بيروت (رويترز) - تحول ميزان القوى في لبنان نحو سوريا وايران يوم الثلاثاء حين تم اختيار نجيب ميقاتي السياسي المدعوم من حزب الله رئيسا للوزراء مما أطاح بالكتلة المتحالفة مع الغرب التي رأست الحكومة لنحو ست سنوات. ونظم السنة الموالون لرئيس الوزراء المنتهية ولايته سعد الحريري "يوم الغضب" وأحرقوا اطارات وأغلقوا طرقا احتجاجا على اختيار الملياردير السني ميقاتي - وهو نائب وسطي له صلات بالسعودية وسوريا - لتشكيل الحكومة. وقال ميقاتي بعد ترشيحه ان يده ممدودة "للمشاركة في تحمل المسؤولية الوطنية ووضع حد للانقسامات" من خلال الحوار. وانسحب حزب الله وحلفاؤه من حكومة الوحدة الوطنية في 12 يناير كانون الثاني مما أدى الى انهيارها بعد أن فشلت جهود السعودية وسوريا لتضييق هوة الخلاف بشأن المحكمة المدعومة من الاممالمتحدة والتي أنشئت لمحاكمة قتلة رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري والد سعد. وكان الغضب في لبنان بشأن اغتيال الحريري عام 2005 الى جانب الضغوط الامريكية والفرنسية والسعودية قد أجبرت سوريا على سحب قواتها من لبنان وتخفيف هيمنتها على جارتها. وبعد ذلك بنحو ست سنوات استعاد حلفاء سوريا يتقدمهم حزب الله الموالي لايران زمام المبادرة من خصومهم الموالين للغرب. وتمكنوا من فعل هذا بطريقة قانونية ودستورية بعدما فازوا بدعم 68 من أعضاء البرلمان البالغ عددهم اجمالا 128 لمرشحهم ميقاتي بعدما غير الزعيم الدرزي وليد جنبلاط انتماءه بعد أن كان حليفا للحريري. لكن في السياسة اللبنانية الوعرة ربما تكون الحسابات البرلمانية أقل أهمية من تأمين توافق طائفي. وقال هلال خشان استاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية في بيروت "اذا لم تقبل معظم الطائفة السنية تكليف ميقاتي فستكون لدينا مشكلة." وأضاف "اذا كانوا غير راضين .. فسينتهك هذا روح الدستور" مشيرا الى أن ميقاتي يخاطر "بالانتحار السياسي" اذا حاول تشكيل حكومة في تحد لانصار الحريري الذين يعتبرون ميقاتي أداة "انقلاب" لحزب الله على الحريري. وقال الحريري ان كتلته لن تنضم الى حكومة يقودها ميقاتي ودعا أنصاره أيضا الى تجنب العنف وحثهم على الا يسمحوا للغضب "بأن يقودنا الى ما يخالف ايماننا بأن الديمقراطية هي ملجأنا". وقال حسن نصر الله زعيم حزب الله ان الحزب سيدعم حكومة شراكة وطنية يشكلها ميقاتي. والاولوية بالنسبة له هي أن يرفض لبنان الاعتراف بالمحكمة الدولية التي سلمت الاسبوع الماضي لائحة اتهام لاتزال سرية يتوقع على نطاق واسع أن تشير الى تورط أعضاء بحزب الله في اغتيال الحريري وهو ما ينفيه الحزب. وفي اطار الاتفاق السوري السعودي الذي فشل من المعتقد أن سعد الحريري وافق بشروط على قطع العلاقات مع المحكمة التي تتلقى 49 في المئة من تمويلها من لبنان. وفي الوقت الحالي يتولى حزب الله وحلفاؤه القيادة. وسعى حزب الله جاهدا لتعزيز وضعه السياسي في لبنان منذ خاض حربا ضد اسرائيل عام 2006 . واستغل الاحتجاجات الشعبية او استقالة الوزراء لاصابة الحكومات المدعومة من الغرب بالشلل واستعرض قوته العسكرية بسيطرته على بيروت بالقوة في مايو ايار 2008 لفترة وجيزة. وبعد تلك المواجهة حصلت المعارضة على سلطة نقض قرارات الحكومة بموجب اتفاق تم بوساطة قطرية رغم احتفاظ كتلة الحريري بأغلبيتها البرلمانية في انتخابات 2009 قبل أن تتبدد في الوقت الحالي. واعتبر بعض الساسة اللبنانيين والاسرائيليين ترشيح ميقاتي قدوما للحكم "الايراني" الى لبنان لكن من غير المرجح أن يصبح رجل الاعمال خريج جامعة هارفارد أداة في يد طهران. ولم تدل السعودية أحد الداعمين الرئيسيين للحريري من الخارج والخصم الاقليمي لايران بأي تصريحات مناهضة لميقاتي مما يشير الى أنه في وضع محايد بالنسبة للرياض. وربما يكون ميقاتي شديد الحذر بحيث لن يجازف باثارة استياء السعودية. وقال كريم مقدسي استاذ العلاقات الدولية بالجامعة الامريكية في بيروت "هو يريد السلطة لكنه لن يضحي بمصالحه التجارية من أجل هذا." ويدعم محمد الصفدي وهو رجل أعمال سني ثري له صلات وثيقة بالرياض ونائب في البرلمان ميقاتي. ويقول محللون لبنانيون ان قوى أخرى مهتمة مثل فرنسا وقطر وتركيا تؤيد رئاسة ميقاتي للحكومة. وكانت الولاياتالمتحدة قد قالت ان حصول حزب الله - الذي تعتبره منظمة ارهابية - على دور كبير في الحكومة سيعقد علاقاتها بلبنان ويؤثر على المساعدات الامريكية. غير أنه لم يتضح بعد كيف يمكن أن تؤثر واشنطن التي تدعم المحكمة بشدة على الاحداث في لبنان بشكل جازم. وقال مقدسي "ليست المسألة أن حزب الله او المعارضة او السوريين فعلوا شيئا مبتكرا على المستوى الاستراتيجي لتصبح لهم اليد العليا. "المسألة في أغلبها هي أن فريق 14 اذار (بقيادة الحريري) وأنصارهم في الغرب خاصة الولاياتالمتحدة وبدرجة ما السعودية سجلوا هدفا في مرماهم. يبدو دائما أنهم يلعبون بالاوراق غير المناسبة في الوقت غير المناسب."