بقي الضغط الشعبي والدولي قويا السبت على الرئيس المصري حسني مبارك الذي استقال نجله جمال من مواقعه في قيادة الحزب الوطني الحاكم وكل اعضاء هيئة مكتب الحزب فيما تعرض انبوب لنقل الغاز لعملية تخريب في سيناء مع دخول انتفاضة المصريين غير المسبوقة يومها الثاني عشر. واعلن التلفزيون المصري استقالة اعضاء هيئة المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الحاكم، الذي يشكل الهيئة التنفيذية للحزب ويضم جمال مبارك نجل الرئيس حسني مبارك الذي كان امينا عاما مساعدا للحزب وكان يطمح لخلافة والده في الرئاسة. وقال التلفزيون ان الرئيس حسني مبارك "بصفته رئيس الحزب عين حسام بدراوي امينا عاما للحزب وللجنة السياسات". وبذلك يخلف بدراوي، وهو طبيب ورجل اعمال، كلا من صفوت الشريف الامين العام للحزب وجمال مبارك امين لجنة السياسات. وتعليقا على هذه الخطوة، اعتبر المتحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي تومي فيتور ان استقالة اعضاء هيئة المكتب السياسي في الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم تشكل "مرحلة ايجابية". واكد فيتور ان الولاياتالمتحدة تنظر الى هذه الاستقالة "على انها مرحلة ايجابية نحو تغيير سياسي ضروري"، مضيفا "اننا ننتظر مبادرات اضافية". ومن ناحيتهم، اعلن الاخوان المسلمون في بيان ليل السبت الاحد انهم "بدأوا حوارا" مع المسؤولين المصريين "نتعرف فيه على جدية المسؤولين ازاء مطالب الشعب ومدى استعدادهم للاستجابة لها". وقال مسؤول في جماعة الاخوان المسلمين فضل عدم الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس ان "اجتماعا عقد صباح السبت بين مسؤولين من الاخوان المسلمين ونائب الرئيس عمر سليمان". وجاء في بيان لجماعة الاخوان المسلمين وقعه المرشد العام للجماعة محمد بديع "ان الاخوان المسلمين وانطلاقا من الحفاظ على مصالح الامة ومؤسساتها ومرافقها وحرصهم على استقلال وطننا ورفضهم اي تدخل دولي او اقليمي في شؤونه الداخلية ورغبة منهم في الحفاظ على مصالح الامة ومؤسساتها ومرافقها، فقد قررنا الدخول في جولة حوار نتعرف فيها على جدية المسؤولين ازاء مطالب الشعب ومدى استعدادهم للاستجابة لها". في واشنطن، اعلن البيت الابيض ان الرئيس باراك اوباما اجرى محادثات مع عدد من القادة الاجانب حول الوضع في مصر، مشيرا الى ضرورة حصول "عملية انتقالية منظمة وسلمية تبدأ الان". وجاء في بيان للرئاسة الاميركية ان الرئيس الاميركي اجرى محادثات مع ولي عهد ابو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ومع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ومع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل. ولم يبد مبارك الذي تدعوه الولاياتالمتحدة الى الرحيل اي اشارة تدل على ذلك. وقد ترأس صباح السبت اجتماعا وزاريا ضم رئيس الحكومة وعددا من الوزراء بينما دخلت الانتفاضة الشعبية التي تطالب برحيله يومها الثاني عشر. وهو اول اجتماع يعقده الرئيس المصري مع الوزراء منذ اقالة الحكومة السابقة الاسبوع الماضي في اجراء يهدف الى تهدئة الحركة الاحتجاجية. وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط ان مبارك اجتمع مع رئيس الحكومة احمد شفيق ووزراء البترول سامح فهمي والتضامن الاجتماعي علي المصيلحي والتجارة والصناعة سميحة فوزي والمالية سمير رضوان ومحافظ البنك المركزي المصري فاروق العقدة. وعقب