اعلن الفاتيكان الجمعة ان البابا فرنسيس قرر الدعوة الى مجمع بشأن اعلان قداسة اثنين من الباباوات السابقين هما يوحنا بولس الثاني ويوحنا الثالث والعشرون. وكما كان متوقعا، يحقق كارول فويتيلا الذي تولى السدة البابوية بين عامي 1978 و2005، رقما قياسيا اثر انهاء مسيرة اعلانه طوباويا ثم قديسا في غضون ثماني سنوات فقط بعد وفاته. وقد هتف محبو هذا البابا البولندي الراحل يوحنا بولس الثاني "سانتو سوبيتو" (اعلنوه قديسا فورا) منذ يوم تشييعه مطلع نيسان/ابريل 2005، في حين درجت العادة ان تستغرق عملية اعلان القداسة سنوات طويلة قد تصل الى عقود عدة. وقال الراهب المكسيكي خيسوس مانويل ردا على سؤال لفرانس برس تي في من ساحة القديس بطرس في الفاتيكان "في قلوب المؤمنين هو قديس الان". من جانبه قال فيليبي المرشد السياحي الكولومبي "فويتيلا كان قديسا منذ ان كان بابا". لكن المفاجأة جاءت في اعلان البابا الارجنتيني فرنسيس عزمه تقديس البابا الذي يعتبره بلا شك الاقرب اليه: يوحنا الثالث والعشرون. وغالبا ما يعتبر هذا البابا الملقب ب"البابا الطيب" واسمه الاصلي انجيلو جوزيبي رونكالي (بابا بين عامي 1958 و1963)، عراب تجديد الكنيسة الكاثوليكية بعد اطلاقه المجمع الفاتيكاني الثاني الذي رسم خطوطا تحديثية للكنيسة: التخلي عن اللغة اللاتينية وعن الارتداء الاجباري للغفارة، لكن ايضا حرية المعتقد والانفتاح على الديانات الاخرى وعلى غير المؤمنين. وعلق طالب لاهوت ايطالي قائلا ان "تدخله في الكنيسة طبع مرحلة بكاملها". وبدأ البابا الارجنتيني خورخي برغوليو الاتي من "اخر اصقاع الارض" نوعا من الثورة في الكنيسة من خلال قيامه باصلاحات في الكوريا الرومانية (الجهاز الإداري والتنفيذي والاستشاري الذي يساعد البابا في الفاتيكان) وللنفقات في حاضرة الفاتيكان، وهو ما اثار تحفظات حتى لدى كبار مسؤولي الكرسي الرسولي. وفي مؤشر الى اصرار البابا الجديد على اعلان قداسة هذين البابوين بشكل متزامن، وافق البابا فرنسيس على اعلان قداسة البابا يوحنا الثالث والعشرين حتى من دون ان تنسب اليه اي معجزة، وهو امر نادر في الكنيسة. ولم يتم تحديد موعد اعلان قداسة البابوين الا ان ذلك قد يحصل "قبل نهاية العام" وفق المتحدث باسم الفاتيكان الاب فيديريكو لومباردي. وبحسب مصادر وكالة "اي ميديا" الفاتيكانية، فإن اعلان قداسة البابوين بوقت متزامن من شأنه ان يخفف الجدل بشأن السرعة الكبيرة في اعلان قداسة البابا البولندي الذي طبع بلا شك التاريخ الحديث خصوصا لناحية سقوط الشيوعية، لكن ايضا يدور بعض اللغط حيال ادائه خصوصا في ادارة الكوريا الرومانية وفضائح التحرش الجنسي بالاطفال لدى الكهنة. وقد يكون السبب الاخر لاعلان قداسة البابوين بشكل متزامن هو قرب شخصية البابا فرنسيس من البابا يوحنا الثالث والعشرين المعروف بابتسامته ونباهته. ويظهر جليا التباين بين البابا الارجنتيني الحالي الذي اظهر خلال الاشهر القليلة التي مرت على انتخابه قربا من المؤمنين خلال تنقلاته عبر سيارة "البابا موبيل" البابوية وكلماته المرتجلة ولغته المباشرة والمبسطة، بالمقارنة مع الخجل والجدية التي طبعت شخصية سلفه المبحر في اللاهوت البابا الفخري بنديكتوس السادس عشر. لكن مع ذلك، لا يوجد تباين عقائدي بين الرجلين اللذين يتعايشان في اصغر دولة في العالم منذ الاستقالة التاريخية للبابا الالماني والتي فاجأت العالم في شباط/فبراير الماضي. وخير دليل على ذلك الرسالة البابوية المنشورة الجمعة من جانب البابا فرنسيس الذي استعاد واكمل النسخة الاولى المكتوبة من جانب البابا الفخري جوزف راتسينغر. ويؤكد البابا فرنسيس في رسالته "لومن فيديي" (نور الايمان) ان الايمان يخدم "الصالح العام"، مكررا معارضة الفاتيكان لزواج المثليين. كما يشدد البابا الارجنتيني في هذه الرسالة على ان الايمان لا يزال يصلح لعصرنا الحالي. ففي مواجهة الشعور السائد بشكل كبير خصوصا في المجتمعات الغربية بان الايمان بات شأنا من الماضي، يؤكد البابا فرنسيس ان هذا الاعتقاد "وهم" مشددا على العكس ان الايمان يضيء "الحاضر". وهي المرة الاولى خلال الفي عام من تاريخ الكنيسة يسترجع فيها البابا عملا خاضه بشكل كبير سلفه الذي لا يزال حيا. وكتب البابا فرنسيس "آخذ على عاتقي عمله الثمين، مضيفا الى النص بعض المساهمات اللاحقة". هذا والتقى الرجلان صباح الجمعة في حدائق الفاتيكان، لمناسبة تدشين تمثال برونزي جديد لرئيس الملائكة ميخائيل. وقام خورخي برغوليو بتقبيل جوزف راتسينغر الذي "دعاه شخصيا" الى هذه المراسم، في شكل من التكريم بالتزامن مع نشر الرسالة البابوية والتوجه لاعلان قداسة البابوين يوحنا بولس الثاني ويوحنا الثالث والعشرين. ملي/جك/ج ب