امرت النيابة العامة في مصر الثلاثاء بحبس المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين محمد بديع 15 يوما بتهمة التحريض على العنف وقتل المتظاهرين، فيما يستعد القضاء للنظر غدا الاربعاء في تظلم قدمه الرئيس الاسبق حسني مبارك لاطلاق سراحه. وتلقت جماعة الاخوان اليوم ضربة قوية باعتقال مرشدها العام محمد بديع في الوقت الذي تخوض فيه الجماعة مواجهة دامية مع السلطة المؤقتة قتل فيها منذ الاربعاء الماضي نحو 900 شخص في مناطق متفرقة من البلاد. وقال مصدر امني لوكالة فرانس برس ان الاجهزة الامنية القت القبض على بديع "برفقة قياديين في الجماعة وستة من حراسه ومساعديه في شقة سكنية في شارع الطيران قرب منطقة رابعة العدوية"، حيث اعتصم انصار جماعة الاخوان المسلمين لاكثر من شهر. واضاف المصدر الامني انه جرى "اقتياد بديع ومرافقيه الي احد الاجهزة الامنية تمهيدا للتحقيق معهم"، قبل ان يؤكد انه "جرى ترحيله الى سجن طرة"، موضحا ان بديع اتخذ من تلك الشقة ملاذا له طوال فترة الاعتصام الذي استمر نحو 50 يوما قبل ان تفضه قوات الامن بالقوة الاربعاء الماضي. واظهرت لقطات تلفزيونية بثتها قنوات فضائية مصرية، بديع، استاذ الطب البيطري الذي اختير في كانون الثاني/يناير 2010 لمنصب المرشد العام الثامن لجماعة الاخوان المسلمين التي اسست في العام 1929، مرتديا جلبابا وهو يجلس على اريكة سوداء في مكان غير معلوم. وفي وقت لاحق، اعلنت جماعة الاخوان المسلمين التي اعتقل على مدى الاسابيع الماضية العديد من ابرز قياداتها، تسلم نائب المرشد العام للجماعة محمود عزت منصب المرشد بشكل مؤقت مكان بديع. واحيل بديع (70 عاما) ونائبيه خيرت الشاطر ورشاد البيومي الى محكمة الجنايات بتهمة التحريض على قتل ثمانية متظاهرين سلميين امام مقر مكتب ارشاد جماعة الاخوان المسلمين في نهاية حزيران/يونيو الماضي، على ان تبدا محاكمتهم يوم الاحد المقبل في 25 اب/اغسطس. وبعد ساعات من القبض عليه، امرت النيابة العامة في مصر بحبس بديع لمدة 15 يوما على ذمة التحقيقات في الاتهامات الموجهة اليه. وجاء اعتقال بديع بعد يوم من توجيه النيابة العامة اتهامات الى الرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي بالاشتراك في "قتل والشروع في قتل" متظاهرين امام القصر الرئاسي نهاية العام الماضي، على ان يسجن مرسي "لمدة 15 يوما احتياطيا على ذمة التحقيقات التي تجري معه بمعرفة النيابة". ويعد القبض على بديع، المرشد العام الثامن للاخوان، الاول من نوعه منذ اعتقال المرشد العام الثالث عمر التلمساني، الذي اوقف من ضمن نحو 1500 شخص من سياسيين ومفكرين ورجال دين في ايلول/سبتمبر 1981 فيما عرف باسم "اعتقالات سبتمبر". وسيتواجد بديع في السجن ذاته حيث ينتظر مبارك جلسة محاكمة جديدة يوم الاحد المقبل ايضا، بعدما قررت محكمة مصرية الاثنين اخلاء سبيله في قضية فساد ليبقى محبوسا على ذمة قضية واحدة فقط. وفي هذا السياق، تنظر نيابة الأموال العامة العليا غدا الاربعاء في التظلم المقدم من فريد الديب، محامى مبارك، فى أمر حبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات فى قضية "هدايا الأهرام" وهي القضية الوحيدة التي يستمر مبارك محبوسا على ذمتها. وقال مصدر قضائي لفرانس برس انه "يجوز للنيابة العامة في بعض القضايا ان يتصالح مع بعض المتهمين"، مضيفا انه "في قضية الاهرام فانه منذ المتهم الاول في القضية وحتى مبارك قررت النيابة التصالح سواء برد الهدايا او برد قيمتها". وكانت النيابة العامة في مصر وافقت في كانون الثاني/يناير الفائت على ان تسدد اسرة مبارك قيمة الهدايا التي تلقتها في قضية "هدايا الاهرام" وذلك للتصالح. وتصالح 10 من رموز نظام مبارك في القضية نفسها بسداد قيمة الهدايا في كانون الثاني/يناير الماضي. وتشهد البلاد منذ فض الاعتصامين المؤيدين لمرسي في رابعة العدوية حيث اعقتل بديع، والنهضة، اعمال عنف متواصلة تشمل مواجهات بين قوات الامن وانصار جماعة الاخوان المسلمين، قتل فيها نحو 900 شخص في اقل من اسبوع. وقد دفعت عملية الاربعاء الحكومة الى اعلان حالة الطوارىء لمدة شهر وفرض حظر التجول في 14 محافظة مصرية بينها القاهرة والاسكندرية من الساعة 19,00 الى الساعة 6,00 بالتوقيت المحلي. وبدات القاهرة اليوم وكانها تستعيد مزيدا من نمطها الطبيعي اليومي، حيث ازدحمت معظم شوارعها بالسيارات والمارة، وفتحت غالبية المحال والمؤسسات ابوابها، كما قلت اعداد اليات الجيش في الطرقات واعيد فتح طريق ميدان التحرير من جهة جسر قصر النيل. ونظمت مسيرات محدودة الثلاثاء دعما للرئيس الاسلامي المعزول في القاهرة وعدة محافظات اخرى. وقال عمرو عادل القيادي في حزب الوسط المندرج تحت لواء الائتلاف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب المناصر لجماعة الاخوان المسلمين ان "الاعداد المحدودة للمتظاهرين تعود الى القمع المجنون للسلطات للمسيرات السلمية لمعارض الانقلاب العسكري". وكانت قوات الامن المصرية تعرضت الاثنين الى واحدة من اسوء الهجمات التي تستهدفها منذ سنوات في سيناء المضطربة، اذ قتل 25 من عناصر الشرطة في هجوم في العريش. ووقع الهجوم الدامي على عناصر الشرطة في سيناء بعد مقتل 36 "من العناصر الاخوانية" خلال محاولة تهريب 612 سجينا على الطريق المؤدي الى سجن ابو زعبل شمال القاهرة مساء الاحد، بحسب وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية. وفي مدينة دمنهور شمال البلاد، قتل صحافي واصيب اخر "عن طريق الخطا" اثر اطلاق الجيش النار عليهما بعدما تحركت سيارتهما بسرعة عالية قرب نقطة تفتيش للجيش اثناء فرض حظر التجوال، حسبما قال بيان للجيش المصري مساء الاثنين. والصحافي الذي قتل هو تامر عبد الرؤوف مدير مكتب الاهرام في دمنهور. اما الجريح فهو حامد البربري الذي يعمل في صحيفة الجمهورية. من جهة اخرى، اعلنت رئاسة الجمهورية اليوم انها انجزت المرحلة الاولى من "الاستحقاق الدستوري" حيث اتمت لجنة الخبراء "مهمتها بالانتهاء من التعديلات المقترحة على دستور 2012 المعطل". وعلى صعيد ردود الفعل الدولية اعتبر رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ان اسرائيل تقف وراء عزل الجيش لمرسي، في موقف اكدت رئاسة الوزراء المصرية ان "لا اساس له من الصحة" وانه يهدف الى "ضرب وحدة المصريين" وانتقد البيت الابيض ايضا مساء اليوم مزاعم رئيس الوزراء التركي. وقال المتحدث باسم البيت الابيض جون ايرنست ان تصريحات اردوغان "مسيئة ولا اساس لها وخاطئة". كما انتقدت واشنطن اعتقال المرشد العام لجماعة الاخوان. وقال ايرنست ان اعتقال محمد بديع هو "الخطوة الاحدث في سلسلة الخطوات التي تقوم بها الحكومة المصرية والتي لا تعكس التزامها بعملية سياسية جامعة".