يتكثف الاهتمام الدبلوماسي الدولي، الغربي خصوصا، بالوضع في مصر ويستعد عدد من المسؤولين الغربيين للتوجه الى القاهرة في مسعى لتحقيق الاختراق الذي فشلت في تحقيقه وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون بين سلطات "ثورة 30 يونيو" والاسلاميين الذين اطيح بهم من السلطة. واعلن أحمد المسلماني المستشار الإعلامي للرئيس المصري عدلي منصور ان هذا الاخير تلقى اتصالا هاتفياً مساء الثلاثاء، من الامين العام للامم المُتحدة بان كي مون "تناول فيه معالم المرحلة الانتقالية ومسار المصالحة الوطنية، والجدول الزمني لخارطة الطريق". وهو اول اتصال من الامين العام للامم المتحدة بالرئيس الانتقالي الجديد في مصر. من جهة اخرى وبعد زيارة من ثلاثة ايام لاشتون لم تسجل اختراقا، اعلن الاوروبيون استمرار مساعيهم وارسال مسؤول رفيع المستوى لمهمة طويلة الامد واعلنت برلين زيارة لوزير خارجيتها مساء الاربعاء للقاهرة وواشنطن زيارة نائبين بارزين الاسبوع القادم. ويترجم كل هذا الاهتمام ثقل مصر الكبير اقليميا ودوليا وايضا قيمة الرهانات السياسية القائمة فيها حاليا، وحرص القوى الغربية على تسوية الصراع السياسي الدامي احيانا بين حليفين واستباق اي انفلات قد يؤدي الى ما لا تحمد عقباه. وفي هذا السياق يزور اثنان من اعضاء مجلس الشيوخ الاميركي مصر الاسبوع المقبل بطلب من الرئيس باراك اوباما لحث النظام على تنظيم انتخابات، وفق ما صرح احدهم الاربعاء لقناة تلفزيونية اميركية. ويتوجه السناتوران جان ماكين وليندسي غراهام، العضوان النافذان في المعارضة الجمهورية الى القاهرة بعد زيارة وزيرة الخارجية الاوروبية كاثرين آشتون. وقال ليندسي غراهام لقناة سي بي اس ان "الرئيس طلب من السناتور ماكين ومني انا شخصيا الذهاب الى مصر الاسبوع المقبل وها نحن نستعد للتوجه الى هناك". واضاف ان "المهمة تتمثل في الالحاح بشكل توافقي على ضرورة التوجه الى حكم المدنيين". وتابع "يجب على العسكريين ان يسمحوا بتنظيم انتخابات جديدة في البلاد والمضي نحو مقاربة ديموقراطية شاملة". واوضح غراهام الذي سينقل هذه الرسالة مع ماكين المرشح السابق الى الانتخابات الرئاسية في 2008، "لقد ولى الزمن الذي كنا ندعم فيه الدكتاتوريات والانظمة العسكرية"، مؤكدا ان "الربيع العربي واقع حقيقي". واكد غراهام انه ينوي مع زميله "التباحث مع العسكر والقادة السياسيين بمن فيهم الاخوان المسلمين". واعلن في برلين ان وزير الخارجية غيدو فسترفيلي سيبدا مساء الاربعاء زيارة الى القاهرة بحسب المتحدث باسمه يلتقي خلالها الحكومة والمعارضة وسيطالب خلالها ب "عودة سريعة" للديمقراطية. واضاف المتحدث ان فسترفيلي "سيدعو جميع مخاطبيه الى عودة سريعة الى وضع دينقراطي شرعي". وكانت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل التي استقبلت مرسي نهاية كانون الثاني/يناير الماضي ، طالبت بالافراح عنه. وفي بروكسل قال مايكل مان المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي ان اشتون "طلبت من بيرناردينو ليون (الممثل الخاص للاتحاد الاوروبي لمنطقة