اصدر القضاء السوري مذكرات توقيف في حق لبنانيين وعرب واجانب بينهم سياسيون وامنيون وقضاة واعلاميون مقربون من رئيس الحكومة رفيق الحريري، ما احدث صدمة في الاوساط السياسية اللبنانية. واعلن المدير العام السابق للامن العام اللبناني جميل السيد مساء الاحد انه تبلغ من محاميه في سوريا ان القضاء السوري اصدر "33 مذكرة توقيف غيابية" في حق لبنانيين وعرب واجانب كان السيد ادعى عليهم قبل سنة متهما اياهم بالتورط في "فبركة شهادات زور" تسببت بسجنه لمدة اربع سنوات في قضية اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري. وبرر السيد في تشرين الاول/اكتوبر 2009 لجوءه الى القضاء السوري بوجود خمسة سوريين بين الذين ادعى عليهم، بالاضافة الى اعلان القضاء اللبناني والمحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال الحريري عدم صلاحيتهما في البت بشكواه. والسيد هو احد اربعة ضباط كانوا مسؤولين عن الاجهزة الامنية لدى اغتيال الحريري في شباط/فبراير 2005، واوقفوا للاشتباه بتورطهم في عملية الاغتيال التي تمت عبر تفجير شاحنة في بيروت وتسببت بمقتل 22 شخصا آخرين. وافرج عن الضباط الاربعة في نيسان/ابريل 2009 لعدم وجود "عناصر اثبات كافية" بقرار من المحكمة الخاصة بلبنان. واوردت الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية اسماء الذين تشملهم مذكرات التوقيف وبينهم النائب مروان حمادة والوزير السابق شارل رزق والنائبان السابقان باسم السبع والياس عطاالله والنائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي ورئيس فرع المعلومات في قوى الامن العقيد وسام الحسن ومستشار رئيس الحكومة هاني حمود. كما شملت المذكرات الرئيس السابق للجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس ومساعده غيرهارد ليمان، ونائب الرئيس السوري سابقا عبد الحليم خدام. وكان القضاء السوري طلب في كانون الاول/ديسمبر 2009 من السلطات اللبنانية تبليغ المدعى عليهم اللبنانيين استنابات قضائية لاستجوابهم، الا ان القضاء اللبناني لم يتجاوب مع الطلب. واكد محامي جميل السيد في دمشق فصيح عشي لوكالة فرانس برس الاحد ان قاضي التحقيق "حاول اكثر من مرة تبليغ المدعى عليهم عن طريق السلطات اللبنانية المختصة بالدعوة لاستجوابهم قبل اصدار مذكرات توقيف لكن السلطات اللبنانية امتنعت". واضاف "نظرا لعدم حضور اي من المدعى عليهم للاستجواب، لم يكن امام قاضي التحقيق بعد الانتظار الطويل غير المعتاد سوى اصدار مذكرات توقيف"، معتبرا انه "لا يمكن لاحد ان يعطل سير دعوى قضائية بمثل الموقف الذي اتبعته السلطات اللبنانية المختصة". ورغم تأكيد السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي ان اصدار مذكرات التوقيف "امر قضائي بحت" لا علاقة له بالسياسة، توقفت الاوساط السياسية في لبنان عند توقيت هذه الخطوة، متخوفة من انعكاسها سلبا على العلاقات بين البلدين التي شهدت تحسنا خلال الاشهر الاخيرة. وقال النائب سمير الجسر من تكتل الحريري النيابي في مقابلة اذاعية الاثنين ان "مذكرات التوقيف السورية ليس لها اي اساس قانوني لان الامر يتعلق بجريمة وقعت على الاراضي اللبنانية"، بالاضافة الى ان مقدم الادعاء ومعظم المدعى عليهم لبنانيون. واعتبر انه لا يمكن تصور الامر خارج الاطار السياسي، مضيفا "هذه محاولة للطلب من الحكومة اللبنانية التراجع عن موضوع المحكمة الدولية". وتأتي مذكرات التوقيف وسط تصعيد سياسي داخلي بين فريق الحريري وخصومه وعلى راسهم حزب الله الذي يشن حملة عنيفة على المحكمة الدولية، مشككا بمصداقيتها نتيجة تقارير تتحدث عن احتمال توجيه الاتهام اليه في جريمة اغتيال الحريري، ومطالبا الحكومة اللبنانية بالتحقيق في قضية "شهود الزور". ورأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ابرز حلفاء الحريري، في تصريح الى صحيفة "النهار" ان "التوقف عند الاسماء" التي شملتها مذكرات التوقيف يرسم "امامنا صورة هجوم سوري صاعق على المؤسسات اللبنانية ومجموعة من الشخصيات". وابدى النائب عقاب صقر المنتمي الى تكتل الحريري النيابي، في بيان اسفه "للخطوة المستغربة" من جانب السوريين، معتبرا انها "صادمة للعلاقات المؤسساتية والسياسية المتواصلة والمستمرة بين رئيس الحكومة سعد الحريري والقيادة السورية على طريق بناء الثقة الكاملة بين البلدين". ورأت صحيفة "الاخبار" القريبة من سوريا ان "الهدف الاول لسهام هذه المذكرات ليس سوى ساكن السرايا في وسط بيروت رئيس الحكومة سعد الحريري". ويتهم السيد فريق القاضي الالماني ديتليف ميليس بانه عرض عليه خلال التحقيق معه صفقة للافراج عنه مقابل تبليغه رسالة الى المسؤولين السوريين لتقديم "كبش محرقة" في جريمة اغتيال الحريري مقابل اسقاط الشبهة عنهم. واشارت التقارير الاولى الصادرة عن لجنة التحقيق الدولية الى تورط مسؤولين سوريين ولبنانيين في اغتيال الحريري، الامر الذي نفته سوريا باستمرار.