تتسبب الزلازل بشمال إيطاليا في دمار المنازل والمصانع كأي مكان آخر في العالم، ولكنها حاليا تهدد بالتسبب في أضرار بالغة بالسياحة في وقت يبدأ خلاله الموسم بالمنطقة والذي يتضمن زيارة أربعة ملايين سائح للاستمتاع بالبحر الأدرياتيكي على شواطئ شمال إيطاليا. ويحاول عدد كبير من رجال السياسة وممثلي صناعة السياحة وقف موجة إلغاء الرحلات الداخلية والقادمة من الخارج واحتواء مخاوف عشاق الشواطئ والمدن السياحية بالمنطقة من الزلازل والكوارث الطبيعية. وتسببت موجة الهزات الأرضية التي ضربت المنطقة في أضرار كبيرة بالكثير من الصناعات لدرجة استحالة إعادة تشغيل العمالة في بعضها، في الوقت الذي تواجه خلاله 14 ألف وظيفة خطر الضياع، وتشير التقديرات إلى أن قيمة أضرار الزلزاليين القويين الذين وقعا منتصف مايو الماضي تتراوح من ثلاثة إلى خمسة مليارات يورو.
وكان زلزال بقوة 6 درجات على مقياس ريختر، قد ضرب منطقة اميليا- رومانيا شمالي إيطاليا في 20 مايو الماضي مما أسفر عن مقتل 7 أشخاص وتشريد الآلاف. وبخلاف الخسائر المادية والبشرية، أسفر الزلازل عن تدمير جزء كبير من التراث الثقافي لمنطقة اميليا-رومانيا، بالإضافة إلى تدمير أجزاء من الكنائس والمباني التاريخية. كما تسبب زلزال ثان في التاسع والعشرين من نفس الشهر أي بعد الزلزال الأول بعشرة أيام وبلغت شدته 5.8 على مقياس ريختر ، في إصابة 350 شخصا، غالبيتهم في مدينة كافيزو. يقول أحد رجال الأعمال لجريدة لاستامبا الإيطالية "فقدنا الكثير من العملاء وعلينا التصرف سريعا، التنافسية تجبرنا على هذا"، في حين أن الحكومة اقترحت مشاركة سجناء في عملية إعادة الإعمار لتسريع وتيرة العمل.
ويعتبر إقليم إيميليا رومانيا، وهي من أغنى مناطق إيطاليا، الأكثر تأثرا بالكارثة، واذا ما تأثرت أفواج السياحة الصيفية بسبب الزلزال فإن هذا الأمر سيمثل ضربة قوية لمصادر الدخل هناك، هذا في الوقت الذي تخشى خلاله أقاليم أخرى على البحر الأدرياتيكي من هذا المصير، وينتشر هذا الخوف في بلدات مثل ريميني ورافينا وفينيسيا وجيسولو وبيبيوني.
يقول المسئول عن السياحة بإيميليا رومانيا، ماوريزيو ميلوتشي في تصريحات لجريدة كورييري ديلا سيرا الإيطالية "في الخارج تتم إذاعة أنباء مقلقة عن الزلزال، وعلينا تجنب أن يؤثر مثل هذا الأمر على السياحة في شمال إيطاليا والأقاليم التي تحتوي على شواطئ".
ومن ناحيته علق وزير السياحة بييرو جنودي في حوار مع جريدة لاستامبا) حول هذه الأزمة قائلا إنه "طالما ظلت المدن الأثرية والأعمال الفنية على حالتها، فليس بمقدور أي شيء منع توافد السائحين لرؤيتها والاستمتاع بها"، وتتوالى الدعوات من المسئولين لطمأنة السائحين حيث أكد رئيس اقليم فينيتو، لوكا زايا أن الجميع مرحب بهم هذا العام وأنه لم تحدث أضرار جمة بالمناطق الأثرية الهامة.
وتعتبر السياحة من أهم القطاعات الاقتصادية وأكثرها ربحا في شمال إيطاليا المطل على البحر الأدرياتيكي.
ويعتبر النمساويون والألمان والسويسريون والهولنديون والفرنسيون أكثر المترددين على شواطىء سواحل شمال إيطاليا أو الجمهور الأكثر حضورا لحفلات الموسيقى الكلاسيكية التي تقام هناك صيفا بالهواء الطلق، ولكي لا يتم فقدان هذا النوع من الزبائن في ظل الأوقات الاقتصادية الصعبة التي تمر بها إيطاليا، فإن رجال الحكومة والسياسة في روما بدأوا في التحرك من خلال خطوات جادة بالفعل.
وطلب وزير الخارجية جوليو ترتسي من بعثاته الدبلوماسية في الخارج إيصال أكثر المعلومات دقة حول الزلازل التي تتعرض لها البلاد، لتوضيح أن شمال إيطاليا بأكمله لم يتعرض للهدم والدمار نتيجة للهزات الأرضية كما تروج بعض وسائل الاعلام الأجنبية.
ولكن لا يتعلق الأمر فقط بقطاع السياحة، حيث أن قطاعات أخرى تضررت وستحتاج لمساعدات من أجل النهوض مثل الزراعة والتكنولوجيا التي تعتمد على التصدير، وهنا سيتوجب على الاتحاد الأوروبي تقديم يد المساعدة، فوفقا لتقدير أولي، فإن الهزات الأرضية أضرت بالصناعة الغذائية والرخام وشركات الآلات والصناعات الدوائية.
ومن ناحية أخرى حذرت جمعية المنتجات الزراعية الإيطالية (كولديريتي) من أن الزلازل تسببت في افساد أنظمة الري وأنه بين مودينا وبولونيا وفيرارا ومانتوا يوجد ما يقرب من 100 ألف هكتار دون مياه متمثلة في حقول أرز وخضروات مما يشكل خطرا كبيرا على المحاصيل التي تشتهر بها المناطق الأكثر تضررا.