20 جامعة مصرية مدرجة في النسخة العامة لتصنيف QS لعام 2025    عبر بوابة الوظائف الحكومية.. وزارة النقل تعلن عن وظائف شاغرة للمهندسين 2025    قبول دفعة جديدة بالأكاديمية والكليات العسكرية للطلبة 2025    متى تستحق الابنة أو الابن معاش الأب المتوفى؟.. التأمينات توضح الشروط والحالات المستثناة    كارت واحد للتموين والتأمين.. إليك طريقة استخراج الكارت الموحد للخدمات الحكومية    اتصال هاتفي بين وزيري خارجية إيران ومصر لبحث مستجدات العدوان الإسرائيلي وسبل التهدئة الإقليمية    التعاون الإسلامي تحذر وتستنكر في بيانها "تجويع وتدمير" غزة    وزارة الخارجية تطلق خطة الاستجابة للاجئين ودعم القدرة على الصمود في مصر لعام 2025    بشكتاش ينهي اتفاقه مع روما على ضم نجمه    تقرير: لويس دياز على رادار بايرن ميونخ    بعد كأس العالم للأندية.. مايلولا يودع الوداد المغربي    بمشاركة منتخب مصر.. مواعيد مباريات البطولة العربية لكرة السلة سيدات 2025    سيدات بتروجت يحققن لقب الدورى الممتاز لتنس الطاولة    مصرع فتاة وإصابة 17.. الصور الأولى من موقع    مصدر ب"التعليم" يكشف حقيقة فيديو الغش في الجمالية    محافظ المنوفية يقدم واجب العزاء لوالد سائق حادث الطريق الإقليمي بمنزله بطملاي    نهال طايل تدافع عن شيرين عبد الوهاب: الجمهور طماع وعاوز الفنان على سنجة عشرة    ثروت الخرباوي: ثورة 30 يونيو لحظة انتصار وعي لدي الشعب المصري    "وين ياخذنا الريح" يحصل على جائزة أفضل فيلم في مهرجان مالطا السينمائي لأفلام البحر المتوسط    إجراء فحوصات لوالدي سائق ميكروباص حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    خلاف ميراث ينتهي بجريمة قتل مأساوية في زراعات الموز بقنا    إسرائيل فقدت السيطرة على الضفة الغربية    إجلاء أكثر من 50 ألف شخص بسبب حرائق الغابات في تركيا    رايات حمراء وصفراء وخضراء.. إقبال ضعيف من المصطافين على شواطئ الإسكندرية    فنانين خالدين في وجدان يحيى الفخراني.. تعرف عليهم    دعاء الصباح مكتوب وبالصور.. ابدأ يومك بالبركة والسكينة    نقل 6 مصابين إلى مستشفى الباجور إثر تصادم سيارتين على الطريق الإقليمي بالمنوفية    وزيرا الصحة والتعليم العالي يشهدان توقيع بروتوكول تعاون بين قطاع تنمية المهن الطبية ومستشفيات جامعة القاهرة    «ترابي وناري ومائي».. تعرف على لغة الحب لكل برج حسب نوعه    رئيس الجالية المصرية في النرويج: ثورة 30 يونيو بداية عهد جديد من العمل الجاد والتنمية الشاملة    متى يتم المسح على الخفين والجوارب في الوضوء؟.. عضو مركز الأزهر توضح    سيامة دياكون جديد بالكنيسة المرقسية بالأزبكية    بقيمة 103.5 مليون يورو.. مجلس النواب يوافق على اتفاقية تعاون مع ألمانيا    يويفا يؤجل قراره بشأن مشاركة كريستال بالاس في الدوري الأوروبي    البلجيكى يانيك فيريرا الأقرب لقيادة الزمالك.. ومدرب آخر يعطل التوقيع    مدبولي: التعاون الإنمائي الدولي بات أمرًا ضروريًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030    آخر رايات الأندلس وسقوط القمر على مسرحي روض الفرج والسامر ضمن مهرجان فرق الأقاليم    بالصور.. إحباط تهريب عشرات الزواحف والكائنات النادرة بمطار القاهرة    وزير الخارجية الألماني يصل إلى كييف في زيارة رسمية    ما هو حق الطريق؟.. أسامة الجندي يجيب    4.8 مليار متر مكعب سنويا، الري تنفذ مشروعات جديدة لإعادة استخدام المياه    على إيقاع الطبيعة الساحرة.. هكذا يمارس السائحون الرياضة في جنوب سيناء    وجه الشكر للأطقم الطبية.. وزير الصحة: 300 مستشفى لاستقبال مصابي غزة للعلاج في مصر    انطلاق القوافل الطبية العلاجية بالجيزة غدا- تفاصيل    ماذا يحدث للجسم عند تناول ماء الكمون مع الملح الاسود؟    