بغداد (رويترز) - ينهي الجيش الامريكي رسميا عملياته القتالية في العراق يوم الثلاثاء منهيا ما يأمل ان تكون الفصول الاكثر دموية والافدح ثمنا في الحرب التي شنها الرئيس الامريكي السابق جورج بوش قبل سبع سنوات ونصف السنة. وتسمح هذه العلامة الفارقة في تاريخ الحرب بخفض اعداد القوات الامريكية الى ما دون 50 الف جندي للرئيس باراك اوباما بالوفاء بتعهده بالبدء في انهاء الحرب التي لا تحظى بتأييد كبير بينما يسعى اعضاء حزبه الديمقراطي الى الاحتفاظ بسيطرتهم على الكونجرس في انتخابات التجديد النصفي التي تجري في نوفمبر تشرين الثاني. وفيما يلي بعض الاسئلة والاجوبة بشأن وضع العراق مع رحيل القوات الامريكية: ما مدى استقرار العراق الان ؟ العراق في حالة غير مستقرة مع شروعه في رسم مساره بنفسه قبل الانسحاب الامريكي الكامل بحلول نهاية 2011 . فالفصائل العراقية التي قسمتها سنوات من اراقة الدماء بين الاغلبية الشيعية والاقلية السنية لم تتفق بعد على تشكيل حكومة جديدة بعد قرابة ستة اشهر من انتخابات غير حاسمة. ويواصل المسلحون المرتبطون بالقاعدة شن هجمات متواترة ناشرين جوا من المخاطر وزارعين بذور الشك بشأن الديمقراطية المنقوصة التي اسبغها الغزاة الامريكيون على العراق. وتبدأ شركات النفط الدولية العمل في مشروعات نفطية واسعة النطاق قد تحول العراق الى دولة غنية. لكن بعيدا عن قطاع النفط لا يزال الاقتصاد العراقي الان في حالة احتضار ولا تزال الجدران المرتفعة الواقية من التفجيرات قائمة في كثير من الشوارع التي يتناثر فيها الحطام بينما تعاني اغلب الاسر من حر العراق القائظ في ظل انقطاع الكهرباء المستمر باستثناء ساعات قليلة في اليوم. كما ان مصير مدينة كركوك المتنازع عليها لم يحسم بعد خاصة وانها قد تشعل حربا بين العرب والاكراد اللذين يطالب كل منهما بأحقيته فيها. هل الانسحاب الامريكي سابق لاوانه؟ لا يمكن للقوى الخارجية ان تفرض السلام في العراق على المدى الطويل. اذ ينبغي ان ينبع من تسوية الخلافات بين فصائله. وفي مرحلة ما ينبغي ان تقوم العلاقات الامريكية مع العراق على الدبلوماسية والاقتصاد بدلا من الوجود المادي لعشرات الالاف من الجنود الامريكيين المدججين بالسلاح. لكن يخشى كثيرون من ان يكون خفض عدد القوات الامريكية سابق لاوانه بالنظر الى المخاطر التي تحيق باستقرار وامن العراق. ومع انسحاب واشنطن قد تنشأ مظالم وشكاوى بين الشيعة والسنة مرة اخرى وربما يشعل الصراع على السلطة عنفا اوسع نطاقا رغم ان العودة الى الحرب الطائفية الشاملة التي اندلعت عامي 2006 و2007 امر غير مرجح. وفي كثير من الاحيان لم يحل دون وقوع اشتباكات بين الجيش العراقي الذي يقوده العرب وقوات البشمركة الكردية سوى التدخل الامريكي. وتزداد المخاطر عندما يقل عدد القوات الامريكية. وربما تعيد خيبة الامل السياسية العراق مرة اخرى الى طريق سلكه كثيرون في تاريخه وكذلك في اغلب العالم العربي وهو طريق الانقلابات العسكرية وانظمة الحكم الدكتاتورية. لكن محللين يقولون ان السبيل الوحيد كي تتوصل الطوائف المتحاربة في العراق الى كلمة سواء هو ان تضظر الى التعامل مباشرة مع بعضها بعضا بدون قيام الولاياتالمتحدة بدور الحكم او كطرف له مصلحة. فعلى سبيل المثال احتضن الوجود الامريكي الطموحات المتعلقة بالارض للاقلية الكردية التي