الاجتماع صرح شفيق للصحافيين بانه اجرى اتصالات مباشرة مع نحو 75 % من ممثلي الحركات المتظاهرة في الميدان. وقال ان "الجزء من المطالب الذي تم التحفظ عليه يتعلق بتنح مباشر وفوري للرئيس مبارك، فهو لا يتناسب مع الثقافة المصرية، فالرئيس بالفعل اعلن نيته التنحي في سبتمبر من العام الحالي، ونحن في حاجة اليه خلال التسعة أشهر المقبلة". بدوره، اعتبر الدبلوماسي الاميركي فرانك فيسنر الذي كان الرئيس باراك اوباما اوفده الى مصر، ان الرئيس المصري ينبغي ان يبقى في السلطة لضمان انجاز المرحلة الانتقالية نحو الديموقراطية. وقال فيسنر خلال مناقشة في اطار المؤتمر الامني المنعقد في ميونيخ بجنوب المانيا "ارى ان بقاء مبارك رئيسا للبلاد امر حيوي. انها فرصة له لتحديد ماذا سيترك (خلفه). لقد كرس ستين عاما من حياته في خدمة بلاده، انها اللحظة المثالية بالنسبة اليه لتحديد المسار الواجب سلوكه". وتطرق رئيس الوزراء الى مطلب المتظاهرين بحل مجلسي الشعب والشورى وقال "إن كل شيء قابل للحوار والتفاهم، ونحن نحاول إقناع الشباب بأن حل المجالس النيابية سيعيق تعديل مواد الدستور نظرا لضيق الفترة الزمنية المتاحة أمام الحكومة نحو تلك الخطوة". واعتبر ان "لا مشكلة أبدا في استمرار التظاهرات لأن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية". وعزا محللون تمسك الرئيس المصري بالسلطة رغم الضغوط الشعبية والدولية الى انه ما زال مطمئنا الى ولاء الجيش له لكنهم اكدوا ان موقف القوات المسلحة يمكن ان يتغير مع التبدل السريع في موازين القوى على الساحة المصرية. وعلى صعيد اخر، اعلن رئيس البورصة المصرية خالد سري صيام انه لن يتم استئناف العمل في البورصة الاثنين المقبل كما سبق ان اعلن. وقال ان موعد استئناف نشاطات البورصة "لم يحدد وسيتقرر وفقا لمجريات الاحداث" موضحا ان "اعادة فتحها ستعلن قبل ثمان واربعين ساعة". وكانت بورصة القاهرة اقفلت في 27 كانون الثاني/يناير على تراجع كبير باكثر من 10% مسجلة في يومين خسائر بقيمة 70 مليار جنيه مصري، اي ما يعادل حوالى 12 مليار دولار بحسب ارقام رسمية. غير ان التلفزيون اعلن ان المصارف، التي اغلقت طوال الاسبوع الماضي، ستسأنف عملها الاحد. وفي ميدان التحرير، واصل المحتجون ضغطهم وهم يرددون "ارحل ارحل". وهم يريدون منع الدبابات من الرحيل معبرين عن خشيتهم من هجمات محتملة لانصار مبارك. وفي الصباح عندما سمعوا هدير محركات الدبابات والمدرعات، هرع عشرات المتظاهرين ليجلسوا حول المحركات وهم يتوسلون الى العسكريين البقاء في الساحة، بحسب ما ذكر صحافي من وكالة فرانس برس. فالبنسبة اليهم، يشكل وجود الجيش حماية في وجه انصار الرئيس المصري الذين حاولوا مرات عدة اقتحام حواجزهم ورشقوهم بالحجارة واطلقوا النار في بعض الاحيان ما ادى الى المقتل 11 شخصا في مواجهات وقعت الاربعاء الماضي، وفق بيانات رسمية. ويخشى المحتجون خصوصا ان يرفع العسكريون سيارات الشرطة والشاحنات المحترقة التي تغلق الميدان. وعلى لافتة كبيرة، كتب المتظاهرون مطالبهم: "رحيل الرئيس المصري وحل مجلس الشعب واقامة حكومة انتقالية" بينما كان بعضهم يهتف "ارحل ارحل" وآخرون ينشدون اغاني. وقالت الاممالمتحدة ان 300 شخص على الاقل قتلوا خلال الحركة الاحتجاجية الشعبية، بحسب حصيلة لم تؤكدها مصادر اخرى. وتحدثت وزارة الصحة المصرية عن سقوط خمسة آلاف جريح منذ 28 كانون الثاني/يناير.