التنظيم والإدارة يعلن عن حاجة «النقل النهري» لتعيين 57 مهندساً    الشافعي يساند شيرين عبد الوهاب بعد جدل إطلالتها في موازين: «رمز القوة»    الرقابة المالية توافق على تأسيس "صندوق استثمار عقاري ومعادن"    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو «ميكروباصات عكس الاتجاه»    هانى سرى الدين: ضريبة السجائر والكحوليات والبترول الخام ضمن الإصلاحات الهيكلية    دورتموند يتحدى مفاجآت مونتيري بدور ال16 بمونديال الأندية    جمال ما لم يكتمل.. حين يكون النقص حياة    آسر ياسين يكشف تفاصيل ارتباطه بزوجته: «حماتي قالت عليا بتهته في الكلام»    السيسي: مصر تبذل أقصى جهودها لدعم الأمن والاستقرار في ليبيا    مجدي الجلاد: الهندسة الانتخابية الحالية تمنع ظهور أحزاب معارضة قوية    «الرقابة النووية» تطلق العدد السابع من مجلتها التوعوية بعنوان «الأمن المستدام»    ما فضل صيام يوم عاشوراء؟.. أجرٌ عظيم وتكفيرٌ للسنة الماضية    ترامب يتهم جيروم باول بإبقاء معدلات الفائدة مرتفعة بصورة مصطنعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تفسد رياح الخماسين ربيع ابنة المعز ؟
نشر في مصراوي يوم 26 - 12 - 2011

هل يتشابه ربيع العواصم العربية أم يختلف؟ وهل قدر لهذا الوطن أن يحمل معه أوزار التاريخ ليؤثث بها حاضره ويبني على تراكماتها مستقبله؟ الربيع العربي يختلف من عاصمة عربية لأخرى. هذا ما يستنتجه الكاتب السوري وليد خليفة بعد مرور سنة على انطلاق هذا الربيع من العاصمة التونسية.
في دورة الطبيعة يأتي الربيع بعد الشتاء، يختلف حسب الجغرافيات، ففي مصر تفسده رياح الخماسين لأيام، أما دمشق والجزائر، العاصمتان اللتان تتفننان في صناعة العذاب، يعلن الربيع عن نفسه بخطوات واثقة، يعتدي و يُعتدى عليه، أما طرابلس الغرب، ربما ولأن الربيع تركها حائرة بين الخماسين التي تجتاز حدودها الشرقية والجنوبية وجرأة الربيع في حدودها الغربية، تركت نفسها خارج الفصول والتقاويم، على عكس تونس المحاطة بالربيع، تملك في ذلك كل الأدلة التي لا تسمح لحاملي مفاتيح الجنة السماوية مقاوحة أصحاب الأحلام الأرضية !.
منذ ربيع براغ 1968 ، والذي رقص فيه شباب وصبايا براغ على الدبابات الروسية وتحملّوا كل قساوة الدين الفيشي في تلك الأزمنة ، أقصد الشيوعية، ولم يبدلوا الحرية بالحياة، مصرين على أن '' الحياة في مكان آخر '' كما قال العزيز ، ابن تلك التجربة بكل قساوتها، ميلان كونديرا ، منذ ذلك الربيع التشيكي وكل التظاهرات المطالبة بالحرية سلما، يُطلق عليها جزافا، اسم الربيع، ولكل عاصمة محاطة بحراس الهياكل ربيعها الذي بشبهها تماما، يشبه ثقافتها وطقوسها وتاريخها ومستقبلها أيضا.
نعم ربيع البلاد يشبه مستقبلها تماما، لم يحمل ربيع دمشق الأول و الذي بدأ بوفاة حافظ الأسد ووراثة الابن بشار أي مؤشر لمستقبل خارج حفلات الدم التي نراها اليوم، لم يكن ربيعا طارئا على هذا الفصل، كان ابنا شرعيا للشتاء الذي لا يشبه شتاءات الآخرين، شتاء حافظ الأسد الصحراوي، ابن تلك الثقافة الشرعي، أم ابنها بالتبني الموغل فيها حتى أخمص القدمين.
