فيينا (رويترز) - من المرجح ان تتمسك ايران باستراتيجية التسويف في تعاملها مع القوى الكبرى سعيا لوقف ضغوطها من اجل كبح انشطة تخصيب اليورانيوم دون تقديم اي تنازلات بشان الانشطة التي يعتقد الغرب ان وراءها اغراضا عسكرية. وافقت ايران على الاجتماع مع ممثلي القوى الست الكبرى لاول مرة منذ أكثر من عام ولكن دبلوماسيين ومحللين لا يرون فرصة تذكر لاحراز تقدم في النزاع الدائر منذ فترة طويلة بشأن انشطتها النووية. وقالوا ان اقصى ما يمكن ان يحدث هو عقد الاجتماع المقرر في وقت مبكر من الشهر المقبل بين سعيد جليلي المفاوض النووي الايراني وكاثرين اشتون مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الاوروبي وربما تليه لقاءات اخرى لوقف تدهور العلاقات. وعبر الجانبان عن استعدادهما لاستئناف المحادثات في الخامس من ديسمبر كانون الاول ولكن لم يتفقا بعد على المكان. وابدى دبلوماسي غربي بارز في طهران تشاؤمه بشان المحاولة الاخيرة لايجاد حل دبلوماسي للخلاف الذي يحتمل ان يقود لسباق تسلح اقليمي ويفجر نزاعا عسكريا في الشرق الاوسط. وقال الدبلوماسي لرويترز عن الاجتماع "لا اعتقد انه سيقود الى شيء. الاختلافات الاساسية هائلة ومساحة التوصل لحل وسط صغيرة جدا." وللمسؤولين الايرانيين سجل في استغلال جلسات مماثلة في الاصرار على أن ايران لها حق "لا حياد عنه" في تطوير طاقة نووية رافضين مناقشة شكوك الغرب بان الهدف الرئيسي لهذه الانشطة انتاج قنبلة. وقال مسؤول نووي ايراني سابق "الوقت في صالحنا.. كل ساعة تمر نتقدم فيها أكثر." وتأمل القوى الست التي تقود جهود حل الخلاف دبلوماسيا وهي الولاياتالمتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في ان تقتنع ايران بابداء مرونة أكبر بعد العقوبات الجديدة التي فرضت عليها في يونيو حزيران. وهي تريد ان توافق ايران في نهاية المطاف على تعليق تخصيب اليورانيوم مقابل مجموعة من الحوافز الاقتصادية والسياسية. ورغم ما تسببه العزلة الدولية من ضرر لاقتصاد ايران المعتمد على النفط لا تبدي ايران اي بادرة استعداد لتقديم تنازلات بشأن برنامجها النووي الذي تقول انه يهدف لتحقيق اغراض سلمية مثل توليد الكهرباء. وبالنسبة للرئيس محمود احمدي نجاد الذي ايد توسعا مطردا للبرنامج النووي الايراني منذ توليه منصبه في عام 2005 يعد تحدي الغرب سبيلا لحشد تأييد القوميين وصرف الانتباه عن مشاكل البلاد الاقتصادية. وقال الدبلوماسي الغربي في طهران "يتعرضون لضغط اقتصادي ولكنهم بكل تأكيد لا يرون سببا لتغيير سياستهم بشأن القضية النووية. تصاعدت اللهجة المناهضة للغرب في الاشهر الاخيرة." ومنذ اجتماع جليلي مع ممثلي القوى الكبرى في اكتوبر تشرين الاول 2009 في جنيف واصلت ايران زيادة مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب ولديها الان ما يكفي لتصنيع قنبلتين على الاقل في حالة تخصيبه لدرجة أعلى. ومما أكد شكوك الغرب بان ايران ستحاول مرة اخرى تحاشي المحادثات بشان انشطتها النووية الحساسة تلميح احمدي نجاد ومسؤولين ايرانيين اخرين في الاسابيع الاخيرة بان حق ايران في امتلاك قدرات نووية ليس محل تفاوض. وقال احمدي نجاد الاسبوع الماضي "نرى ان القضية محسومة. سنواصل انشطتنا النووية السلمية." وربما تكون هذه التعليقات موجهة بصفة اساسية للشعب الايراني ويقول دبلوماسيون من الاتحاد لاوروبي في بروكسل انهم لا يعتقدون ان ايران تغلق الباب امام محادثات بشان القضية النووية. ولكن مبعوثا غربيا في فيينا مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية عبر عن اعتقاده بان التنافس على السلطة داخل المؤسسة الحاكمة في ايران قد يعوق اي محاولة للتوصل الى اتفاق. وقال "سيكون هناك اجتماع لكن الواقع يدفعني للاعتقاد بأنه لن يكون هناك أي تقدم يذكر على الاطلاق." وذكر محلل ايراني رفض نشر اسمه ان القيادة الايرانية لن تسمح بتعليق انشطة التخصيب "لان ذلك سيضر بمكانتها وسط قاعدة تأييدها الرئيسية." وقال مارك فيتزباتريك خبير الانتشار النووي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية انه ربما يتعين على الغرب ان يقبل في النهاية بمواصلة ايران بعضا من انشطة التخصيب. وأضاف "اوضحت ايران جليا ان هذا هو اقصى ما يمكن الوصول اليه... ستدرس المفاوضات سبلا تتيح لايران أن تهديء من المخاوف بينما تحتفظ بقدر من انشطة التخصيب." وتابع "انا متشائم جدا بشأن فرص تفاوض ايران على نتيجة مرضية." وحتى فرص احياء خطة لتبادل الوقود النووي الذي يعتبره الغرب سبيلا محتملا لبناء الثقة لاجراء مفاوضات اوسع نطاقا بشان البرنامج النووي تبدو بعيدة. وتقول ايرانوالولاياتالمتحدة انهما مستعدتان لاستئناف المحادثات بشأن اقتراح باستبدال اليورانيوم منخفض التخصيب مقابل يورانيوم على درجة أعلى من التخصيب لمفاعل ابحاث في طهران ولكن ثمة هوة كبيرة بينهما بشان كيفية تنفيذ ذلك. وانهار اتفاق مبدئي تم التوصل اليه العام الماضي يقضي بارسال ايران 1200 كيلوجرام من اليورانيوم منخفض التخصيب الى الخارج مقابل الحصول على وقود للمفاعل بعد ان رفضت طهران الشروط وبدأت في وقت لاحق انتاج مادة على درجة أعلى من التخصيب. ويقول دبلوماسيون غربيون انه ينبغي على ايران الان ارسال كميات أكبر بكثير من اليوارنيوم منخفض التخصيب في ظل اتفاق معدل يعكس تنامي حجم مخزونها وهو مطلب رفضته ايران. ولمح باقر معين وهو خبير ايراني مقيم في لندن ان السيناريو الاكثر احتمالا لاجتماع جليلي واشتون "مزيد من المحادثات بشان المحادثات" بدلا من اي مناقشات موضوعية. وقال الخبيران الايرانيان في الولاياتالمتحدة تريتا بارسي ورضا ماراشي ان بضعة اجتماعات لن تسوي ثلاثة عقود من العداء بين طهران وواشنطن منذ الثورة الاسلامية في ايران في عام 1979. وكتبا "لن يتحقق النجاح الا اذا ابدى الدبلوماسيون استعدادا لخوض اللعبة الطويلة واستعانوا بالصبر بهدف تحقيق تقدم على المدى الطويل وليس التوصل لحلول سريعة لاسترضاء دوائر سياسية محلية متشككة ونافدة الصبر."