شهد العراق الاحد موجة هجمات انتحارية استهدفت مدرسة ومركزا للشرطة في شمال البلاد حيث قتل 15 شخصا، وزوارا شيعة في بغداد قتل منهم تسعة، في حلقة جديدة من مسلسل العنف الطائفي المتنقل. وجاءت هذه الهجمات بعد ساعات قليلة من مقتل 49 زائرا شيعيا عندما فجر انتحاري نفسه بين مجموعة من الزوار كانوا يتوجهون مساء السبت نحو مرقد الامام محمد الجواد في شمال بغداد عشية ذكرى وفاته. وتشكل هذه الهجمات امتدادا لمسلسل العنف الطائفي المتصاعد بين السنة والشيعة، في بلاد عاشت بين عامي 2006 و2008 نزاعا طائفيا داميا بين الجانبين قتل فيه الالاف وشهد موجة تهجير داخلي كبيرة. ويشهد العراق منذ شهر نيسان/ابريل الماضي تصاعدا في اعمال العنف بشكل عام، وقد قتل في اول اسبوع من الشهر الحالي نحو 150 شخصا واكثر من 4550 منذ بداية العام بحسب حصيلة اعدتها وكالة فرانس برس استنادا الى مصادر رسمية. وقد عادت الى العراق مؤخرا اسماء تنظيمات مسلحة سنية وشيعية غابت عن مسامع العراقيين منذ الانسحاب العسكري الاميركي نهاية العام الماضي، وعلى راسها تنظيم "دولة العراق الاسلامية"، الفرع العراقي لتنظيم القاعدة الذي غير اسمه الى "الدولة الاسلامية في العراق والشام". وفيما لم تتبن اي جهة هجمات السبت والاحد حتى الآن، قال رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي في بيان ان "هذه الاعتداءات غير الاخلاقية التي تستهدف الاطفال في المدارس كما حدث في تلعفر وزوار الاماكن المقدسة في بغداد انما هي استهداف للشعب بكل طوائفه". واضاف ان "ما يجري في العراق هو حرب حقيقية استخدم الضالون فيها كل اساليب القتل والابادة والترويع، من غير ان يردعهم وازع ديني او اخلاقي او انساني، وهم مصرون على جر العراق الى اتون حرب دموية من خلال اثارة الفتنة القومية والمذهبية وبث الفرقة والشحناء بين مكوناته". وطالب النجيفي "الحكومة واجهزتها الامنية بضرورة ايلاء حماية الشعب اهمية قصوى، واخذ الامور على محمل الجد وعدم الاختباء خلف ستار الصمت وكأن الامر لا يعنيهم، فالاحداث باتت خطيرة ومتعددة الجوانب في حين ان امكانيات الاجهزة الامنية لم ترتق الى الحد الذي يمكنها من مواجهة هذه الاخطار". من جهته، دعا الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف في بيان "القيادات السياسية والدينية وقيادات المجتمع المدني الى العمل مع القوات الامنية واتخاذ اجراءات مشتركة لوضع حد لاعمال العنف وسفك الدماء التي تصاعدت وتيرتها". وفي تفاصيل هجمات اليوم، قال ضابط برتبة عقيد في وزارة الداخلية لفرانس برس ان "تسعة اشخاص على الاقل قتلوا واصيب 20 اخرون بجروح في هجوم انتحاري استهدف مدنيين قرب الاعظمية في شمال بغداد". واكد مصدر طبي رسمي حصيلة القتلى، مشيرا الى ان الضحايا هم من الزوار الشيعة الذين كانوا يتوجهون نحو مدينة الكاظمية حيث مرقد الامامين موسى الكاظم ومحمد الجواد، وذلك لاحياء ذكرى وفاة الامام الجواد، تاسع ائمة الشيعة الاثني عشرية. وفي وقت سابق، هاجم انتحاريان مدرسة ابتدائية ومركزا للشرطة في قضاء تلعفر في محافظة نينوى شمال العراق. وقال قائمقام تلعفر (380 كلم شمال بغداد) عبد العال عباس لفرانس برس ان "انتحاريين يقودان سيارتين مفخختين فجرا نفسيهما بفارق زمني ضئيل عند مركز للشرطة ومدرسة ابتدائية في قرية القبك". واضاف ان الهجوم "اسفر عن مقتل عشرة اطفال وخمسة من عناصر الشرطة واصابة 44 اخرين". ويسكن تلعفر الواقعة على بعد حوالى 50 كلم من الحدود العراقية مع سوريا غالبية من التركمان الشيعة، وقد تعرضت هذه المدينة لهجمات دامية مماثلة بصورة متكررة على مدار السنوات الماضية. وذكر عباس ان "الانتحاري الاول اقتحم مركز الشرطة في قرية القبك، وبعد مرور دقائق، اقتحم انتحاري يقود شاحنة كبيرة مدرسة ابتدائية مجاورة للمركز وفجر نفسه". واكد ان "عشرات الاطفال لا يزالون تحت انقاض السقوف التي انهارت بالكامل عليهم"، مشيرا الى ان "جميع الاجهزة الامنية في حالة استنفار لاننا نشهد ابشع جريمة تمر على العراق". وفي هجمات اخرى الاحد، خطف مسلحون مجهولون مقدما في الجيش العراقي وثلاثة من اقربائه من منزله في قرية البو عجيل شمال مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد) معقل الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وبحسب مصدر في شرطة المدينة، فان "المسلحين كانوا يرتدون زي الشرطة وقاموا بسرقة الاموال ومصوغات ذهبية داخل منزل المقدم احمد بدر العجيلي". الى ذلك، نجا مدير ناحية بلدة سليمان بيك طالب البياتي من محاولة اغتيال بعبوة ناسفة استهدفت موكبه شرق المدينة الواقعة ضمن محافظة صلاح الدين شمال بغداد، بحسب مصادر امنية.