بدأ الفلسطينيون والاسرائيليون الثلاثاء في مناقشة القضايا الجوهرية للنزاع خلال الجولة الثانية للمفاوضات المباشرة التي افتتحت الثلاثاء في منتجع شرم الشيخ بحضور وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون. ومن المقرر عقد لقاء ثلاثي آخر الاربعاء في القدس، كما اكد الموفد الاميركي الى الشرق الاوسط جورج ميتشل والناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة. وقال ميتشل بعد الاجتماع الذي دام ساعة واربعين دقيقة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو شاركت فيه كلينتون "اليوم بدأت الاطراف مفاوضات جادة حول القضايا الجوهرية". وفي رام الله، قال ابو ردينه "ان اجواء المفاوضات (..) كانت جدية"، مضيفا "انه تم تبادل معمق للمواقف اتجاه كافة قضايا الوضع النهائي"، لكنه اشار الى "انه لا تزال هناك عقبات فعلية بحاجة الى مزيد من اللقاءات والمشاورات وخاصة اصرار الجانب الاسرائيلي على موضوع الاستيطان". وبموجب اتفاقات اوسلو، فان القضايا الخمس لمفاوضات الوضع النهائي للاراضي الفلسطينية المحتلة هي الحدود والمستوطنات والقدس واللاجئين والمياه. واضيف الي هذه القضايا مسألة الضمانات الامنية التي تطالب بها اسرائيل في حال قيام دولة فلسطينية. وقال وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط ي مؤتمر صحفي ان كل القضايا تم طرحها مشيرا الى ان هذه المفاوضات "افتتاحية" بما يسمح لكل طرف ان يثير ما يشاء. وردا على اسئلة الصحفيين، اكد انه في سياق هذه المفاوضات الافتتاحية تمت اثارة مسألتي "يهودية الدولة" الاسرائيلية والاستيطان. وعقد لقاء ثلاثي ثان في مقر اقامة الوفد الاميركي بعد غداء عمل اقامه الرئيس المصري حسني مبارك للوفود الثلاثة. وغادر نتانياهو وعباس شرم الشيخ فور انتهاء هذا الاجتماع الثاني الذي لم تصدر في اعقابه اية تصريحات. وكانت وزيرة الخارجية الاميركية وصلت الى شرم الشيخ فجر الثلاثاء وعقدت اجتماعات منفصلة مع مبارك و نتانياهو وعباس كما التقى الاخيران كل على حده الرئيس المصري. وبدأتت هذه الجولة الثانية من المفاوضات في مناخ متوتر بسبب قضية الاستيطان اذ ترفض اسرائيل تمديد مهلة تجميد الاستيطان التي تنتهي في 26 ايلول/سبتمبر الجاري بينما يهدد الفلسطينيون بوقف المفاوضات اذا ما استأنف المستوطنون البناء في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية. وقبيل وصولها الى شرم الشيخ، جددت وزيرة الخارجية الاميركية الدعوة التي وجهها الرئيس باراك اوباما يوم الجمعة الماضي الى اسرائيل لتمديد تجميد الاستيطان. واعاد ميتشل التأكيد بعد الاجتماع الثلاثي على ان موقف الولاياتالمتحدة ازاء الاستيطان لم يتغير وانها تعتبر "من المنطقي تمديد مهلة" تجميد الاستيطان. وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو استبق الجولة الثانية بتأكيد عزمه على عدم تمديد قرار تجميد الاستيطان. وقال الاحد ان "اسرائيل لن تواصل تجميد الاستيطان ولكنها لن تبني الاف المساكن المخططة". والمح امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه الذي يرافق عباس في شرم الشيخ الى ان الفلسطينيين لن يقبلوا الدخول في اي محادثات حول القضايا الجوهرية قبل الاتفاق على وقف الاستيطان. وقال للصحفيين بعد اجتماع بين الرئيس الفلسطيني ووزيرة الخارجية الاميركية ان "هذه الجولة (من المفاوضات) انما هي لتوفير المناخ الكافي ليبدأ البحث في الامور الجوهرية، وغيرها من القضايا". واضاف "بالنسبة لنا موضوع الاستيطان يشكل عقبة حقيقية امام انطلاق المفاوضات"، غير انه اوضح ان "القيادة الفلسطينية على استعداد للدخول في مفاوضات مكثفة للتفاهم حول القضايا الجوهرية، قضايا الحل النهائي". ويواجه عباس ونتانياهو ضغوطا متعارضة داخلية واميركية. فعلى الصعيد الداخلي هناك مطالب لكل منهما بعدم تقديم تنازلات بينما تلح الادارة الاميركية عليهما لابداء مزيد من المرونة. واعتبرت كلينتون، في تصريحات للصحفيين الذين رافقوها على الطائرة الى شرم الشيخ ان "التوقيت ناضج" لتسوية النزاع الفلسطيني-الاسرائيلي. وقالت ان نتانياهو اوضح ان اسرائيل تواجه تحديات امنية كبيرة بسبب حصول حزب الله وحماس على مزيد من الصواريخ الخطيرة. اما بالنسبة لعباس، فاكدت كلينتون انه يدعو منذ سنوات الى حل على اساس دولتين ويتعين عليه ان يثبت للشعب الفلسطيني ان بامكانه تحقيق هذا الهدف عبر المفاوضات وليس عبر المقاومة المسلحة. وسبقت الجولة الثانية من المفاوضات خلافات حول جدول الاعمال اذ تطالب اسرائيل بأن تبدأ المحادثات بموضوع الضمانات الامنية التي ستحصل عليها في حال قيام دولة فلسطينية وباعتراف السلطة الفلسطينية بها ك"دولة للشعب اليهودي". ويرغب الفلسطينيون في البدء مباشرة بقضية ترسيم حدود الدولة الفلسطينية التي يرون ان من شانها انهاء اي خلافات حول الاستيطان. واكد ابو الغيط الثلاثاء ان الفلسطينيين لا يمانعون في ان تتم مناقشة قضيتي الحدود والترتيبات الامنية في نفس الوقت. واوضح مسؤول اسرائيلي رفيع رافق نتانياهو الى شرم الشيخ ان اسرائيل ترغب في التوصل الى اتفاق في غضون فترة قصيرة اي في اقل من عام ان امكن غير انها تريد ان يستغرق تطبيقة فترة زمنية طويلة. وقالت الصحف الاسرائيلية ان حكومة نتانياهو تريد ان يمتد تطبيق اي اتفاق سلام على مدى عشرات السنين وهي معلومات لم ينفها مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي. وتستهدف المفاوضات المباشرة التي اعيد اطلاقها في الثاني من الشهر الجاري في واشنطن التوصل الى اتفاق-اطار في غضون عام حول اقامة الدولة الفلسطينية. وقال ميتشل ان المفاوضات الثلاثية ستسأنف الاربعاء في القدس وان المفاوضين الاسرائيليين والفلسطينيين سيلتقون "خلال الايام المقبلة لتمهيد الطريق" امام لقاء جديد على مستوى القيادتين. وطالبت فرنسا الثلاثاء بمشاركة اكبر للجنة الرباعية والاتحاد الاوروبي في المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وقال المتحدث باسم الخارجية برنار فاليرو في لقاء صحافي ان "مشاركة اكبر للجنة الرباعية والاتحاد الاوروبي في العملية الجارية سيسهم في تعزيز فرص نجاحها".