ثقافة قائمة على كراهية الشريك في البلاد، شتاء عاجز أمام سخونة تدفق الدم وهي تنظر إلى الدماء المتطايرة في السماء، ثقافة حفلات الدم التي تحاكم التاريخ على أحقية تولي الخلافة بين علي ومعاوية رغم مرور أربعة عشر قرنا على الحادثة، كرسي دمشق ما زال موضع ثأر بين أنصار الإمام علي ومعاوية بن أبي سفيان، بين بني هاشم وسيد قريش، شتاء ما زال يحتفظ بتلك الحادثة بطزاجة لا تحسد عليها. لذلك لم يأت الخريف ولا الشتاء الذي تسارع بعده إلا بأشلاء الأكراد في ربيع العام 2004 وحفلات الدم في درعا وحمص ودمشق ودير الزور وإدلب واللاذقية المتواصلة في أيامنا هذه.
ربيع القاهرة لا يختلف كثيرا عن ربيع دمشق، رغم ما تفعله رياح الخماسين التي تقضي على الرؤية وتحدث ضجيجا لا ينافسه إلا ضجيج التحرير والتثوير والتنوير ، هكذا هي ، رغم أنها ابنة المعز بالله الفاطمي، ورغم أنها ما زالت تملك شموع مولد الحسين والسيدة، رغم أنها كل ذلك وفوقها تحمل ثقافة القبور الفرعونية، إلا أن ثمة ثأر تحمله بخبث عمرو ابن العاص، تأر ستعززه الوهابية ودولارات النفط، ثأر له علاقة باستعلاء تاريخي وضرورة قيادة المنطقة وكأنها المهمة الموروثة من رمسيس الثاني بختم إلهي لا مناص منه، كذلك الهرم أو تلك المسلة التي تنتظر في ساحة كونكورد الباريسية، ثمة غبش في الرؤيا وما يسيطر على الحال ذلك الثأر والسعي لمهمة قيادة المنطقة دون أدنى اهتمام بأحلام وأقدام وبطون حاملي مصر واسمها.
ربيع تونس يحاول الاستثناء دائما، يريد أن يجنح بنفسه خارج السرب ، كان ذلك هندسة فرضها الحبيب بورقيبة، استطاع أن يجنح بنفسه خارج السرب ولكن جنح إلى درجة الاختناق، لدرجة أن يولد حمل الربيع عن مسخ اسمه زين ليلى الطرابلسي، لكنه ولأنه زين ليلى ومجرد موظف يتقن التلصص وقتل الأحلام، هرب قبل أن تخنقه سيول دماء التونسيين، أثبت بهروبه أنه أفضل الديكتاتوريين في لغة العامة التي تستهوي أفعال التفضيل والتفخيم والتنقيح، لم يطل علينا ربيع تونس بعد بوردٍ مأمول، لم يحمل لنا إلا احتمال اختناق أكبر، احتمال صحراء أخرى وكأن قناة العروبة لا تطرح إلا التصحر والنقاب !
ربيع القاهرة ما زال يصر على أن ثمة نهر هناك وأن ثمة آثار للشجر وبائعات عقود الياسمين، ما زال يصر على أنه هو ولكن المهمة تغدو أشبه بصخرة سيزيف كلما ارتفع قليلا يجد مليون قوة تجذبه للسقوط مرة أخرى في أحلام العودة لزمن الأجداد، الزمن الذي اكتسح فيه عمر ابن العاص مصر و'' حلبها حتى هزل ضرعها''، فيتحول '' النور '' من مهمته إلى واجهة لإعادة الموتى من القبور، والعدالة والحرية إلى بازار أشبه بأسواق البصرة قبل ثورة الزنج، وتختصر الليبرالية في ردة فعل على شعبوية الغوغاء، ميدان التحرير يشكو وحدته للبائعين المتجولين وهم يرمون أعقاب سجائر الكليوباترا والبلمونت صوب الكتلة الصماء المسماة جامعة الدول العربية والماضي الذي لا يبخل في مراكمة المآسي .
ربيع طرابلس الغرب يصر على عطش لا يروى لدماء الليبيين وكأن جحيم القذافي يلزمه نهر عظيم من الدماء للتطهر من براثنه فيما تمضي اليمن بين الأنفاق المعدة بعناية الجيران والتاريخ ولا تستطيع البحرين إعادة القرامطة ولا أثر لهم في الهزيع الأخير، ويسكت الربيع هناك طالبا استراحة أخرى في زحمة الغرباء، فقط دمشق تمضي إلى حيث القدر الليبي بزعيم أبله يظن نفسه سقراط وأفلاطون ونيتشه مجتمعين و هو لا أكثر من مهرج سيء على مسرح لم يُنصب له أساسا. هكذا تتوالى الفصول وما قبل الربيع لم يكن شتاءً وما بعده ربما ثمة عواصف تأتي من تاريخٍ لم يعرف التسامح يوماً.
اقرأ ايضا:
مصر 2011.. محاكمة القرن.. نزيف اقتصادي وميدان تحرير يحتاج إلى تحرير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.