في تطور لردود الأفعال المتعاقبة على أحد الأفلام التي تتحدث عن الإسلام، والذي اعتبره البعض مسيئًا، وما تبعه من أحداث أمام السفارة الأمريكية بكل من مصر وليبيا، التي انتهت بقتل شخص، وإصابة آخر، في مدينة بنغازي الليبية، أصدرت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بيانًا للتعليق على الفيلم، وإليكم نص البيان: ''لقد تابعت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف مسلسل الإساءات المتكررة إلى الإسلام ورموزه ومقدساته، من تدنيس المصاحف وحرقها، إلى العدوان على المساجد وهدمها، وحتى الإساءة إلى الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، الذي جاء إلى العالمين مصدقًا بما سبق من الكتب، ومؤمنًا بكل النبوات والرسالات. كما تابعت هيئة كبار العلماء ردود الأفعال الحكيمة منها والغاضبة، التي تواجه هذه الإساءات في وطن العروبة وعالم الإسلام، وتود الهيئة بهذه المناسبة أن تتوجه إلى شعوب الأمة الإسلامية، وإلى كل عقلاء العالم بهذه الكلمات: أولًا: إن مصدر هذه الإساءات ليسوا هم الناس العاديون، سواء في الغرب أو الشرق، وإنما المصدر هي مؤسسات الهيمنة الاستعمارية، التي يجاهدها الإسلام لكسر شوكة هيمنتها واستعمارها واستغلالها في كثير من بلاد العالم الإسلامي، ومع هذه المؤسسات السياسية الصهيونية وأجهزة الإعلام التي ترتزق من الكذب وصناعة الصور الزائفة عن الرموز والمقدسات الإسلامية. ثانيًا: إن ردود الفعل الإسلامية يجب أن تتسم بالحكمة، وأن تزيد من إيضاحها لحقائق الإسلام ومقدساته ورموزه، وأن تبتعد عن أخذ البريء بذنب المُسيء. ثالثًا: يجب أن يتحلى العقل المسلم بالوعي والرؤية الموضوعية لحقيقة هذا المشكل القديم والجديد بل والمتجدد، فتزييف صورة الإسلام ورموزه ومقدساته أمر قديم، بدأ مع ظهور الإسلام، بل هو سنة من سنن التدافع بين الحق والباطل، تحدث عنها القرآن الكريم عندما قال: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين). وقد أثبت التاريخ أن تصاعد هذه العداوة للإسلام والتزييف لصور رموزه ومقدساته قد كان، ولا يزال، مرتبطًا بصعود الإسلام وزيادة انتشاره، كما هو حادث الآن، فيما وراء عالم الإسلام. لذلك، فإن هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف تناشد مؤسسات العلم الإسلامي بالتداعي لدراسة ظاهرة العداء والإساءة للإسلام ورموزه ومقدساته، لتحديد مصادرها، والعوامل التي تغذيها وتحركها، والسبل الفكرية التي تدفع السيئة بالحسنة (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم). كما توصي الهيئة بزيادة الجهود التي تُعَرف بحقيقة الإسلام، وبالتواصل مع الجاليات والمراكز الإسلامية في الغرب، لإيصال هذه الحقيقة إلى البلاد التي تصدر منها هذه الإساءات، وستبادر الهيئة إلى ذلك. كما تدعو الهيئة جماهير الأمة الإسلامية إلى الحرص على ألا يتجاوز الغضب المشروع لله ورسوله، صلى الله عليه وسلم، حدود الآداب والشمائل الإسلامية، وذلك حتى لا نأخذ البريء بذنب المُسيء، ولا نُسيء إلى الوحدة الوطنية لشعوب أمتنا، فنحقق دون أن ندري مقاصد الأعداء من وراء هذه الإساءات الخبيثة''. وكانت تقارير قد أوضحت أن الفيلم، الذي يحمل اسم براءة المسلمين، من إخراج وإنتاج سام باسيل، وهو إسرائيلي - أمريكي، يبلغ من العمر 54 عامًا، ينحدر من جنوب كاليفورنيا، ويدير شركات عقارية ويؤكد أن الإسلام ''دين كراهية''، بحسب ما ذكرته صحيفة ''وول ستريت جورنال'' الأمريكية.