.. بخاف أعلي صوتي الناس تقول عليا بنت بجحة أو مش تمام.. لكن دلوقتي بقيت أخد حقي بنظرة أو بنبرة عنيفة وساعات ممكن أضرب'' . لكن نسمة قالت ''أول مرة طبعا معملتش رد فعل ولما رجعت كنت حاسة بالقهر والغضب من كل الناس، وإن كل الناس هم السبب وكنت متضايقة حتى من أمى مع أن ملهاش ذنب، بس بعد كده بقيت بلطجية ودي حاجة بسطتني'' . وإيمي قالت ''نص المشكلة فينا وهي خوفنا وسكوتنا.. على فكرة ده بيضاعف الألم النفسي اللي بنتعرض له وبيشجعهم أكتر.. بتغاظ قوي من البنت اللي بتسكت وكتير لما بكون مع صحابي وأحس ان في حد لمسها وهي ارتبكت'' . وتضيف ''انا بأخد حقي، يوم ما ضربت الراجل اللي اتحرش بيا بالقلم، حسيت إني باخد حقي اللي محدش هيجيبهولي، وكنت بتمنى أكمل ضرب فيه''، بينما قالت ندى ''بعد أول حادثة، حلفت إني مسكتش لو حصلى حاجه تانية، بمسك الشخص ده بفضحه في الشارع بأعلى صوت''، أما ''مي'' بتأخد حقها ساعات وساعات ''. واحد شاف..وعمل ماشفش ''محدش بيتكلم'' ده كان رد هالة بعد سؤالها عن رد فعل الناس في الشارع، وهكذا إيمي ''كلهم بيقفوا يتفرجوا''، ومي تحكي وتقول ''حصلي تحرش من واحد في ميكروباص وعلى الرغم من أن الميكروباص كان مليان رجالة وشباب إلا أن محدش فيهم قال حاجة كأنهم لا شايفين ولا سامعين''. أما فاطمة فقالت ''محدش بيهون عليه يقول حتي كلمة عيب''، وكانت تجربة ندى ''مرة زعقت وصوت في الشارع كنت لسه طالعة من محطة المترو وفي عز الظهر.. لكن الناس ولا كأنها هنا.. معرفش الناس حصلها ايه بجد !''، وهو ما أكدته رضا ''ردود فعل الناس بيبقى أغلبهم سلبي ونادرا لما بتلاقي حد ايجابي واتحرك ووقف معاكي'' . استري على نفسك ''انتي عايزة تفضحي نفسك''.. هكذا تحكي ''مي'' عن واقعة حدثت لصديقتها مؤكدة أن رد فعل الناس ''مش بس سلبي لا كمان بيعتبر اللي بتتكلم بتفضح نفسها'' . وتحكي رضا واقعة حدثت لها ''كنت راكبة ميكروباص واحد ورايا بيحاول يلمس ضهري روحت لفيت له وأديته حتة قلم ومسحت بكرامته البلاط، والناس بقت تقولي أهدي يا بنتي خلاص سيبيه بلاش فضايح مش خدتي حقك، وأنا أقولهم أبدا هروح بيه القسم يقولولي استري على نفسك، روحت قايلالهم والله انا مغلطتش وساترة نفسي وماشية محترمة الدور والباقي على اللي فاكر ان من حقه ان يعمل اللي هو عايزه فيا '' . أنت اللي غلطان بس ياتري البنت بتحس بالذنب، يا تري ممكن تلوم نفسها، حاولنا نعرف الرد على السؤال ده من خلال دردشتنا مع ''البنات'' فقالت رضا ''مبحسش بالذنب لأني مغلطتش هو اللي ستين غلطان''، بعكس ''شهد'' اللي قالت ''أنا طول الوقت بلوم نفسي إنى ممكن أكون السبب في ده وأن لبسي هو السبب.. بس حتى في الأوقات اللى ببقى لابسه فيها لبس طويل وواسع برضو مبسلمش''. لكن سارة قالت ''لأ مش بلوم نفسي طبعاً بألوم المجتمع اللي بيشوف ويسكت، وبلوم الأهالي اللي معرفتش تربي وبلوم الدولة اللي معندهاش قانون رادع''، ومن هنا فتح النقاش حول ''لبس البنت'' هل يعتبر أحد الأسباب للتحرش، فردت ''ندى'' بعصبية ''ملهاش دعوة وأنا مش محجبة وأنا محجبة الاتنين واحد''. وقالت إيمي '' كنت بفضل أقول أكيد أنا السبب ولبسي هو اللي عملي كده، بس أنا لبست ''الإسدال'' لمدة سنة، وده ممنعش التحرش خصوصا اللفظي يمكن تضاعف، فاقتنعت أنها مشكلة فيهم هما مش أنا''، وهو نفس رد فاطمة ''أنا بلبس واسع..وكمان مش أمورة.. يعني مفيش حجة أن حد يتحرش بيا'' . وتختم رضا ''دردشتها'' معنا ''البنت بتحب الكلمة الرقيقة، يعني مثلا أنا واحد إيطالي عاكسني وقالي إني كليوباترا وإن عيوني حلوة، مقومتش أديته بالقلم لأ شكرته على مجاملته الرقيقة''. ومازال في صندوق أسرار البنات ''حكايات'' عن التحرش .. فلكل ''فتاة'' قصة.. ربما أعلنت عنها.. ربما قررت أن تظل في طي الكتمان.