أبدى الرئيس السوري بشار الاسد الذي حققت قواته النظامية اختراقات ميدانية في الشهرين الماضيين في مواجهة المقاتلين المعارضين، "ثقته بالنصر" في النزاع الدامي المستمر في البلاد منذ اكثر من عامين. وقال الاسد "لو لم نكن في سوريا واثقين بالنصر لما امتلكنا القدرة على الصمود ولما كانت لدينا القدرة على الاستمرار بعد عامين على العدوان"، وذلك في كلمة موجهة الى القوات المسلحة نشرتها وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا). وتأتي تصريحات الرئيس السوري بعد اربعة ايام من استعادة القوات النظامية السيطرة على حي الخالدية المحوري في مدينة حمص (وسط) التي يعدها الناشطون المعارضون "عاصمة الثورة"، في اشارة الى الاحتجاجات التي اندلعت ضد النظام منتصف آذار/مارس 2011. كما تأتي بعد نحو شهرين من سيطرة القوات النظامية ذات الترسانة العسكرية الضخمة المتضمنة سلاحا جويا، والمدعومة من حزب الله اللبناني، على منطقة القصير الاستراتيجية في ريف حمص، بعدما بقيت في ايدي المعارضة لاكثر من عام. واضاف الاسد متوجها الى الجنود في العيد الثامن والستين للجيش السوري "ثقتي بكم كبيرة وايماني راسخ بقدرتكم (...) على الاضطلاع بالمهام الوطنية الملقاة على عاتقكم". وتابع "اظهرتم وما تزالون شجاعة نادرة في مواجهة الارهاب واذهلتم العالم اجمع بصمودكم وقدرتكم على تحقيق الانجازات (...) في مواجهة اشرس حرب همجية شهدها التاريخ الحديث". وتشهد سوريا منذ اكثر من عامين احتجاجات معارضة للنظام تحولت الى نزاع دام بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة الذين تصنفهم دمشق ب "الارهابيين"، وتتهم دول عربية وغربية بتوفير دعم مالي ولوجستي لهم. في المقابل، يحظى النظام بدعم سياسي وعسكري واقتصادي من حلفاء ابرزهم روسيا وايران وحزب الله الشيعي. وادى النزاع الى مقتل اكثر من 100 الف شخص، بحسب الاممالمتحدة. وعزز النظام في الفترة الماضية مواقعه في حمص التي تشكل صلة وصل اساسية بين دمشق والساحل السوري حيث ثقل الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الاسد، في مقابل تقدم مقاتلي المعارضة في محافظة حلب (شمال). وتأتي هذه التطورات الميدانية وسط جهود لعقد مؤتمر دولي بمشاركة النظام والمعارضة سعيا للتوصل الى حل للنزاع. الا ان هذه الجهود التي تقودها موسكو وواشنطن، لم تثمر بعد تحديدا لموعد للمؤتمر. ويرجح محللون ان تكون هذه التقدمات الميدانية من الطرفين محاولة لتحديد مناطق النفوذ قبل الذهاب الى المؤتمر الذي يعرف ب "جنيف 2". ميدانيا، وبعد السيطرة على الخالدية، تحاول القوات النظامية استعادة المعاقل المتبقية لمقاتلي المعارضة في مدينة حمص. واليوم، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن قصف عنيف يطاول احياء حمص القديمة حيث قتل مدنيان احدهما طفل، بينما تدور اشتباكات على اطرافها. كذلك، تعرض حي الوعر المجاور لقصف من القوات النظامية التي تشتبك، مدعومة من قوات الدفاع الوطني الموالية لها، مع مقاتلي المعارضة الذين يسيطرون على الحي، بحسب المرصد. وبث ناشطون شريطا مصورا يظهر اعمال القصف وتصاعد الدخان جراء سقوط القذائف على اجزاء عدة من الحي. كما افاد المرصد عن تعرض مناطق سيطرة المقاتلين في ريف حمص للقصف، لا سيما الرستن وتلبيسة والدار الكبيرة والحولة. كذلك واصلت القوات النظامية حملاتها العسكرية في محيط دمشق ومحافظة إدلب (شمال غرب)، حيث تعرضت مناطق عدة للقصف بالبراميل المتفجرة الملقاة من سلاح الطيران، بحسب المرصد. وفي محافظة حلب (شمال)، تحاول القوات النظامية استعادة مناطق من مقاتلي المعارضة. وافاد المرصد ان هذه القوات "سيطرت على بلدة الرشادية" الواقعة الى الشرق من حلب، كبرى مدن شمال سوريا، وذلك بعد "اقتحامها بعدد من السيارات والآليات العسكرية وقيامها بإحراق بعض المنازل". ويأتي ذلك بعد نحو عشرة ايام من سيطرة المقاتلين على بلدة خان العسل، أبرز المعاقل المتبقية للنظام في ريف حلب الغربي. وتبادل النظام ومقاتلو المعارضة الاتهامات باستخدام السلاح الكيميائي في استهداف هذه البلدة في 19 آذار/مارس الماضي، ما ادى الى مقتل اكثر من 30 شخصا، بحسب المرصد. واعلنت الاممالمتحدة الاربعاء ان مفتشيها سيتوجهون الى سوريا لمعاينة ثلاثة مواقع يعتقد ان اسلحة كيميائية استخدمت فيها. وقال المتحدث باسم المنظمة مارتن نسيركي "ستتوجه البعثة الى سوريا في اقرب وقت ممكن للتحقيق بشكل متزامن في ثلاثة حوادث تم الابلاغ عنها، وذلك بعد ايام من اعلان التوصل الى اتفاق بين دمشقوالاممالمتحدة حول التحقيق في استخدام هذا النوع من الاسلحة في النزاع. واتى هذا الاتفاق بعد زيارة قام بها الى دمشق اكي سيلستروم رئيس بعثة الاممالمتحدة المكلفة التحقيق حول مزاعم استخدام اسلحة كيميائية في سوريا، وانجيلا كاين الممثلة العليا للامم المتحدة لشؤون نزع السلاح. واوضح دبلوماسي ان المحققين هم في صدد تجميع انفسهم في اوروبا مع امكان ان يتوجهوا الى سوريا اعتبارا من الاسبوع المقبل. وسيتركز التحقيق في مرحلة اولى على ثلاثة مواقع هي خان العسل وبلدة الطيبة في ريف دمشق حيث رصد هجوم بسلاح كيميائي في آذار/مارس، وحمص حيث يشتبه بوقوع هجوم في 23 كانون الاول/ديسمبر الفائت.