لندن (رويترز) - مع ارسال بريطانيا وفرنسا وايطاليا مستشارين عسكريين لتقديم المشورة للمعارضة الليبية المسلحة ومحاولة قوات الزعيم الليبي معمر القذافي وقوات المعارضة تأمين الامدادات الضرورية يبدو أن جميع الاطراف تستعد لحرب طويلة. ووعد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يوم الاربعاء بتكثيف الغارات الجوية لكن لا يعتقد كثيرون أن الغارات وحدها قادرة على تسوية الصراع. وستجعل حرارة الصيف الشديدة القتال أصعب في الاشهر القادمة وربما تساهم في ترسيخ جمود الموقف القائم. واذا لم تتم الاطاحة بالقذافي من خلال انقلاب داخلي فإن نتيجة الصراع قد تتوقف على ما اذا كانت المعارضة المسلحة تستطيع تأمين التمويل والوقود والاسلحة والمهارات اللازمة لاستمرار الحملة لاشهر او ربما سنوات. يقول ماركو بابيك المحلل بمجموعة ستراتفور "اذا كانت المعارضة قوة قتالية متماسكة وجادة فقد تكون القوة الجوية كافية... لكنها ليست كذلك والجميع يعلمون هذا. المشكلة هنا هي أن هناك تفاوتا بين الهدف الحقيقي وهو تغيير النظام والقوات التي أخذت هذا على عاتقها." ويقول ضباط بالخدمة انه ربما يكون ارسال مستشارين عسكريين غربيين لتنسيق الغارات والمساعدة في محاولة توجيه المعركة خطأ لكن كما هو الحال في الصراع الجاري بأفغانستان فانه تكاد لا تكون هناك خيارات تذكر الان سوى الاستمرار. وبدون الغارات الجوية قد تسقط بنغازي معقل المعارضة المسلحة في غضون أيام ولا يريد ساركوزي او رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون او الرئيس الامريكي باراك أوباما مواجهة التداعيات السياسية لهذا. كما لا يستطيعون بعد التصريحات التي تم الادلاء بها مؤخرا الاتفاق بسهولة على اي صفقة تسمح ببقاء القذافي في الحكم. وبعد النجاح السريع لثورتي مصر وتونس كان الزعماء الغربيون يأملون أن ينهار حكم القذافي بسرعة بعد بدء الغارات الجوية. لكن الزعيم الليبي أثبت أنه اكثر صلابة مما توقعه كثيرون. وينتهج الحلفاء استراتيجيات مختلفة على الرغم من العمل تحت مظلة حلف شمال الاطلسي. فالطائرات الفرنسية والبريطانية تقدم دعما شبه مباشر للمعارضة المسلحة بينما تبدي الولاياتالمتحدة استعدادا أقل للمشاركة بطائراتها التي تتميز بقدرة أعلى كثيرا على تدمير الدبابات. وفي حين امتنعت روسيا والصين عن التصويت على مشروع قرار مجلس الامن الدولي الذي أجاز القيام بعمل عسكري في ليبيا فانهما تعارضان التصعيد بكل صراحة. كما عبرت المعارضة المسلحة مرارا عن عدم رغبتها في قيام القوات الغربية بعمليات برية. وقد يكون مسموحا بنشر قوات برية في اطار قرار مجلس الامن الدولي اذا لم يصل هذا الى حد الاحتلال الصريح. لكن ليس هناك حماس سياسي يذكر لاتخاذ خطوة من هذا النوع مما يجعل زيادة قدرات مقاتلي المعارضة المسلحة الخيار الوحيد. وقال قائد عسكري غربي سابق طلب عدم نشر اسمه "تدريب الناس ليصلوا الى مستوى أعلى من الكفاءة العسكرية سيستغرق عدة اشهر." وأضاف "لن يستطيع اي عدد من المتعاقدين القيام بما استغرق تحقيقه منا سنوات في العراق وافغانستان. انها مجرد مسألة أدوات والتزام ووقت." ومضى يقول ان الامل يتمثل في تمييل كفة ميزان القوة لصالح المعارضة والمساعدة في التوصل الى وقف لاطلاق النار. وسواء حدث هذا ام لا فان الحصول على التمويل والامدادات سيكون ضروريا للمعارضة. وحتى الان يبدو النجاح على تلك الجبهة متفاوتا خاصة وأن العقوبات التي تستهدف القذافي تؤثر على البلاد بأسرها. وعانت المعارضة المسلحة من عدة انتكاسات. في البداية فقدت السيطرة على ميناءي راس لانوف والبريقة مما قلل من حجم النفط الذي يحتمل أن تصدره بحيث لم يتبق لها سوى ميناء صغير في طبرق. من ناحية أخرى يحجم كثيرون عن شراء النفط بسبب القلق من العقوبات. وحتى الان لم يتأكد الا ارسال شحنة تصدير واحدة من خلال شركة فيتول لتجارة النفط ومقرها لندن وقالت مصادر في قطاع النفط ان العثور على مشتر لهذه الشحنة كان صعبا بسبب الخوف من خرق العقوبات. وربما يفيد اعتراف المزيد من الدول بالمجلس الوطني الانتقالي المعارض كحكومة شرعية لليبيا في تسهيل الامور للمعارضة. لكن حتى الان لم تعترف به سوى فرنسا وايطاليا وقطر وتحجم واشنطنولندن عن اتخاذ هذه الخطوة. وتخضع ليبيا لحظر على الاسلحة لكن لا يعاني اي من الجانبين من نقص فوري في الذخيرة فيما يبدو. وربما يكون الوقود مسألة مختلفة. فالجانبان يسيطران على الكثير من حقول النفط لكنهما يحتاجان على غرار جيوش التحالف والمحور في شمال افريقيا قبل 70 عاما الى منتجات تكرير وديزل والا لن يستطيعا تحريك مركباتهما. ويحاول القذافي استيراد البنزين من خلال تونس للتحايل على العقوبات عن طريق نقل الوقود من سفينة الى سفينة. وتنظم أيضا المعارضة المسلحة خياراتها فيما يبدو للحصول على الامدادات وربما تريد مقايضة صادرات الخام بشحنات من المنتجات النفطية المكررة. وربما يواجه القذافي صعوبة في توصيل الوقود والامدادات الاخرى لقواته على امتداد الطريق المكشوف الى شرق ليبيا في مواجهة غارات حلف شمال الاطلسي. لكن المعارضة تواجه تحديات هي الاخرى اذ تحاول دعم المقاتلين في مصراتة الجيب الغربي المحاصر الذي تطوقه قوات القذافي ويتعرض لقصف عنيف. ومازالت المعارضة مسيطرة على الميناء وتسمح بنقل المصابين الى خارجه ودخول الصحفيين ومراقبي حقوق الانسان اليه املا في نشر الدعوة الى مزيد من التدخل. وقد تستطيع ايضا ادخال الاسلحة. لكن في غياب القوة اللازمة للتحرك نحو طرابلس ربما تعيش المعارضة المسلحة تكرارا لحصاري سراييفو في البوسنة وجافنا في سريلانكا واللذين امتدا لسنوات. وتقول حياة ألفي خبيرة شؤون الشرق الاوسط بكلية الحرب البحرية الامريكية "القذافي شخصية قادرة على التخطيط كما رأينا طيلة هذا الصراع ... وعدم حسمنا بمثابة ذخيرة له" موضحة أن اراءها شخصية ولا تعبر عن رأي الحكومة. ومضت تقول "ما لم تتبدل الاوضاع بشكل كبير سيكون من الصعب الهروب من الاستنتاج بأن هذا قد يستمر لفترة طويلة جدا."