جنوب المتوسط) العودة الى مصر لمواصلة العمل مع كافة الاطراف" لايجاد حل للازمة. واضاف ان جهود الاتحاد الاوروبي تهدف الى "تسهيل التوصل الى عملية سياسية شاملة وكاملة" مكررا بذلك ما قالته اشتون الثلاثاء في القاهرة. وكان محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية اكد الثلاثاء في مؤتمر صحافي مع اشتون "ان ما بعد 30 يونيو/حزيران هو مرحلة جديدة تعتبر تصحيحا لمسار ثورة 25 يناير" 2011" مضيفا ان "مرسي اخفق خلال الفترة الماضية في ادارة العملية السياسية" ولا دور له في المرحلة المقبلة مستدركا مع ذلك "الا ان ذلك لا يعني اقصاء الاخوان من العملية السياسية في مصر". وفي الاثناء يستمر الشد بين سلطات "ثورة 30 حزيران/يونيو" من جهة والاخوان وحلفائهم من القوى الاسلامية من جهة اخرى. ويتواتر استخدام عبارة "ثورة 30 يونيو" هذه الايام في مصر خصوصا على لسان القادة الجدد للبلاد وضمنهم تحديدا الرئيس المؤقت عدلي منصور ووزير الدفاع الفريق اول عبد الفتاح السيسي ووزير الداخلية محمد ابراهيم. كما تكثف وسائل الاعلام الخاصة والعامة من بث صور رجل مصر القوي قائد الجيش عبد الفتاح السيسي واناشيد تمجد القوات المسلحة. وتحدث البرادعي الثلاثاء عن ان 30 يونيو "تصحيح" لثورة 25 يناير 2011. وهو يشير الى تظاهرات صخمة شهدتها مصر في ذلك اليوم للمطالبة برحيل مرسي وتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة. وفي الثالث من تموز/يوليو تولى الجيش عزل مرسي وتعطيل الدستور ،واعلن عن خارطة مستقبل تشمل بالخصوص تشكيل حكومة انتقالية وتعديل الدستور وتنظيم انتحابات تشريعية في بداية 2014 تليها انتخابات رئاسية. ويستمر الاخوان في اعتصامهم بميدانين في القاهرة وبتسيير المسيرات للمطالبة ب "عودة الشرعية" وللتنديد ب "الانقلاب العسكري الدامي". وبعد ان اعلنوا وحلفاءهم منذ صباح الاثنين عن تنظيم "مليونية" الثلاثاء ، نظمت مسيرات الليلة الماضية شارك فيها بضعة آلاف في القاهرة. ويشير ذلك ربما الى ضعف وتراجع قدرة التعبئة في الشارع او الى مناورة سياسية ترتبط بالمباحثات الجارية او ربما ببساطة بان الايام الاخيرة من رمضان هي كل ما تبقى للمصريين للاحتفاء بهذا الشهر الكريم هذا العام. ويفضل الكثير من سكان الارياف المناصرين للاسلاميين امضاء ايام رمضان الاخيرة بين الاهل. وتحت عنوان "لا تهميش ولا اقصاء" كتبت صحيفة الاهرام الحكومية "ربما كان من اهم ما صرحت به كاترين اشتون (..) ان المصريين هم الذين سيقومون بحل مشكلاتهم بانفسهم". واضافت "اذا كان فصيل الاخوان المسلمين قد فشل في +سنة اولى حكم+ بعد ان منحه الشعب هذه الفرصة، فان ذلك لا يعني اقصاؤه وعزله وتهميشه (..) وعلى الجانب الاخر فانه على الاخوان وجميع اطياف التيار الديني ان يعترفوا بهزيمتهم السياسية ما دامت الملايين قد خرجت تقول لهم لا" الجمعة الفائتة. وتابعت الاهرام "ان هذا الاعتراف لا يعني نهاية الحياة وعليهم ان يبدأوا من جديد وقد تعلموا من التجربة اما ان نستمر في العناد وتصليب الدماغ فلن تكون النتيجة سوى المزيد من القتلى".