دبي (رويترز) - تميز الرئيس الايراني المنتخب بنبرته التصالحية في المحادثات النووية التي اجراها مع القوى العالمية ليتقلد حسن روحاني المعتدل منصبه حاملا امال الاصلاحيين الساعين لقدر أكبر من الحريات الاجتماعية وانتهاج سياسة خارجية تحقق مصلحة البلاد. ويرجح ان ترحب القوى العالمية بروحاني خلفا للرئيس المتشدد الحالي محمود أحمدي نجاد أملا في انتهاجه سبلا سلمية لانهاء حدة المواجهة المتصاعدة بسبب برنامج إيران النووي. واندهش كثيرون لفوز روحاني بنسبة تجاوزت 50 بالمئة بقليل في الانتخابات التي جرت يوم الجمعة حسب وزارة الداخلية إذ ان النتيجة تعد جيدة نظرا لفوزه من الجولة الأولى على منافس محافظ قريب من الزعيم الأعلى ايه الله علي خامنئي. واهتم روحاني في برنامجه باصلاح العلاقات الخارجية لإيران واقتصاد البلاد الذي اضرت به العقوبات ودعا لوضع ميثاق للحقوق المدنية. وساهم ذلك في جذب عدد كبير من الايرانيين الذين يحرصون على تعددية سياسية أوسع في الداخل وانهاء عزلة الجمهورية الإسلامية في الخارج. وبفضل عمله كمفاوض يسعى للتوفيق بين الاطراف انتزع روحاني اصوات الناخبين من الداعين للاصلاح ممن كممت افواههم طيلة سنوات كما انه يستطيع التعاون جيدا مع خامنئي نظرا لسجله النظيف في المؤسسة الدينية الإيرانية. وضعفت قبضة خامنئي في 2009 حين نزل ملايين الإيرانيين إلى الشوارع للاحتجاج بسبب مزاعم تزوير نتائج الانتخابات التي منحت احمدي نجاد فترة ولاية رئاسية ثانية من الجولة الاولي. واخمدت قوات الامن الاحتجاجات التي استمرت عدة اشهر وسقط خلالها قتلى. وكان يعتقد ان خامنئي - صاحب القول الفصل في السياسات المهمة للدولة مثل الامن والبرنامج النووي - يرغب في ان يكون الفوز من نصيب متشدد موال له على ان يكون ساحقا بما لا يدع اي مجال للشك هذه المرة. غير ان تريتا بارسي المحلل الايراني المقيم في الولاياتالمتحدة ذكر ان فوز روحاني المدوي اظهر ان ميزان القوة الجديد في ايران بات اكثر تعقيدا مما كان يعتقد البعض. وكتب في تعليق من خلال البريد الالكتروني "رغم استمرار سيطرة المتشددين على المفاصل الرئيسية للنظام السياسي الا ان المعتدلين والاصلاحيين اثبتوا انهم قادرون على الفوز بفضل الدعم الجماهيري حتى في ظل ظروف غير مواتية." ونجح روحاني في حشد اصوات ابناء الطبقة المتوسطة والشبان في الحضر ممن عانوا على مر اعوام من حملات امنية احبطت اي معارضة. وخرج انصار الرئيس السابق محمد خاتمي عن صمتهم ليساندوا روحاني في وقت سابق من الشهر الجاري عقب انسحاب مرشحهم من السباق الذي هيمن عليه انصار خامنئي المحافظون. واكتسب روحاني زخما اكبر بفضل مساندة الرئيس الاسبق على أكبر رفسنجاني بعد استبعاد الاخير من سباق الرئاسة في الشهر الماضي. وتعهد روحاني بوضع ميثاق للحقوق المدنية وتطبيقه وانتهاج سياسة خارجية تقوم على "التفاعل البناء مع العالم" ودافع عن حقوق المرأة والاقليات العرقية. ورأس روحاني (64 عاما) المجلس الأعلى للأمن القومي خلال رئاسة