تعقد دول مجلس التعاون الخليجي قمتها السنوية الاثنين في ابوظبي في ظل احراج واستياء من تسريبات ويكيليكس التي كشفت قلقها البالغ ازاء طهران، ولكن دون ان يكون لذلك اثر متوقع على العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن. والقمة التي تتزامن مع بدء مفاوضات جديدة بين طهران والدول الست حول البرنامج النووي الايراني، تعقد في غياب العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي يتلقى العلاج في نيويورك. وقال الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية للصحافيين مساء الاحد ان القمة "تنعقد في توقيت هام لجهة تسريع وتيرة العمل الخليجي المشترك والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة". واضاف ان "القمة ستقر عددا من الاستراتيجيات التي ستهم في دفع مسيرة العمل الخليجي المشترك ومنها الاستراتيجيات الخاصة بالربط الكهربائي والسكة الحديدية والاستخدام السلمي للطاقة النووية". ويجتمع اعتبارا من مساء الاثنين وحتى بعد ظهر الثلاثاء في ابوظبي قادة السعودية والامارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين التي تملك مجتمعة 45% من الاحتياطات النفطية المثبتة في العالم اضافة الى خمس احتيطات الغاز. ومع استمرار المواجهة المحتدمة بين ايران والمجتمع الدولي وتزايد نشاط تنظيم القاعدة في اليمن والانسحاب الاميركي من العراق، فان امن المجموعة الخليجية يبدو العنوان الرئيسي لقمة ابوظبي في الجانب السياسي، بحسب المراقبين. واظهرت الوثائق الدبلوماسية الاميركية السرية المفترضة التي نشرها موقع ويكليكس قلقا كبيرا لدى حلفاء واشنطن الخليجيين ازاء توسع النفوذ الايراني وبرنامج طهران النووي فيما قد يكون قادة كبار في المجلس لا سيما العاهل السعودي ايدوا مباشرة او ضمنا ضرب ايران. وفي سياستها العلنية، حرصت دول مجلس التعاون الخليجي دائما على ابقاء مستوى من الهدوء في الخطاب تجاه ايران مع التشديد على مخاوفها ازاء نفوذ طهران المتزايد في العالم العربي. حتى ان الرئيس الايراني احمدي نجاد حضر نهاية عام 2007 القمة الخليجية في الدوحة. وبحسب وثيقة جديدة سربها ويكيليكس وتعود ل2009، اعربت الولاياتالمتحدة عن اسفها لكون المتبرعين الخاصين في السعودية ما زالوا يشكلون "المصدر الاساسي العالمي لتمويل المجموعات الارهابية السنية". وكشفت وثائق اخرى ان دولا اخرى في المنطقة وخصوصا قطر والكويت تتقاعس عن مكافحة تمويل هذه المجموعات. وعن التسريبات المتعلقة بتمويل الارهاب، قال المحلل السياسي عبدالوهاب بدرخان لوكالة فرانس برس ان هذه الوثائق "تتحدث ربما عن مراحل تم تجاوزها بدليل ان الدول الغربية سبق واشادت بتعاون الدول الخليجية في هذا المجال وخصوصا في السنتين الاخيرتين". الا ان هناك بحسب بدرخان "استياء كبيرا من التسريبات لان دول الخليج اساسا تعتمد سياسة التكتم وعدم التعبير العلني الواضح عن مواقفها السياسية. واذا كان الكل يعرف ما هو الموقف الخليجي الحقيقي من ايران، فانه لم يكن هناك اي تصريح علني يطالب بضرب ايران". واعتبر بدرخان ان فضيحة التسريبات "اثارت بدون شك حفيظة دول الخليج وهذه الدول ستكون اكثر حذرا في المستقبل القريب في التحدث مع الاميركيين في الامور السياسية". لكن الامتعاض لن يتحول ازمة سياسية بين الطرفين بحسب المحلل الذي قال ان دول مجلس التعاون "لا ترى ان التسريبات تعبر عن تغيير في السياسة الاميركية" والتاثير الابرز هو "الاحراج". وقال ان "الدول الخليجية بحاجة لواشنطن وواشنطن بحاجة للدول الخليجية بسبب المصالح النفطية والاقتصادية والاستراتيجية" بين الطرفين. وتاتي القمة الخليجية بالتزامن مع بدء المفاوضات النووية بين ايران، ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون وممثلي الدول الست الكبرى في جنيف. وبعد توقف دام اكثر من سنة، يشكل اللقاء بين مجموعة "5+1" التي تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي (الولاياتالمتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا) والمانيا والوفد الايراني بقيادة سعيد جليلي اختبارا لرغبة طهران الحقيقية في التفاوض بشأن برنامجها النووي. وقد دعا مسؤولون خليجيون في اكثر من مناسبة الى اعطاء دول الخليج دورا في المفاوضات. وتساءل وزير خارجية الامارات الشيخ عبدالله بن زايد امام منتدى "حوار المنامة" السبت "لماذا ليس للخليج دور في الحوار مع ايران؟". واضاف "لماذا يعتقد الغرب ومجموعة 5+1 ان الملف النووي الايراني يخصهم فقط؟". وقال الشيخ عبدالله ان "اي حل يجب ان يخرج من المنطقة (...) يجب ان يكون لدول مجلس التعاون دور في هذه المفاوضات". وقال عبدالرحمن العطية لوكالة فرانس برس في هذا السياق "يجب استشارة دول مجلس التعاون والتنسيق معها لاننا ست دول مجاورة لايران (...) هناك بعض الامور ذات الطبيعة السياسية التي تتطلب ان نكون مطلعين ومستشارين في شأن الملف النووي". وعن هذا المطلب الخليجي، قال بدرخان ان "السؤال هو هل طرح هذا الموضوع مع الجانب الاميركي وماذا كان رد واشنطن؟. على الارجح انه لم يكن هناك تجاوب، او ربما كان هناك نصيحة بان ذلك ليس في مصلحة دول الخليج".