قمعها الرئيس الراحل صدام حسين طويلا. وبدون ذلك ربما كان الاكراد سيتبنون مواقف اكثر عملية بشأن المناطق التي يعتبرونها تابعة لهم تاريخيا والتي يريدون ضمها الى اقليمهم الشمالي شبه المستقل. ومن ناحية اخرى ربما تصبح الاغلبية الشيعية اكثر تفهما لمخاوف السنة حين تغادر القوات الامريكية التي لن يعول عليها بعد ذلك في السيطرة على اي رد فعل عنيف من جانب السنة. وقال جوان كول استاذ تاريخ الشرق الاوسط بجامعة ميشيجان " بدون الولاياتالمتحدة ربما تكون الفصائل العراقية اكثر استعدادا لتقديم تنازلات صعبة لانها ستكون اكثر خوفا من رد الفعل العنيف اذا لم تفعل." هل تستيطع قوات الامن العراقية هزيمة التمرد؟ لقد فشلت القوات العراقية في منع التفجيرات الانتحارية للمسلحين السنة او الهجمات بقذائف المورتر التي كانت تشنها الميليشيات الشيعية المدعومة من ايران حتى عندما كان الجيش الامريكي في اوج قوته في العراق مع وجود نحو 170 الف جندي مدججين بالسلاح. لا يمكن توقع ان ينجح الجيش العراقي المشكل حديثا فيما فشل فيه الجيش الامريكي. غير ان التمرد بات مجرد شبح لما كان عليه من قبل. فبعد ان طردت الجماعات التابعة للقاعدة في العراق من اغلب معاقلها عندما انقلب شيوخ القبائل السنية عليها عامي 2006 و2007 فقدت تلك الجماعات ايضا العديد من قادتها هذا العام وكذلك الكثير من الدعم الشعبي. وبرغم قدرة هذه الجماعات على شن هجمات مدمرة تثير القلق فانها تفتقر الى القوة للاطاحة بالنظام السياسي. ومهما يكن من امر فان الخمسين الف جندي امريكي الباقين لستة عشر شهرا اخرى يشكلون قوة دعم هائلة يمكن ان تعود سريعا الى القتال اذا لزم الامر. وما لا تستيطع قوة الشرطة والجيش العراقيين البالغة 660 الف جندي فعله في الوقت الحالي هو الدفاع عن الحدود ضد اي اعتداء خارجي. فالعراق لم يتسلم سوى عشرة من 140 دبابة ابرامز ام1ايه1 كان قد طلبها من الولاياتالمتحدة ولن يحصل على اولى طائرات اف-16 المقاتلة التي يأمل ان يشتريها الا عام 2013 على اقرب تقدير اي بعد عامين من انسحاب اخر جندي امريكي. وكتب ديفيد بندر وجريج بريدي المحللان بمجموعة اوراسيا جروب في تقرير حديث ان الاخطار التي تواجه العراق بعد انتهاء العمليات القتالية الامريكية ربما تكون مبالغا فيها. وأضافا "السؤال الاكبر هو ماذا سيحدث في نهاية 2011 حين تنسحب جميع القوات الامريكية من العراق." ما هي القضايا الساخنة التي تجدر متابعتها؟ السؤال الرئيسي الان هو من سيصبح رئيسا للوزراء. هل سيحصل ائتلاف متعدد الطوائف دعمه الناخبون السنة بشدة في انتخابات السابع من مارس اذار على ما يشعر انه نصيبه العادل من السلطة او ستستبعده التكتلات الكبرى التي يقودها الشيعة.. هل سيكون رئيس الوزراء المقبل قويا او سيقلص التوصل الى اتفاق بين الفصائل سلطته التنفيذية لدرجة لا يستطيع معها احتواء ميليشيا ذات نفوذ سياسي.. وستمثل مدينة الموصل العنيفة في شمال العراق واخر معقل حضري للقاعدة اختبارا للشرطة والجيش العراقيين وستكون كيفية تعامل السلطات مع رجال الميليشيات السنية الذين انقلبوا على القاعدة من العوامل المهمة في اي مصالحة. وعلى الامد الطويل لن تكون العلاقات بين العراق والاكراد حاسمة بالنسبة للسلام فحسب بل للاستقرار ايضا. وربما يوجد بالمنطقة الكردية ربع احتياطيات العراق من النفط.