رفسنجاني الذي يتسم ببراجماتية نسبية وبراعة في العمل السياسي الواقعي وخاتمي الذي أجرى اصلاحات اجتماعية وسياسية واسعة النطاق عرقلها متشددون في مواقع بارزة بالمؤسسة الدينية وقادة الحرس الثوري. وترأس روحاني محادثات مع بريطانا وفرنسا وألمانيا شهدت موافقة إيران خلالها على تعليق انشطة تتصل بتخصيب اليورانيوم في عام 2003 لحين اجراء مزيد من المفاوضات بشان امتيازات تجارية ودبلوماسية لإيران لكن غياب الثقة بين الطرفين اعاق التنفيذ في نهاية المطاف. واستقال من منصبه بعد تقلد احمدي نجاد السلطة في 2005 واستأنفت ايران تخصيب اليورانيوم بل توسعت فيه. ووجهت اتهامات لروحاني بانه شديد المهادنة في المفاوضات وحاول منافسوه المتشددون استغلال هذه الانتقادات. وشن روحاني هجوما مضادا عنيفا في مقابلة مع التلفزيون الايراني في 27 مايو أيار الماضي ووصف محاوره بانه "جاهل" حين قال إن برنامج ايران النووي توقف خلال ترأسه للمفاوضات. وقال روحاني "هذا كذب" مشيرا إلى أن ايران واصلت احراز تقدم في الخبرات النووية خلال رئاسته للمجلس الاعلى للامن القومي مضيفا أنه جنب البلاد تهديدات اسرائيل والولاياتالمتحدة بمهاجمة مواقع نووية. وتابع "منعنا الهجوم على إيران تذكروا الظروف الحساسة في ذلك الوقت... اخضع (الجيش الامريكي) افغانستان واحتل العراق. وظن ان الدور سيأتي على ايران في اليوم التالي او بعد ذلك." ولا يشكك احد في الماضي الثوري لروحاني اذ كان عضوا نشطا في المعارضة التي اطاحت بشاه ايران في عام 1979. ولا يزال روحاني عضوا في المجلس الاعلى للامن القومي ومجلس تشخيص مصلحة النظام ومجلس الخبراء والاخيران مجلسان استشاريان نافذان. وحسب سيرته الذاتية الرسمية حظى روحاني بخبرة عسكرية إذ شغل عدة مناصب بارزة ابان الحرب مع العراق في الفترة من عام 1980 إلى 1988 من بينها قيادة القوات الجوية. ويتبنى روحاني اراء وسطية يشاركه فيها الرئيس السابق رفسنجاني حليفه المقرب. وأشار روحاني الى انه لن يخوص الانتخابات في حالة مشاركة رفسنجاني لكن مجلس صيانة الدستور استبعد رفسنجاني إذ كان من شأنه ان يمثل أكبر تهديد لمكانة خامنئي. وخلال ولايتي الرئيس احمدي نجاد تصاعدت حدة الخلافات مع الغرب بشأن البرنامج النووي لايران وفرضت الولاياتالمتحدة واوروبا عقوبات على البنوك والنفط الايراني. وادي تشديد العقوبات الدولية لانخفاض حاد في قيمة العملة الايرانية وضاعف من تاثيرها ما يصفه منتقدو احمدي نجاد بسوء إدارته للاقتصاد. وتحسر روحاني على حال الاقتصاد في البلاد ولمح إلى انه يرجع في جزء منه لعزلة إيران المتزايدة نتيجة تعنتها في الخلاف النووي مع الغرب وتعهد بتشكيل حكومة تتسم "بالحكمة وتبث الأمل" في حالة انتخابه. وقال في مقابلة مع تلفزيون الدولة في الاونة الاخيرة "اذا نظرنا الى حال البلاد والمشاكل في الريف والحضر والصغار والكبار والطلبة.. الجميع يعلم المشاكل والقضايا الاجتماعية في حياتنا اليومية. هل توجد اسرة لم تتضرر من البطالة؟" من ماركوس جورج