القاهرة (رويترز) - من غير المرجح أن يتعافى الجنيه المصري قريبا بشكل كبير من أدنى مستوياته في ثلاث سنوات ونصف نظرا لان شهية المستثمرين للاصول المصرية ربما تفتر بسبب عدم اليقين قبل انتخابات الرئاسة المقررة في 2011 كما قد يفضل البنك المركزي المصري أن يكون الجنيه ضعيفا. وشهد الجنيه المصري سلسلة انخفاضات مقابل الدولار في الاسبوعين الماضيين فيما يرجع جزئيا الى صعود العملة الامريكية عالميا حيث يدفع ضعف الاقتصاد الامريكي المستثمرين الى اللجوء الى أذون الخزانة الامريكية كملاذ امن. وهبط الجنيه يوم الخميس الى 5.7056 جنيه للدولار بعدما لامس 5.7057 يوم الثلاثاء مسجلا أدنى مستوى منذ يناير كانون الثاني 2007. ويقول بعض المحللين ان الجنيه مقوم بأقل من قيمته بشكل غير عادل نظرا لان النمو الاقتصادي يتحسن كما أن التدفقات النقدية من الخارج تنتعش في الوقت الذي قد يبدأ فيه البنك المركزي الميل نحو رفع أسعار الفائدة أواخر هذا العام مع تزايد مخاطر التضخم. وأشارت احصاءات سنوية نشرها البنك المركزي يوم الاثنين الى أن فائض ميزان المدفوعات في الربع من ابريل نيسان حتى يونيو حزيران بلغ 249.7 مليون دولار مقارنة مع عجز بلغ 1.04 مليار دولار في الربع المقابل من العام الماضي. وسجل صافي استثمارات المحافظ لا سيما شراء الاسهم وأذون وسندات الخزانة فائضا بلغ 768.1 مليون دولار مقارنة مع عجز بلغ 154.9 مليون دولار. ويقول خبراء اقتصاديون ان تسارع النمو عزز الاحتمالات بالنسبة لعائدات الدولة مما ساهم في خفض عائد سندات الخزانة المصرية. وبلغ عجز القطاع العام 8.3 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام الماضي وتتوقع السوق أن يظل مستقرا أو ينخفض قليلا في العام المالي حتى 30 يونيو حزيران حتى على الرغم من أن ارتفاع أسعار القمح يزيد تكلفة الدعم الحكومي للواردات. واستقر التضخم السنوي لاسعار المستهلكين في المدن في مصر عند 10.7 في المئة في 12 شهرا حتى يوليو تموز لكنه بلغ 2.3 في المئة على أساس شهري مسجلا أعلى مستوى منذ اغسطس اب 2008 وارتفاعا من زيادة 0.7 في المئة في يونيو حزيران. وكانت أغلب الزيادة بسبب اقتراب شهر رمضان وفرض ضرائب مبيعات على التبغ لكن نظرا للضغوط على تضخم أسعار الغذاء يعتقد بعض المحللين أن من الممكن رفع سعر الفائدة قرب نهاية العام الحالي. وقال محمد أبو باشا المحلل الاقتصادي لدى المجموعة المالية هيرميس "لا يوجد مبرر محدد لضعف الجنيه ويأمل المستثمرون بوجه عام أن كل تلك القوى الى جانب الارتفاع في التضخم حديثا قد يؤدي الى ارتفاع قيمة الجنيه قليلا في الفترة المتبقية من العام." غير أن هناك عوامل أخرى أقل ايجابية بالنسبة للجنيه. فالمستقبل السياسي لمصر أقل وضوحا بعد ثلاثة عقود من الاستقرار في ظل حكم الرئيس حسني مبارك (82 عاما) الذي لم يقل ما اذا كان سيخوض الانتخابات لفترة جديدة من ست سنوات في الانتخابات الرئاسية المقررة في العام القادم. ويعتقد كثير من المصريين أن نجله جمال (46 عاما) سيحل محله ويواصل سياسة تحرير الاقتصاد مع السيطرة القوية للدولة على المجتمع والسياسة. ونفى الاب والابن أي خطط للخلافة وينظر كثير من المستثمرين الى انتقال السلطة في نهاية المطاف على أنه يشكل مخاطر سياسية كبيرة في الاجل الطويل. وحتى الان لا يوجد مؤشر يذكر على هروب كبير لرأس المال من مصر بسبب هذه المخاطر. ويحتمل أن يؤدي هروب رأس المال الى ارتفاع عوائد أذون الخزانة لكن متوسط عائد أذون الخزانة لاجل 91 يوما بلغ 9.637 في المئة في مزاد عقد يوم الاحد انخفاضا من 10.27 في المئة في منتصف يونيو. لكن سياسة البنك المركزي المصري قد تؤثر أيضا على الجنيه. ويعتقد كثير من المحللين أن البنك يريد تنشيط الصادرات ويركز على زيادة الاحتياطيات بالعملة الاجنبية لضمان امتلاك القوة المالية للدفاع عن العملة عند الضرورة قبل انتخابات الرئاسة المقررة العام القادم. وارتفع صافي احتياطيات البنك المركزي من العملة الاجنبية الى 35.3 مليار دولار في يوليو من 32.9 مليار في الفترة نفسها قبل عام. ووفقا لاحصاءات بي.ان.بي باريبا فقد جمع البنك أكثر من أربعة مليارات دولار من عملات أجنبية أخرى بحلول يونيو. وقال شاهين فالي مدير استراتيجية الصرف الاجنبي بالاسواق الصاعدة لدى بي.ان.بي باريبا "ما يحدث هو اما محاولة متعمدة لاضعاف الجنيه أو لتعزيز الاحتياطيات للحماية ... في حالة حدوث تدفق للاموال الى الخارج مع اقتراب انتخابات الرئاسة في 2011." وانخفاض الجنيه عن المستوى النفسي الهام 5.70 جنيه مقابل الدولار يشير لكثير من المتعاملين الى أن البنك المركزي يفتقر الى الرغبة في أن تكون العملة أقوى. وقال فالي "ربما يتدخلون من أجل بعض الانخفاض في القيمة من أجل المنافسة... كان الناس يعتقدون أن مستوى 5.70 جنيه هو الحد بالنسبة لهم .. لكن لا يبدو أن هذا ما حدث." ويقول متعاملون ان البنك المركزي يتدخل دائما بشكل غير مباشر لابقاء الجنيه عند مستوى مفضل من خلال بنك قناة السويس الذي يتلقى عائدات بالدولار من هيئة قناة السويس والبنك العربي الافريقي الدولي. ولا يعلق البنك المركزي بشأن تلك التدخلات. الا أن فالي واخرين قالوا انهم سيفاجأون اذا تراجع الجنيه الى 5.82 مقابل الدولار وهو المستوى الذي لامسه اخر مرة في مطلع 2005 عندما كانت العملة تتعافى من انخفاض أعقب استحداث نظام التعويم الحر للعملة. وقال محللون ان البنك ربما يتوقع أن يحصل الجنيه على دعم من تحسن التوقعات الاقتصادية لمصر ولذلك فربما يبقي العملة منخفضة حاليا لمنع تطور توجه صعودي قوي وليس من أجل خلق توجه نزولي. (شارك في التغطية باتريك ور)